الفاتيكان، الخميس 11 فبراير 2010 (Zenit.org). – المسيحي يتمتع دومًا بجنسية مزودجة: فهو مواطن الأرض ومواطن السماء. هو عضو فاعل وأمين في المجتمع، وهو أيضًا شخص مسؤول في مدينة الله. هذا ما قاله الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا في محاضرة بـعنوان "المسيحية: حضور غريب أو ركيزة الغرب؟"

انطلق الكاردينال في محاضرته من الحديث عن ثلاث نقاط جوهرية في إرث المسيحية في الغرب: التماسك الخلقي، مفهوم البشرية كعائلة متحدة وشاملة، وفكرة الحرية التي تجعل الإنسان شبيهًا بالله وتشكل غنى الكائن البشري.

وتساءل عن مدى صحة ادعاء التاريخ الحديث: هل صحيح أن الإنسان المعاصر قد توصل إلى حريته محاربًا الكنيسة؟ هل صحيح أن عصر الأنوار هو الذي حمل الحرية وكرامة الإنسان بدل المسيحية؟  - واعتبر الكاردينال أن هذه الأطروحات ليست صحيحة. فالمسيحية هي التي وضعت أسس الحرية والكرامة التي ورثها عصر التنوير.

وشرح الكاردينال أن القسم الأكبر من الكنائس الأولى نشأت في العالم اليوناني-الروماني، ولذا تستطيع المسيحية أن تقدم نفسها كبديل هام في العالم المعلمن. فحالتها هي بحد ذاتها مفارقة: من ناحية تبدو جسمًا غريبًا في الغرب، من ناحية أخرى هي بيت يحن إليه الكثيرون.

وفي أوروبا، بعد أن يعيش العديد من الأشخاص في حالة علمانية تامة، يعودون أدراجهم إلى الإيمان المسيحي، واصفين رجوعهم كـ "عودة إلى البيت الأبوي".

واستشهد الكاردينال بالقديس أغوسطينوس الذي يتحدث عن جنسية مزودجة في حياة المسيحي. فهو مواطن الأرض ومواطن السماء. هو عضو فاعل وأمين في المجتمع، وهو أيضًا شخص مسؤول في مدينة الله.

هذا الوعي للجنسية المزدوجة يجعل المسيحية بغيضة للأنظمة التوتاليتارية، لأن المسيحية هي ديانة حرة.

وهذه الحرية هي بحسب الكاردينال شونبورن ما تستطيع المسيحية أن تقدمه لأوروبا اليوم.

من ناحية أخرى سلط الكاردينال الضوء على العلاقة القائمة بين العولمة والمسيحية، إذ تمثل هذه العلاقة بالنسبة للمسيحية أيضًا مناسبة للتطهير والنضوج: "المسيحية هي أيضًا بحاجة لصوت أوروبا العلمانية النقدي، الذي يطرح مسائل صعبة، وأحيانًا محرجة، ولكنها أسئلة لا يجب تجاهلها".