الاحد الاول بعد العنصرة

الأب منتصر حداد

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الموصل، الجمعة 1 يونيو 2012 (ZENIT.org). – من الأحد السابق بدأنا نعيش في زمن العنصرة بحسب السنة الطقسية التي نتبعها في مسيرتنا الإيمانية مع الله..  العنصرة هو عيد بكل معنى الكلمة… به يعلن الله بيسوع المسيح بأنه معنى الأبد.. في المسيحية العنصرة هي خاتمة أيام الخمسين، بعد القيامة وحلول الروح على التلاميذ وبدء مسيرة الكنيسة التي يقودها الرسل، هو عيد البهجة لأن يسوع لم يتركنا يتامى، بل أعطانا الروح المعزي، الفارقليط، المعلم الذي يفتح الأذهان لنفهم كلام الله…

إحدى علامات التعرف على يسوع هي إنه دائما يعمل ويبشّر، دائماً يبحث عن من هو بحاجة إلى بشارة، بحاجة إلى كلمة الله.. يقول الإنجيل: بعضهم شكوا.. ولكن الإنجيلي لا يقول أخذ يسوع يثبت لهم إنه هو، مثلما كان يعمل في مواقف أخرى، كأن يقول، أنظروا المسامير ومكان الجنب الطعون… يسوع مباشرة، وبما يعبّر عنه حقيقة، يوصي التلاميذ، لا مجال للشك، الشك موجود، وضعف الإيمان أيضاً موجود، وكلن علينا رغم ذلك، أن نعمل ونعمل في سبيل البشارة…

يسوع لا يهتم، فتابعيه ليسوا بكاملين، ومع ذلك يسوع يرسل التلاميذ، كلهم… تلاميذ يسوع المرسلين، هم أناس بسطاء، أناس من العالم كعامة الناس، لديهم سقطاتهم، لديهم انشغالاتهم، لديهم همومهم، ومع ذلك هم تلاميذ يسوع، وهم مدعوين… واليوم، الكنيسة يقودها أيضاً تلاميذ ليسوع، أساقفة، كهنة، رهبان، راهبات، علمانيين.. هنالك منهم من يشك، هنالك من لديه نقاط ضعف، هموم، رغم ذلك، كلهم مدعوين للقداسة، كلهم مدعوين ليكونوا رسلاً…. الكنيسة دائما مقدسة، يقودها أناس خطأة، يحاولون جاهدين، الوصول للكمال، سائرين في طريق مليء بالعثرات، يتعثرون، نعم، لكن أيضاً ينهضون من جديد ليبشروا بالملكوت وبالمحبة…

خطأة بكل معنى الكلمة، يقعون في كثير من الأحيان، ولكن مع ذلك، يعيشون على رجاء، إن يسوع هو معهم إلى الأبد، وهذا ما يقوله لنا الإنجيل عن يسوع قائلاً: ها أنا معكم كل الأيام، إلى انقضاء الدهر….. الحب هو ما يجعل يسوع دائماً معنا، لأن يسوع يبذل ذاته لكل نفهم سر الملكوت الذي هو متأسس على المحبة… ونحن سوف نتذكّر كل ما قاله يسوع، إذا كنا بالفعل مرتبطين بعلاقة حب مع يسوع… الروح القدس الذي نحن في زمنه، هو يذكّرنا بكل ما أوصى به يسوع، هو يجسّد قول يسوع: انا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر… الروح الذي فينا هو يسوع الذي هو معنا، لأنه دائما يجعلنا نعيش في يسوع، ويحاول أن يذكّرنا بالمبدأ دائماً، يسوع…

دائما كنيسة يسوع لها طابع إرسالي، يبدأ من نقطة معينة ولا ينتهي إلى الأبد… الآب يرسل الابن للعالم، والأبن هو بدوره كما يعمل الآب، هو أيضاً يرسل التلاميذ لينطلقوا للعالم، وهؤلاء التلاميذ عليهم أن يربوا تلاميذ آخرين ليعملوا في العالم… هكذا نحن كآباء وأمهات كمعلمين ومعلمات، وكقادة كنيسة، علينا أن نربي تلاميذ دائماً يستلمون الجوهر ووديعة الإيمان منا، ويعطوها للآخرين الذين بدورهم يعطونها لآخرين أيضاً… هكذا نحافظ على قوة إيماننا، ونحافظ على استمرارية الكنيسة الحقيقية، وتفاعل الروح القدس فيها… فنكون فعلاً تلاميذ حقيقيين، يفرح يسوع بقله لنا، إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، عمذوهم باسم الآب والأبن والروح القدس… علموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به… هنا بالفعل تتجسّد الأمانة، يسوع يدعونا إلى الأمانة في العمل، الأمانة في التبشير، الأمانة في نقل وديعة الإيمان إلى الآخرين… أنها دعوة لنا للإصرار والأخذ على محمل الجّد، قضية إيصال صوت الله إلى كل إنسان…

لكلِّ منا في الحياة انطلاقة خاصة، لكل منا دور عليه أن يعيشه… الجليل في الإنجيل دائما هي مكان الإنطلاق، المكان الذي منه وفيه نعمل من أجل الملكوت… واليوم مطلوب من كل واحد منا أن يبحث عن جليل حياته، كل واحد منا مدعو لأن يأخذ القرار لينطلق، هذا هو معنى الجليل، هو اللحظة التي فيها نأخذ قراراً لعيش الملكوت استناداً على يسوع المسيح… ليس المطلوب منا أن نكون مستقبلين للإيمان فقط، لكن أيضاً فاعلين حقيقيين، كلٌّ من موقعه… ليس علينا أن نكون فقط منبهرين بالقيامة، لكن منطلقين نحو العالم اجمع للمناداة بيسوع الحي….

لنستقبل الروح القدس، ليعمل فينا ويحقق ما لم تره عين ولم تسمع به أذن، فيتمجد اسم الرب… آمين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير