* * *
كارلو ميكيك، شابٌ إيطالي ينتمي إلى غجر روداري
أيّها الأب الأقدس، أنا سعيدٌ جدًا لأن أكون هنا اليوم مع قداستكم لأقولَ كلمةً. أُدعى كارلو، لي من العمر 18 عامًا، وأنا غجري ومواطنٌ أوروبي. تأتي عائلتي من يوغسلافيا، أمّا أنا فولدتُ وعشتُ دومًا في روما. تربيتُ فيما يسمّونها “مخيّمات القبائل”، ولم يكن هذا سهلاً. عندما تكونُ طفلاً يعيشُ في مخيّم، لا يعتبرونك في المدرسة مثل الآخرين. وعندما تكبر وتبحثُ عن عمل ويرون “مخيّم قبائل” في عنوانك المكتوب في وثائقك الشخصية، يقولون لك: “لا شكرًا”. أعلمُ أن هناك غجرًا يخطأون ويتصرّفون بطريقةٍ غير صحيحة، إلاّ أن المسؤولية تبقى دومًا شخصيّة والذنبُ ليس أبدًا ذنب مجموعةٍ عرقية أو شعب.
نفكرُ نحنُ الغجر، وخاصّةً الشباب، في المستقبل ونحلمُ بأن ندرس ونعمل ونسكن في بيت وأن نحصل على وثائق. تبدو أمورًا تافهة وبديهية، ولكنها ليست كذلك بعد بالنسبة لكثيرٍ من الغجر. ولدتُ في روما، ولكنني ومع الأسف لستُ بعدُ مواطنًا إيطاليًا، درستُ هنا ولديّ العديد من الأصدقاء وأبحثُ هنا عن عمل واريدُ أن أكوّن عائلة وأعيش حياتي.
عندما أفكرُ في المستقبل، أفكرُ بمدنٍ وبلدانٍ حيثُ يتوفّرُ مكانٌ لنا أيضًا نملكُ فيه حقوقنا الكاملة كمواطنين مثل الآخرين، وليس كشعبٍ معزول يخافُ منه الآخرون.
أعتقدُ أن جميعنا مسؤلون في بناء هذا المستقبل الجديد، الغجر وغير الغجر معًا ! أشكرُ الكنيسة التي تعلّمُ الجميعَ أن يكونوا أخوة، وأشكرُ البابا الذي أرادنا أن نكون هنا اليوم معه. شكرًا!
باميلا سوفير، امرأة كاثوليكية ايطالية تنتمي إلى مجموعة السنتي
أشكرُ قداستكم لهذه الدعوة الاستثنائية. أُدعى باميلا، ولي من العمر 28 عامًا، وأنا إيطالية وانتمي إلى جماعة السنتي. تسكنُ عائلتي في إيطاليا منذُ قرونٍ عديدة. واليوم لديّ أنا أيضًا عائلة، زوج وطفلين جميلين جدًا. أفكرُ فيهم دومًا، في مستقبلهم، وكيف سينمون وسيعيشون. فالأطفال هم مستقبل عوائلنا وشعبنا، ولكنّهم أيضًا ضعفاء جدًا. أريدُ لأطفالي ولجميع أطفال الغجر والسنتي، مستقبلاً من السلام والصفاء يستطيعون فيه النموّ والعيش سوية مع أطفال أوروبا والعالم الآخرين دون تهميش أو تمييز.
وإن عشتُ دومًا في مخيّم فإنّي أعتبرُ نفسي محظوظة، إذ استطعتُ أن أدرس وأنا مواطنة فلديّ وثائق وحقوق. فعندما أكونُ في المدينة لا يلاحظ أحد بأنني سنتية، ويصدف حتّى أن يكلمّني أحدٌ بالسوء عن “الغجر” ! أيّها الأب الأقدس، تعلمتُ الإيمان من أهلي وتلقّيتُ دروس التعليم المسيحي والتناول الأول مع أصدقائي في جماعة سانت ايجيديو. وبصراحة، وأمام الربّ يسوع، لم أشعر يومًا بأنني مختلفة أو غريبة. أعرفُ أن الإنسان ينظرُ إلى المظهر، ولكن الربّ ينظرُ إلى القلب وقداستكم تظهرون ذلك اليوم.
أعلمُ أن الطوباوي زيفيرينو، غجري مثلنا، استطاع أن يعيش حياةً طيّبة، على الرغم من كونه رجلاً بسيطًا ومعتدلاً. وأعتقدُ أن علينا تعلّم الكثير منه. أيّها الأب الأقدس، أودّ أن أشكرك بهذه المناسبة بأمنيةٍ قديمة: “Kon lacipè kerel, arakhel les o Del. “/ (مَن يصنعُ الخير، محميٌ من الله).
شكرًا.
اتانازيا هولوبوفا، أمرأة غجرية سلوفاكية أصبحت راهبة باسيلية
أيّها الأب الأقدس،
أشكرُ قداستكم لهذه المناسبة التأريخية بأنّ أكون معكم اليوم مع كثير من الغجر الوافدين من جميع أنحاء أوروبا. اسمي اتانازيا هولوبوفا، وأنا راهبة في رهبنة القديس باسيليوس الكبير. بقلبٍ مليء بالامتنان والتواضع، أشكرُ الله الآب لأنّه دعاني وأؤمنُ بأنّه حقق كلماته فيّ باختيار “الضعيف ليخزي الأقوياء”. آتي من قريةٍ صغيرة، ومن عائلةٍ كبيرة من غجر سلوفاكيا الشرقية. كان أهلي يؤمنون بالله، ولكنّهم لم يكونوا يشاركون بصورةٍ منتظمة في الاحتفالات الكنسيّة، ما عدا خلال عيد القيامة. خلال سنين مراهقتي عرفتُ كاهنًا ومجموعة من الشباب المسيحيين وكنا نلتقي بالخفاء في ظل الحكم الشمولي. شعرتُ للمرّة الأولى معهم بالفرح وبالجماعة المبنية على أساس يسوع المسيح، إذ لم يكونوا مهتمّين بأنني غجرية.
كنا نذهب إلى القدّاس كلّ يوم وجعلني لقائي بالراهبات للمرّة الأولى أشعر بدعوة الله لأخدمه كراهبة. شعرتُ بأنّ الله كان يدعوني لأخدمه من خلال مساعدة الغجر في إيجاد طريقهم إليه واكتشاف الفرح الحقيقي.
وهكذا، وبعد أن أكملتُ المدرسة الطبية الثانوية، انضممتُ بالخفاء إلى الرهبنة لأصبحَ راهبة. لقد أنعم عليّ الله خلال حياتي في العائلة وبين الغجر حيث أرسلني. آملُ حقًا أن يصل الإنجيلُ وحبّ يسوع المسيح سريعًا إلى كثير من إخوتنا وأخواتنا الغجر الذين لم يعرفوه بعد، حيث يمكن أن يكونوا شهودًا مؤمنين ومتحمسين لذلك الذي رأيناه وتقبلناه من أمّنا الكنيسة. شكرًا.
سيجا ستوجكا، الناجية النمساوية من معسكرات الاعتقال في أوشفيتز بيركيناو وبيرغن بيلسن
أيّها الأب الأقدس، أُدعى سيجا ستوجكا. عندما ولدتُ في النمسا بلغ عددُ أفرد عائلتي أكثر من 200 شخص. ونجا ستّة منّا فقط بعد الحرب وعمليات الابادة. عندما كان عمري 9 سنين، تمّ ترحيلي مع عائلتي أولاً إلى أوشيفتز، ثمّ إلى رافنسبورك وبيرغن بيلسن. كنتُ طفلة عندما تحتمَ عليّ رؤية أطفال وشيوخ ونساء ورجال يموتون، وكنتُ أعيشُ بين الموتى والمحتضرين في المخيمات. وكنتُ اتساءل: لماذا؟ أيّ شرٍ فعلنا؟ أسمعُ صراخ نساءنا وأرى النساء الشقر
اوات والحراس مع كلابهم يدوسوننا، وأشتمُ إلى الآن رائحة الأجساد المحترقة. كيفُ يمكنني العيش مع هذه الذكريات؟ كيف لي أن أنسى ما عشناه؟
من المستحيل نسيانه، ويتعيّن على أوروبا ألاّ تنسى ذلك!
اليوم نامَ ذكرُ أوشفيتز ومعسكرات الاعتقال، وليس عليها أبدًا أن تستيقظ، ولكنني خائفة من أن اوشتيفز تنامُ فقط.
في الحقيقة، لا أرى مستقبلاً للغجر. فمعاداة الغجر والتهديدات في هنغاريا وحتى في إيطاليا وفي أماكن أخرى، تقلقني كثيرًا وتجعلني حزينة جدًا!
ولكني أريدُ القول إن الغجر هم زهورٌ في هذا العالم المظلم، وهم بحاجة إلى مجالٍ وإلى هواءٍ للتنفّس.
إذا لم يتغيّر العالمُ الآن، إذا لم يفتح العالم الأبواب والنوافذ، إذا لم يبني السلام – السلام الحقيقي ! – لكي يحصل أبناءُ أحفادي (رابعهم سيولدُ خلال أشهرٍ قليلة) على فرصةٍ للعيش في هذا العالم، لا أستطيعُ عندها أن أفسّر لماذا نجوا من معسكرات أوشفيتز، وبيرغن بيلسن رافنسبروك.
أرى اليوم العديد من الأخوات والأخوة الغجر والسنتيين من جميع أوروبا مجتمعين مع قداسة البابا، وهذه صورةٌ للفرح والرجاء للمستقبل !
شكرًا قداستكم !