"إن واقع الإتحاد بالمسيح في الكنيسة، لا يلغي الشخصية، بل يفتحها، ويحولها بقوة المحبة"

كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في عيد جميع القديسين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

روما، الأربعاء 7 نوفمبر 2012 (ZENIT.org)- ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي من نافذة مكتبه في الفاتيكان، نهار الخميس 1 نوفمبر  2012 بمناسبة عيد جميع القديسين.

***

أيها الإخوة والأخوات الاعزاء،

يتملكنا الفرح اليوم لأننا التقينا للإحتفال بعيد جميع القديسين. يدفعنا هذا العيد للتفكير بازدواجية البشرية التي نختبرها رمزيًّا بعبارتي “الأرض” و”السماء”: تمثل الأرض المسيرة التاريخية، والسماء الأبدية، ملء الحياة بالله. وهكذا يجعلنا هذا العيد نفكر بالكنيسة في بعدها المزدوج: مسيرة الكنيسة في التاريخ، وتلك التي تحتفل بالأبدية، أورشليم السماوية. يتحد هذان البعدان في حقيقة “شراكة القديسين”: حقيقة تبدأ هنا على الأرض وتنتهي في السماء.

الكنيسة في العالم الأرضي، هي بداية سر الشراكة الذي يوحد البشرية، سر يرتكز بشكل تام على يسوع المسيح: هو الذي أدخل في البشرية هذه الدينامية الجديدة، حركة تقودها نحو الرب، وفي الوقت عينه نحو الوحدة، نحو السلام بالمعنى العميق. وبحسب إنجيل يوحنا (11، 52)، يسوع المسيح مات “ليجمع أبناء الله المشتتين” وعمله يستمر في الكنيسة التي هي “واحدة”، “مقدسة”، “كاثوليكية” جامعة. أن يكون الإنسان مسيحيًّا، ويكون جزءًا من الكنيسة يعني أن يكون منفتحًا على هذه الشراكة، كبذرة تتفتح في الأرض، وتموت لتنمو صاعدة نحو السماء.

إن القديسين الذين تعلنهم الكنيسة، ولكن أيضًا جميع القديسين وأولئك الذين يعرفهم الله وحده، والذين نحتفل بعيدهم اليوم، عاشوا بشكل مكثف هذه الدينامية. في كل واحد منهم، بشكل شخصي، حضر المسيح بفضل روحه الذي يعمل بواسطة الكلمة والأسرار. بطبيعة الحال، إن واقع الإتحاد بالمسيح في الكنيسة، لا يلغي الشخصية، بل يفتحها، ويحولها بقوة المحبة، ويعطيها على هذه الأرض بعدًا أبديَّا. إن جوهر هذا الموضوع يعني أن نصبح مطابقين لصورة ابن الله (رومة 8، 29)، من خلال تحقيق مشروع الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله. ولكن هذا الإتحاد مع المسيح يجعلنا منفتحين أيضًا، كما قلنا، على الشراكة مع كل أعضاء جسده السري أي الكنيسة، شراكة كاملة في “السماء” حيث لا عزلة، ولا منافسة، ولا انفصال.

في احتفال اليوم نتذوق سلفًا جمال حياة الإنفتاح الكلي هذه لنظرة محبة الله، والإخوة التي من خلالها نكون على يقين أننا وصلنا الى الله في الآخر ووصلنا الى الآخر من خلال الله. نحن نبجل القديسين بهذا الإيمان المليء بالرجاء، ونستعد غدًا لتذكار الموتى المؤمنين. نرى في القديسين غلبة المحبة على الأنانية والموت: نرى أن اتباع المسيح يقود الى الحياة، الحياة الأبدية، ويعطي معنى للحاضر، لكل لحظة تمر، لكي يملأها بالمحبة، والرجاء. إن الإيمان بالحياة الأبدية فقط يجعلنا نحب فعلا التاريخ والحاضر، ولكن من دون قيود، في حرية الحاج الذي يحب الأرض لأن قلبه موجود في السماء.

لتعطينا مريم العذراء نعمة أن نؤمن بقوة بالحياة الأبدية، ونشعر بأننا في شراكة حقيقية مع أمواتنا الأعزاء.

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير