سر الزواج المقدس

الحلقة رقم 27: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

سيدني، الاثنين 13 يونيو 2011 (ZENIT.org). – يسوع الخادم الذي “بلغ به الحب إلى أقصى حُدوده” (يو 13/2-5) قام عن المائدة وغسل أرجل تلاميذه، فصار غسيل الأرجل علامة حب وحنان لأنه أراد بلمساته أن يُطهّر قلوبهم ويُظهر لهم حبه الكبير، وأراد أيضا أن يُبين لهم أنهم مختارون ليكملوا رسالته فيبشروا الفقراء ويحرروا المأسورين ويفرجوا عن المظلومين ويعيدوا البصر للعميان (لوقا 4/18).

في الزواج المسيحي يستوحي الرجل والمرأة علاقتهما من المسيح الخادم الذي بذل ذاته من أجل كنيسته وأحبها حتى الصليب، فعندما طلب الرسول بولس أن يحب الرجل امرأته وأن تحب بدورها رجلها كما أحب المسيح كنيسته، أراد أن يفهمهما إلى أي مدى ينبغي أن يحب واحدهما الآخر على أن يكونا معا في شركة روحية مع المسيح الذي أحبهم، لذلك لن يتسلط الرجل على المرأة بعد الآن، بل يتبادلا عطايا الله فيبذل الواحد ذاته من أجل الآخر. وبما أنهما خُلقا على صورة الله ومثاله (تك 1/27) يصبح حبهما المتبادل “صورة للمحبة المطلقة والراسخة التي أحبَّ بها الله الإنسان” (التعليم المسيحي الكاثوليكي 1604). من أجل ذلك تعتبر الكنيسة الزواج بأنه سر مقدس وعلامة مميزة لحب الله وضعها في قلب الإنسان، ففي الكنيسة وبحضور الكاهن، يُعبِّر الرجل والمرأة عن ارتباطهما الحر معا فيتبادلا القبول بكلمة “نَعَم” لزواج يصيران به جسدا واحدا “فلا يكونان اثنين بعد بل جسدا واحدا، لا يُفرِّقَنَّ الإنسانُ ما جمعَهُ الله” (متى19/6).

هذا الالتزام الحر بأن يكونا واحدا والرضى المتبادل بأن يكون ارتباطهما مؤبدا، مبنيان على صخرة المسيح، وهو يساعدهما على تعميق إيمانهما وعيش هذا الإيمان في كافة تفاصيل حياتهما ومن خلال الأفراح والأحزان اليومية يصبحان قادرين على تأسيس عائلة فيها حب وفرح ورجاء. هذه الفضائل الثلاث تفترض أمانة تامة، إنه “الحب القوي.. الذي لا تستطيع المياه الغزيرة أن تُطفئه والأنهار لا تَغمُرُه” (نشيد الأناشيد 8/6-7)

بالزواج يعمل الرجل والمرأة على تنمية إيمانهما وعيشه في مختلف مرافق حياتهما فينمو التفاهم المتبادل والتعاطف والانسجام بينهما تدريجيا، ومن خلال أفراح الحياة وصعوباتها يحققان عهد الحب المتبادل بينهما، هذا الحب يتأصل فقط بالصليب فيعطيهما القوة والنعمة ليكون زواجهما أبديا كما يقول النبي هوشع: “أتزوجك إلى الأبد، أتزوجك بالصدق والعَدلِ والرأفةِ والحنان، أتزوجكِ بكُلِّ أمانةٍ، فتعرفين أنّي أنا الرّبٌّ” (هو2/21-22).

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير