البيان الختامي لمجمع المطارنة الموارنة

بكركي، الاثنين 13 يونيو 2011 (ZENIT.org). – في الأسبوع السابق للعنصرة، وفي أنوار الروح القدس، وبرئاسة صاحب الغبطة مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكليّ الطوبى، وبمشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير الكليّ الطوبى، اجتمع، في الصرح البطريركيّ في بكركي، من الخامس من حزيران حتى الحادي عشر منه، أصحاب السيادة، مطارنة الكنيسة المارونيّة، المقيمون في لبنان والوافدون إليه من أبرشيات النطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار: سوريا والأراضي المقدسة ومصر وقبرس وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك والأرجنتين والبرازيل وأوستراليا. وقام الآباء المجتمعون برياضتهم الروحيّة التي ألقى مواعظها الأب مارون مبارك، المرسل اللبنانيّ، تحت عنوان “أسقف سنة 2012″؛ وعقدوا مجمعهم السنويّ الذي استهلّوه بالصلاة لراحة نفس المثلثَي الرحمة المطرانَين فرنسيس الزايك ويوسف محفوظ، وتدارسوا المواضيع المدرجة على جدول الأعمال والتي تناولت خصوصاً القضايا الكنسيّة، الرعويّة منها والاجتماعيّة والاداريّة وتطرّقوا إلى القضايا الوطنيّة. وفي ختام المجمع أصدروا البيان التالي:

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

1 – في كلمة الافتتاح، وبعد أن وجّه غبطة السيّد البطريرك إلى آباء السينودس شكره على انتخابهم إيّاه أبًا ورأسًا للكنيسة المارونيّة، وعبّر باسمهم عن تقدير الجميع لصاحب الغبطة والنيافة مار نصرالله بطرس صفير واعتزاز الكلّ بقيادته الحكيمة والمحبة، طلب تأييد الروح القدس لآباء المجمع كي يحسنوا قراءة علامات الازمنة ويدركوا ارادة الله، ويعملوا بها، موكلاً الجميع إلى شفاعة مريم وحمايتها في هذا الظرف الدقيق من تاريخ المنطقة. وبعد أن عرض غبطته جدول أعمال المجمع، تمنّى ان تأتي مقرّراته وتوصياته على قدر الانتظارات والآمال المعلّقة عليه.

2 –عكف الآباء أولاً على دراسة تقرير اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة ، فأثنوا على عمل اللجنة وأعربوا عن ارتياحهم للإنجازات الأخيرة وأهمها رتبة سرّ التوبة. ولفت الآباء بالمناسبة إلى أهميّة وضع هذا السرّ في موقعه الأساسي في الكنيسة. كما أشاروا إلى ضرورة القيام بالمصالحات في الرعايا وحيث يجب. وتمنّوا على أبنائهم العودة إلى نقاوة الإنجيل لنكون فعلاً من أبناء الملكوت.

وللمحافظة على الهويّة والوحدة الكنسيّة، في بلاد الانتشار، رحّب الآباء بالترجمات الجديدة عن النص السرياني الأصلي لكتاب القداس وكتب الاسرار والرتب والتي نقلت إلى اللغات المحليّة. وعلم الآباء أن هناك المزيد من الاصدارات الطقسية في الآتي من الأيّام، مما يساعد المؤمنين على الاشتراك في الاحتفالات الليتورجيّة لجني الثمار الروحيّة.

3 – ثم استمع الآباء إلى التقارير المقدّمة عن الإكليريكيات المارونيّة، وهي مار مارون-غزير، ومار أنطونيوس البادواني-كرمسده، ومار أغسطينوس-كفرا، وسيّدة لبنان-واشنطن. وشكروا الله على الجدّية والمعرفة التي يتمتّع بها القيّمون على هذه المدارس، وعلى الغيرة الشديدة في تعهد الدعوة الكهنوتيّة والتهيئة اللازمة للإنخراط في خدمة الأسرار والكلمة والمحبة. وأوصوا المسؤولين في هذه المدارس المزيد من التنسيق فيما بينهم والتشديد على روح الرسالة ومجانيّة العطاء والتنشئة على روحانيّة الصليب. ونظراً لأهميّة التنشئة الكهنوتيّة، دعا صاحب الغبطة إلى تكريس يوم الأربعاء 15 حزيران لدرس أوضاع الاكليريكيّات عن قرب، مع كافّة المختصّين، ليصار إلى تعاون أشدّ في هذه المدارس والعمل على تطبيق شرعة التنشئة المارونيّة في كلّ المدارس، ورفع التوصيات المتعلقة بما يجب أن تكون عليه تنشئة كاهن الغد. كما رأى الآباء، اخيراً، ضرورة إنشاء مركز يعنى بإعداد الكهنة المدعوين إلى الخدمة في بلاد الانتشار، ولا سيّما وأن الحاجة هناك إلى فعلة أسخياء تصبح أكثر إلحاحاً. كلّ هذه الأمور كانت حاضرة في زيارة غبطته الأخيرة للإكليريكيّات في لبنان ويأمل زيارة اكليريكيّة واشنطن في القريب.

