نظرة إلى الجمال اللاهوتي

انفتاح الشخص البشري على الحب (13)

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

روما، الأربعاء 18 أغسطس 2010 (Zenit.org). – يقوم حب الله في موضوعيه ككلية صادقة وموثوقة ليس فقط لأن حب الله في المسيح “يحب حتى النهاية”، بل لأنه أيضًا قادر على الانتصار على الأعداء الحقيقيين: الخطيئة والموت. فالمسيح يتجلى كـ “أجمل بني البشر، الذي تفيض النعمة على شفتيه (راجع مز 44، 3) ويشرح الكاردينال راتسنغر (بندكتس السادس عشر) هذه الآية بالقول: “النعمة التي تفيض على شفتي المسيح هي دليل على البهاء الداخلي في كلمته، وعلى مجد بشراه. وعليه لا ينال المجد فقط الجمال الخارجي لظهور الفادي، بل ما يجذبنا إليه هو جمال حقيقة الله التي تجرحنا بجرح الحب، وتشعل فينا توق الإيروس المقدس إلى اللقاء به، مع الكنيسة العروس، في جو الحب الذي يدعونا” (J. Ratzinger, “La bellezza, nostalgia di Dio” in Avvenire, 20 aprile 2005).

وعليه فجمال المسيح هو جمال لاهوتي  يبقى حتى في أصعب اللحظات حيث يزول كل بهاء خارجي، إذ يقول فيه أشعيا متنبئًا: “لا صورة ولا بهاء له حتى ننظره” (أش 53، 2)، وذلك لأنه في صلب آلامه، وفي غياب المقياس والتناغم، اللذين هما مقياس الجمال في الفلسفة الإغريقية والوسيطية، يبقى المسيح “أجمل بني البشر”، لا بل يعيد إلى الخليقة جمالها إذ يغسلها بجرحه من أدناس الأنانية والانغلاق على الله في أتون حبه وغفرانه، ولذا نحن ننظر إلى المسيح المصلوب، ننظر إلى الذي طعنّاه لأنه هو وحده عنده كلام الحياة الأبدية.

من يؤمن بالمسيح يدرك أن “جمال الحقيقة يقبل الإهانة، الألم، وأيضًا سر الموت الغامض؛ الحقيقة يمكن إيجادها فقط في قبول الألم، لا في تجاهله” (راتسنغر، المرجع نفسه). يبين لنا يسوع أن الحقيقة جميلة وصالحة لأن الحقيقة الكبرى هي حب الله “الذي يعرف أن يحول سر الموت الغامض في نور القيامة المشع. يتخطى بريق مجد الله كل أشكال الجمال الأرضية. الجمال الحقيقي هو حب الله الذي ظهر لنا بشكل نهائي في السر الفصحي” (بندكتس السادس عشر، إرشاد رسولي ‘سر المحبة‘، عدد 35).

هذا هو الجمال الذي سيخلص العالم، جمال حقيقي وملموس، لا جمال جمالي رومنطيقي مبتذل. المسيح هو الجمال في المسيحية لأنه في المسيح نجد ملء وحقيقة الوجود البشري. في نور بهائه، الذي يعانق الأمل، الصمت وظلمة الصليب، يجد سر الإنسان نورًا كافيًا (راجع فرح ورجاء، 22).

المسيح لم يقدم أجوبة على كل تساؤلات البشرية، ولم يقدم حلولاً لكل مشاكل العالم، المسيح قدم ذاته طريقًا، حقًا، وحياةً (راجع يو 14، 6).

يقوم المسيح في تغيير معالم ومقاييس الجمال الدنيوي، فجماله هو انفجار حب وقداسة ونور حياة في قلب الكره، الخطيئة وظلام الموت.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير