اليوم الثاني عشر
بقلم الأب روبير معماري الأنطوني
روما، الجمعة 26 فبراير 2010 (zenit.org). – . – لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. وبَدَأَ يُحَاسِبُهُم، فَأُحْضِرَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ لَهُ بِسِتِّينَ مَلْيُونَ دِيْنَار. وإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ، أَمَرَ سَيِّدُهُ بِأَنْ يُبَاعَ هُوَ وزَوْجَتُهُ وأَوْلادُهُ وكُلُّ مَا يَمْلِكُ لِيُوفِيَ الدَّيْن. فَوَقَعَ ذلِكَ العَبْدُ سَاجِدًا لَهُ وقَال: أَمْهِلْنِي، يَا سَيِّدِي، وأَنَا أُوفِيكَ الدَّيْنَ كُلَّهُ. فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ العَبْدِ وأَطْلَقَهُ وأَعْفَاهُ مِنَ الدَّيْن. وخَرَجَ ذلِكَ العَبْدُ فَوَجَدَ وَاحِدًا مِنْ رِفَاقِهِ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِيْنَار، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وأَخَذَ يَخْنُقُهُ قَائِلاً: أَوْفِنِي كُلَّ مَا لِي عَلَيْك. فَوَقَعَ رَفِيْقُهُ عَلى رِجْلَيْهِ يَتَوَسَّلُ إِليْهِ ويَقُول: أَمْهِلْنِي، وأَنَا أُوفِيْك. فَأَبَى ومَضَى بِهِ وطَرَحَهُ في السِّجْن، حَتَّى يُوفِيَ دَيْنَهُ. ورَأَى رِفَاقُهُ مَا جَرَى فَحَزِنُوا حُزْنًا شَدِيْدًا، وذَهَبُوا فَأَخْبَرُوا سَيِّدَهُم بِكُلِّ مَا جَرى. حِينَئِذٍ دَعَاهُ سَيِّدُهُ وقَالَ لَهُ: أَيُّهَا العَبْدُ الشِّرِّير، لَقَدْ أَعْفَيْتُكَ مِنْ كُلِّ ذلِكَ الدَّيْن، لأَنَّكَ تَوَسَّلْتَ إِليَّ. أَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَرْحَمَ رَفيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنا؟! وغَضِبَ سَيِّدُهُ فَسَلَّمَهُ إِلى الجَلاَّدين، حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا عَلَيْه. هكَذَا يَفْعَلُ بِكُم أَيْضًا أَبي السَّمَاوِيّ، إِنْ لَمْ تَغْفِرُوا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُم لأَخِيْه، مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُم».
تأمل:
يدعونا هذا الإنجيل الى التأمل برحمة الله لنا ويحثنا على رحمة الآخرين كما رُحِمنا نحن. ” لَقَدْ أَعْفَيْتُكَ مِنْ كُلِّ ذلِكَ الدَّيْن، لأَنَّكَ تَوَسَّلْتَ إِليَّ. أَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَرْحَمَ رَفيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنا”. هذه الكلمات تستوقفنا وتجعلنا نفكّر هل نحن بالفعل رحومين تجاه بعضنا البعض؟.
إنّ العبد كان مديوناً لسيّده بمبلغٍ باهظٍ قدره ستّين مليون دينار. وإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ أتى الى سيّده وطلب الاسترحام فرحمه السيّد.
لا يختلف حالنا عن حال هذا العبد كوننا أناسٌ خطاة مديونون بالكثير لربّنا. رغم ذلك رحمنا الرب وغفر لنا بموته عنّا ومنحنا فرصة حياةٍ جديدة. ألا يجدر بنا أن نرحم الآخرين كما رحمنا الله.
فليكن معلوماً لدينا أنّه إذا رحمنا الله فذلك لا لإستحقاقنا بل لأنّه رؤوفٌ ورحوم ومحبّ للبشر. يقول اسحق النينوي: “إذا كُنتَ تتحمّل الخاطئ يا ربُّ، إنّك تتحمّله لأجل طيبتك”(خِطَبْ عن الزهد). فلنكن على رأيي الرب يسوع محبّين ورحومين.
“ليصفح بعضنا عن بعض كما صفح الله عنّا بالمسيح” (القديس بولس)، وهكذا نستطيع أن نصلّي دائماً ونقول: “إغفر لنا خطايانا كما نحن غفرنا لمن أساء إلينا”.