4 – واستمع الآباء أيضًا إلى تقارير عن أوضاع بعض الأبرشيّات، ومنها أبرشيّات جبيل والبترون واللاذقيّة ونيابتي الجبّة وصربا، وأبرشية حيفا والأراضي المقدّسة وأوروبا، واطّلعوا على حاجات الدوائر البطريركيّة، واتخذوا القرارات اللازمة بشأنها كلّها.

ثم عرض مطارنة أبرشيات المكسيك وكندا وأستراليا والبرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة الأميركيّة وأوروبا أوضاع أبنائهم مع طموحات هذه الأبرشيّات وآمالها وآلامها وأهم انجازاتها، مشدّدين جميعهم على حاجتهم الماسة إلى كهنة من لبنان ليساعدوهم حيث تتزايد الجماعات وتتكاثر عليهم المتطلبات.

5 – بعدها ، توقّف الآباء طويلا على تحديات الكنيسة في الانتشار، وأكدوا أن الانتشار المارونيّ صار عالميًا وبات فاعلاً ومتفاعلاً مع معظم الثقافات وجزءاً مكوّناً لهويّة كنيستنا. أما االتحدّي الأساسي فيكمن في الحفاظ على الهويّة ومشاركة سكان بلدان الانتشار في الشهادة للإيمان أمام الشعوب، والتعاون مع كنائسهم في إنعاش الحياة المسيحيّة. يبقى أن نحسّن إدارة هذا الواقع الجديد على الصعد التنظيميّة والراعويّة والروحيّة لمجد الله وخلاص النفوس.

6 – ومع بداية خدمة أبينا البطريرك الجديدة، وعملاً بتوصيات المجمع البطريركيّ المارونيّ، وبتوجيه أبوي من صاحب الغبطة، اهتمّ الآباء بالخطة المقترحة للهيكلية الإدارية والرعوية في بكركي انطلاقًا من الأسس اللاهوتيّة التي تتلخّص بتفعيل المجمعيّة والشركة.

7 – توقّف الآباء على وضع المحاكم الكنسية، وناقشوا التقرير المقدّم عن عمل هذه المحاكم خلال 2010، ولاحظوا متأسفين أن عدد الدعاوى المقدّمة في السنة الفائتة هو على ازدياد، وهذا ما يوجب بذل مساعٍ راعوية إضافية للمحافظة على وحدة العائلة، كما يرتّب على المؤمنين مزيداً من التضحية للصبر على ما في الحياة الزوجية من صعوبات، والتعمّق في الإيمان ومتطلباته لتبقى عائلاتنا شاهدة للوحدة والمحبة.

8 – إطّلع الآباء أيضاً على دراسة آخر ما توصّلت إليه اللجنة المكلّفة إعادة النظر في الشرع الخاص بالكنيسة المارونية، وبعد الثناء على جهود العاملين فيها، أملوا ان توضع في القريب العاجل حصيلة  الدراسات، في هذا الخصوص، موضع التنفيذ.

9 – أما في الشأن الوطنيّ العام، فقد قدّر الآباء كلّ التقدير انعقاد القمّة الروحيّة الإسلامية-المسيحيّة في بكركي وعلّقوا الآمال العريضة على الدينامية الجديدة التي أحدثتها. كما استبشروا خيراً باجتماع القادة والنواب الموارنة مؤخرًا في الصرح البطريركيّ بدعوة كريمة من صاحب الغبطة، وقد تفاءل الجميع بما نتج عن القمّة  واللقاء م
ن آمال بتعزيز الوحدة في البلاد التي من شأنها تأمين المزيد من الاستقرار والنمو وترسيخ الحياة المؤسّساتية المبنية على الديمقراطيّة الفاعلة وصون كرامة الانسان والسعي الحثيث للمحافظة على رسالة لبنان وازدهارها.

