بكركي، الجمعة 9 نوفمبر 2012 (ZENIT.org). – في السابع من شهر نوفمبر سنة 2012، عقد أصحابُ السيادة المطارنة الموارنة اجتماعَهم الشهري في بكركي، برئاسةِ صاحب الغبطة مار بشاره بطرس الراعي الكليِّ الطوبى، ومشاركةِ صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وحضورِ الآباء العامّين للرهبانيات المارونية بناءً على دعوة خاصّة، وقد حضر جزءاً من الاجتماع نيافةُ الكردينال “روبير سارا”، رئيسُ المجلس الحبري “كور أونوم” وسيادة السفير البابوي في لبنان المطران غابرييلي كاتشا. وقد تدارس الآباء شؤوناً كنسيةً ووطنيّة، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيانَ التالي:
1. رحّب صاحب الغبطة والآباء بنيافة الكردينال روبير سارا الذي شرح اهداف المهمّة الخاصّة التي أوفده فيها قداسة البابا، كي يعبّر عن تعاطف قداسته والكنيسة الجامعة مع الشعب السوري وما يعانيه من الحرب والقتل والدمار والتهجير، ويجدّد دعوته إلى جميع الفرقاء كي يبذلوا كلّ جهودهم لإيقاف الحرب، والعمل على إحلال السلام في هذا البلد المعذّب، من خلال الحوار والحفاظ على العيش المشترك، وإيجاد حلول سلميّة لمصلحة كلّ الشعب السوري بجميع فئاته ومكوّناته. ويرئس لهذه الغاية اجتماعاً للمؤسسات الخيرية في الشرق الأوسط لتنسيق خدمة المحبة، يُعقد بعد غدٍ الجمعة في مركز رابطة كاريتاس لبنان.
2. في مطلع السنة الطقسيّة الجديدة يدعو الآباءُ ابناءَهم إلى مواكبة التجدّد الروحي في سنة الإيمان وسينودس التبشير الجديد، والبدءِ بتطبيقِ القرارات والتوجيهات التي أطلقَها الإرشاد الرسولي الذي وجّهه قداسةُ الحبر الأعظم إلى كنائس الشّرق الأوسط وجميعِ أبناء هذه المنطقة العزيزة.
3. هنّأ الآباءُ صاحبَ الغبطة على منحِه رتبة الكردينالية بلفتةٍ كريمة من قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر تقديراً لشخص البطريرك، وتأكيدًا على ما للكنيسة المارونية من مكانة في قلب صاحب القداسة ولدى الكرسي الرسولي، وهي مكانةٌ تضرِب عميقًا في التاريخ، وتعزيزًا لموقع الكرسي البطريركي في لعب الدور التاريخي الذي أُعطي له على صعيدِ العلاقات مع الكنائس والأديان الأخرى كما على الصعيد الوطني، في هذا الزمن العصيب الذي تمرُّ به المنطقة بأسرها، وتعبيراً عن امتنانِ قداستِه من الإستقبال الحارّ الذي لقيه من قِبَل كلِّ اللّبنانيين أثناءَ زيارته الأخيرة لهذا الوطن، حيثُ قام بتوقيعِ وتوزيع الإرشاد الرسولي الخاصّ بسينودس الأساقفة للشّرق الأوسط، والتشديد على ما للحضور المسيحي في هذه المنطقة من أهمّية في بناء السلام والحوار بين الأديان والثقافات.
4. يهنّئ الآباءُ الكنيسةَ القبطية الأرثوذكسية الشقيقة بانتخاب الأنبا تَواضوروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة، خلفاً للمثلّثِ الرحمة البابا شنوده الثالث، ويتمنَّون له التأييدَ الإلهي في رعاية الكنيسة الجليلة، وخدمةِ الحوار المسكوني والديني من أجل إحلالِ السلام والأخوّة بين الشعوب.
5. يستنكرُ الآباء عودةَ مسلسلِ الإغتيالات، وآخرُها اغتيالُ الشهيدَين اللواء وسام الحسن ومرافقِه، وسقوط شهداء مدنيّين وعشرات الجرحى في منطقة الأشرفية، تلك المنطقة التي باتت بدورها شهيدةَ الوطن باستمرار. وهم يتقدّمون مجتمعين من عائلات الشهداء، ومن مؤسّسة قوى الأمن الداخلي بالتعازي الحارّة، ويُعربون عن تضامنهم مع المصابين من جرّاء الانفجار ويتمنَّون لهم الشفاء العاجل، ويناشدون القضاء العمل بسرعة على كشف المجرمين ومعاقبتهم، ويدعون الدولة الى الإسراع في منح التعويضات العادلة عن الأضرار الجسيمة التي وقعت في الأملاك، وإلى تحمّل مسؤوليّاتِها في توفير الأمن وحمايتِه كأساسٍ للحياة العامّة السليمة. وإذ يستحثّون جميعَ اللّبنانيّين على ضرورة التمسّك بالوحدة الوطنيّة والمؤسسات الشرعية، وعدمِ الانجرار إلى قفزات في المجهول تضع البلاد أمام مصير غامض، يشدّدون على ضرورة ضبط النفس، والاعتصام بالحوار سبيلاً للخروج من هذا الجوِّ الضاغط في البلاد بتأثيرٍ كبيرٍ من المحيط.
6. إن التأزّم السياسي في البلاد، وخصوصًا في موضوع الحكومة، لا يُحلُّ خارج الثوابت الوطنية والدستور الكفيلين بالحفاظ على طبيعة لبنان، بلد العيش الواحد ومعقل الحرية والديمقراطية والتداول السلمي في السلطة. لذلك يحثّ الآباء المسؤولين المعنيّين جميعَهم على التجاوب مع دعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحوار والتشاور، من أجل العبور إلى واقع أفضل يمكّنهم من مواجهة الأزمات والتحديات الداخلية والإقليمية، والإعدادِ للاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وبقانون جديد يضمن عدالة التمثيل لكلّ الفئات، على قاعدة المناصفة، وتعزيز العيش المشترك، والممارسة الديموقراطية الحقّة. وفيما يستعدّ لبنان للاحتفال بعيد الاستقلال في الثاني والعشرين من هذا الشهر، يأمل الآباء أن تبلغَ البلاد إليه، وقد خرجت من أزمتها السياسية، لكي تعمّ الجميعَ فرحةُ العيد، ويتكرّمَ الوطن لبنان باستقلاله وسيادتِه وسلامةِ أراضيه.
7. يناشد الآباء جميع السياسيين الالتزامَ بإعلان بعبدا، وخاصًّة بما يتعلّقُ منه بتحييد لبنان عن الصراعات التي لا طائلَ له فيها. فنُصرةُ أيِّ بلد شقيق أو قريب تكون بمقدار ما يحافظ اللبنانيّون على كيان لبنان ومصالحه، وخصوصيّةِ نظامه السياسي، وإلاّ جرّوا عليهم ويلاتٍ هم في غنى عنها، وعرّضوا
البلادَ لانتكاساتٍ يدفع ثمنَها الشعب اللبناني، موتًا وخرابًا، فضلاً عن التعثّرات في مسار الحكم.
8. إن الأوضاع الاقتصادية والحياتية التي يعيشها المجتمع اللبناني تنبئ بمستقبل قاتم، كما أشار إليه الآباء في ندائهم الموجّه في الأوّل من شهر آب الماضي، وكما تشدّدُ عليه الهيئاتُ الإقتصادية. وهناك قطاعات باتت تحتاج إلى علاجات حاسمة. فلم يعدْ من الممكن التغاضي عن مواضيعَ حيويّة مثل الكهرباء، والماء اللّذَين يتطلب قطاعاهما حلولاً جذرية، ولا عن حاجات القطاع الزراعي الذي يفتقدُ الكثير من المقوِّمات وأهمُّها: التوجيهُ والإرشادُ الزراعي، وحصولُ كلّ المناطق على حصتها من المساعدات الزراعية بعدالة ومساواة، وإلحاحيّة تصريف انتاجِه عبر تفعيلِ الاتّفاقات المعقودة مع الخارج وفتح أسواق جديدة له. آن الآوان لمعالجات جذريّة لهذه المشاكل، بتمييزٍ صريح بين الاقتصاديّ والحياتيّ وبين الجدل السياسي، والانكباب على وضع سياساتٍ اقتصاديةٍ وحياتية كفيلةٍ بالإجابة على التحديات المطروحة، لأن الخاسر في كلّ ذلك هو لبنان ومواطنوه.
9. تُقلقُ الآباءَ المجتمعين الأوضاعُ الأمنيّةُ في المنطقة، ولا سيّما في سوريا، حيث يتنامى العنفُ والتفجيرات، ويستنكرون استهداف الكنائس والمسيحيين ومقتل حضرة الخوري فادي حداد، ويسألون الله إحلالَ السلام في المنطقة كافّة.
10. يدعو الآباء أبناءهم الى مشاركة صاحب الغبطة فرحةَ نيله رتبةَ الكردينالية، باحتفالٍ يرئسه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في 24 تشرين الثاني الجاري في روما، وتقديمِ الشكر الى قداسته على هذه اللفتة الكريمة، ورفعِ الصلاة الى الله كي يمنحَ قداسته طول العمر والصحة والنعم الغزيرة في خدمة الكنيسة، وأن يغدق سلامه على وطننا لبنان وعلى منطقة الشرق الأوسط التي تعيش مخاضا عسيرا، وعلى والعالم بأسره.