بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الاثنين 23 أغسطس 2010 (Zenit.org). – وجه البابا بندكتس السادس عشر رسالة إلى منظمي لقاء الصداقة بين الشعوب والمشاركين فيه في ريميني الذي بلغ دورته الحادية والثلاثين. يستمر اللقاء من 22 إلى 28 أغسطس الجاري، وهو حول موضوع “تلك الطبيعة التي تدفعنا إلى اشتهاء الأمور العظيمة هي القلب”. تحمل الرسالة توقيع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال ترشيسيو برتوني.
يتوجه البابا في الرسالة إلى أسقف ريميني فرنشسكو لامبيازي معبرًا عن فرحه لهذا اللقاء الذي يعبر في عنوانه عما يكمن في قلب كل إنسان من توق إلى البحث عما يجيب عن حاجاته العميقة.
يكتب البابا: “كل إنسان يحدس أنه فقط من خلال تحقيق الرغبات العميقة الكامنة في قلبه يستطيع أن يجد إمكانيات تحقيق ذاته، واكتمال ذاته، وتحقيق ذاته فعلاً”.
ويوضح أن الإنسان “لا يستطيع أن يجيب بذاته عن حاجاته” وبِغَضّ النظر عن كل ما يفعله لكي يضحي مكتفيًا بذاته، فهو يختبر أنه بحاجة إلى الانفتاح على الآخر، شيئًا كان أو شخصًا، يهبه ما ينقصه.
“وكما يشير عنوان اللقاء، لا كل شيء هو غاية القلب الأخيرة، بل فقط الأمور العظيمة. فالإنسان يعيش تجربة أن يتوقف على الأمور الصغيرة، تلك التي تعطي اكتفاءً أو لذة رخيصة”، وهذا الأمر استعمله الشيطان عندما جرب يسوع بتجربة الخبز، فكان جواب يسوع: “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله” (مت 4، 4).
وحده الله يكفي. وحده يشبع جوع الإنسان العميق. من وجد الله وجد كل شيء. وقد أدرك هذا الأمر القديس أغسطينوس عندما كتب: “لقد خلقتنا لك يا رب، وسيظل قلبنا قلقًا مضطربًا حتى يرتاح فيك” (اعترافات، 1، 1).
ويتابع البابا في الرسالة: “لقد جاء الله إلى العالم لكي يوقظ فينا العطش إلى الأمور العظيمة”. نرى هذا الأمر في صفحة الإنجيل التي تتحدث عن لقاء يسوع بالسامرية. يسوع يأتي إلى لقاء المرأة تعبًا منهوكًا، عطشًا، ثم يقدم لها رويدًا رويدًا الماء الحي، وبهذا الشكل يفسح مجالًا في قلبها لقبوله. ويعلق أغسطينوس على هذا الإنجيل: “ذاك الذي كان يطلب أن يشرب كان عطشانًا لإيمان تلك المرأة” (تعليق على إنجيل يوحنا 15، 11). “الله عطشان لعطشنا إليه”.
ثم قدم البابا خبرة تلميذي عماوس اللذين عاشا الخبرة نفسها مع يسوع. فهو الرب الذي يجعل قلبيهما يتقدان في أحشائهما، ويحول حزن المسيرة إلى فرح. يطلب التلميذان إلى يسوع أن يبقى معهما بعد أن شعرا بالرجاء الذي يشع منه وهذا – بحسب ما يشرح البابا – هو تعبير عن التوق إلى الأمور العظيمة.
ثم قدم البابا بإيجاز تعليم الآباء حول الصلاة، إذ يعتبر معلمو الكنيسة الأولون الصلاة “ليست إلا تحول إلى توق حارق إلى الرب”. فالقديس أغسطينوس يصف الصلاة بالتعبير عن التوق والله يجيب على هذه الصلاة من خلال توسيع قلوبنا نحوه: “الله يوقظ فينا التوق، يوسع نفوسنا< وإذ يوسع نفوسنا يجعلها قادرة على قبوله" (تعليق على رسالة يوحنا الأولى، 4، 6).
هذا وذكر بندكتس السادس عشر في ختام رسالته “دون جوساني” مؤسس حركة “شركة وتحرير” التي ترعى اللقاء مؤكدًا صلاته لهذا التجمع.