روما، الاثنين 23 أغسطس 2010 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي نهار الأحد 22 أغسطس في المقر البابوي في كاستل غاندولفو.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

بعد ثمانية أيام من عيد صعود مريم إلى السماء، تدعونا الليتورجيا إلى تكريم الطوباوية مريم العذراء بلقب "السلطانة". نتأمل أم المسيح المكللة من قبل ابنها أي الشريكة في ملكه الشامل كما تظهرها عدة فسيفساءات ورسوم. هذه السنة أيضاً، يصادف هذا العيد نهار أحد مكتسباً بذلك نوراً أكبر من كلمة الله ومن احتفال الفصح الأسبوعي. وبنوع خاص، تجد أيقونة مريم العذراء السلطانة تشبيهاً بليغاً في إنجيل اليوم عندما يقول يسوع: "فإذاً آخرون يصيرون أولين، وأولون يصيرون آخرين" (لو 13، 30). إنه تعبير نموذجي للمسيح ينقله الإنجيليون مرات عديدة – بصيغ مشابهة – لأن ذلك يعكس بالتأكيد شعاراً عزيزاً على إرشاده النبوي. العذراء هي خير مثال على حقيقة إنجيلية مشابهة هي أي أن الله ينزل متكبري هذا العالم ومقتدريه عن عروشهم ويرفع المتواضعين (لو 1، 52).

لقد أصبحت الشابة الناصرية الصغيرة والبسيطة سلطانة العالم! إنها إحدى الآيات التي تظهر قلب الله. بشكل طبيعي، تتعلق ملكية مريم بالكامل بملكية المسيح: إنه الرب الذي رفعه الآب، بعد ذل الموت على الصليب، فوق كل المخلوقات في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض (في 2: 9، 11). من خلال تدبير من النعمة، أصبحت الأم الطاهرة شريكة في سر ابنها: في تجسده؛ في حياته على الأرض المتخفية أولاً في الناصرة والظاهرة لاحقاً في الخدمة المسيحية؛ في آلامه وموته؛ وختاماً في مجد القيامة والصعود إلى السماء. لقد شاطرت الأم ابنها ليس فقط الجوانب الإنسانية لهذا السر وإنما أيضاً بعمل الروح القدس فيها، النية العميقة، المشيئة الإلهية، بحيث رفع كل وجودها البسيط والمتواضع وتبدل ومُجد من خلال "الباب الضيق" أي يسوع عينه (لو 13، 24). أجل، مريم هي الأولى التي عبرت "الطريق" التي فتحها المسيح للدخول إلى ملكوت الله، الطريق المتوفرة للمتواضعين ولجميع الواثقين بكلمة الله والملتزمين بتطبيقها.

في تاريخ المدن والشعوب المبشرة من خلال الرسالة المسيحية، تتعدد شهادات التكريم العام المرتبطة في بعض الحالات بملكية مريم العذراء. لكننا اليوم نريد أن نجدد كأبناء الكنيسة تفانينا لتلك التي تركها لنا يسوع أماً وسلطانة. فلنوكل إلى شفاعتها الصلاة اليومية من أجل السلام، بخاصة حيث يعيث منطق العنف العبثي فساداً؛ لكيما يقتنع جميع البشر أنه ينبغي علينا في هذا العالم أن نساعد بعضنا البعض كإخوة لنبني حضارة المحبة. يا مريم، سلطانة السلام، صلي لأجلنا!

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2010