واذ يؤكّد الآباء مجدداً على ضرورة العودة إلى الثوابت الوطنيّة ويدعون إلى العمل في سبيل رؤية استراتيجيّة موحّدة ليتحرّك لبنان إلى الأمام في نظامه الديمقراطيّ التوافقي الفاعل، يثمّنون صمود اللبنانيين بوجه الأعاصير ومحافظتهم على علاقاتهم المعيوشة، ويأسفون شديد الأسف للإنقسام الحادّ الذي ما زال يطبع الحياة السياسيّة في البلاد ويعطّل عمل المؤسسات الدستورية. وهذا من شأنه أن يضاعف الازمات المعيشية لدى كافة فئات الشعب اللبناني ويصيب بخاصة الشرائح الفقيرة والمحتاجة. كما إنهم يتساءلون عن الأسباب الكامنة وراء المراوحة شبه القاتلة في تشكيل الحكومة ولا يفهمون استمرار حالة الجمود المتحكّمة بعملية التأليف والتي تفاقم الكساد في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما انها تصيب قطاعات الانتاج اصابة مباشرة لا سيما ونحن على ابواب موسم الاصطيـاف. أما ما يزيد الوضع تعقيداً فهي التطورات المتسارعة التي تتحرك من حولنا، وهذه الحال تؤثر سلباً على استقرار لبنان وازدهاره. لذلك يهيب الآباء بالجميع العودة إلى أصالتهم ونبذ خلافاتهم، وتوحيد صفوفهم انطلاقًا من الثوابت الوطنيّة. فالبلد، اذا توحّد، يتغلّب على كلّ الازمات، اذ ان اللبنانيـين، اذا ما ارادوا، يستطيعون استنباط الحلول بسرعة لكافة المشاكل التي يتخبط بها الوطن الصغير بعد أن تذلّل جميع العقد التي تحول دون انطلاقة ورشة العمل في كافّة المؤسسات.

10 – وفي هذه المرحلة التاريخيّة التي تمرّ فيها المنطقة يذكّر الآباء بما تطرّقت إليه جمعيّة السينودس الخاصة بكنائس الشرق الاوسط الأخير وهو أن العنف لا يستطيع إحلال القيم الديمقراطية بسرعة، فالديمقراطيّة مسار طويل يبنى لبنة لبنة ليصل المواطنون من خلاله إلى نظام مدني مبني على المساواة وتكافؤ الفرص وحرية التعبير والمعتقد. ويضمّ آباء السينودس صوتهم إلى صوت قداسة البابا بندكتس السادس عشر، رافعين معه الصلاة حتى يتوقّف العنف في جميع أشكاله، ولا سيّما نزف الدم، وتبادر السلطات المعنية إلى الحوار مع مواطنيها للتجاوب مع تطلعات الاجيال الشابة المحقة والساعية إلى مستقبل واعد ومستقر.

11 –  في الختام، وفي عشية العنصرة، يطلب الآباء من الجميع وعي مسؤولياتهم والعمل بكلّ قواهم لتوطيد الأمن والسلام، وهم يدعون أبناءهم أن يتوجّهوا نحو السماء ليشكروا الآب السماوي الذي وهبنا روح الإبن، البرقليط ، لنسلك دائما مسلك أبناء السلام ونبقى أمناء لشهادة المحبة والوحدة على الرغم من الضيقات المحدقة بنا. وهم يتمنّون أخيرًا على شركائهم في الوطن وعلى أبنائهم ألاّ يتنازلوا مطلقاً عن عقد الشراكة الوطنيّة فيما بينهم والمستند إلى القيم الروحيّة الرفيعة والمثل الأخلاقية العالية، لأن كلّ شراكة، إنسانيّة كانت أو اجتماعيّة او ثقافيّة، هي هبة من الروح الذي يدعونا باستمرار إلى صنع الوفاق في أوطاننا وعيش المحبة فيما بيننا ، فالمحبة وحدها تبني الأوطان وتحفظ المجتمعات وتصون الخير وتؤسّس للسلام العادل والدائم.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير