زحلة، الاثنين 19 نوفمبر 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي العظة التي تلاها المطران عصام يوحنا درويش في القداس الذي ترأسه نهار الجمعة بحضور الشاهد ايفان.
* * *
أخوتي السادة الأساقفة
أيها الأخوات والأخوة الأحباء
أرحب بكم جميعا في كنيسة السيدة العذراء. اجتمعنا معا لنكرمها ونصلي المسبحة المقدسة ونتأمل بفضائلها ولنحتفل بالذبيحة المقدسة وفي نهاية القداس الإلهي نسجد ونكرم القربان المقدس ثم نسمع رسالة العذراء لنا وشهادة شخصية من السيد إيفان دراغيسيفيتش والذي أرحب به في زحلة باسمكم جميعا ، وايفان القادم من مدينة مريم، هو أحد الشهود الثلاثة الذين يحظون بظهورات السيدة العذراء، وأنا أحمل له منذ زمن المحبة والصداقة فقد زارني أكثر من مرة في استراليا وبدوري زرته في مديغوريه، وفي عملي ورسالتي أتكل دوما على صلاته.
كما أعرب عن فرحي بوجود "أصدقاء مريم ملكة السلام" معنا القادمين من بيروت والموجودين في زحلة واشكرهم على جهودهم بتنظيم هذا الاحتفال الديني وعلى دعوتهم "ايفان" ليكون معنا اليوم، إنهم بعملهم هذا يوقظون فينا توقا لنعمق علاقتنا بأمنا العذراء مريم وطلب شفاعتها باستمرار. وانا باسم الكنيسة أبارك عملهم ورسالتهم وأمانتهم للمواهب التي منحهم إياها الروح القدس.
إن إدراك مواهب الروح القدس عملية تحتاج إلى صلاة، فالروح القدس يُعطي مواهبه بهدف خدمة ما في الكنيسة التي هي جسد المسيح. سمعنا ما قاله بولس الرسول في رسالة اليوم، عن تنوع هذه المواهب والهدف منها بناء الجسد" "هو الذي أولى بَعضَهم أن يَكونوا رُسُلا وبَعضَهم أنبياء وبُعضَهم مُبشرين.. ليجعلَ القديسينَ أهلا للقيام بتلكَ الخدمة التي ترمي إلى بناء جَسَدِ المسيح" (أفس4/12).
الروح القدس الذي جمعنا اليوم هو الذي يُصلي فينا..
الروح القدس هو الذي يجعلنا نحب بعضنا البعض، ونسامح ونغفر ونتوب ونبشر ونخدم الكنيسة ونعمل الخير، وهو الذي يجعلنا نؤمن ..
لقد حصلتم على مواهب الروح القدس وختمكم إلى الأبد بمواهبه وألبسكم الحلة البضاء بالمعمودية والميرون والتوبة والزواج وهو اليوم يدعوكم لتكونوا شهودا وحاملي البشرى.
إن الإرشاد الرسولي الذي حمله إلينا قداسة البابا يؤكد لنا ما جاء في أعمال الرسل بأن جماعة المؤمنين تتمتع بالشركة الروحية التي هي من صنع الروح القدس. ونحن اليوم نختبر ما عاشه الرسل "وكان جماعةُ المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة" (أعمال4/32).
إن الروح القدس جعلنا، بمواهبه، "جماعة إفخارستية" واحدة والمواهب التي حصل عليها كل واحد منا هي من أجل خدمة الكل، أي من أجل خدمة الإنسان مهما كان هذا الإنسان كما نصلي في الليترجيا: "أما نحن المشتركين بالخبز الواحد والكأس الواحدة فاجعلنا جميعا متحدين بعضنا ببعض في شركة الروح القدس الواحد".
سمعنا اليوم الإنجيل المقدس يتحدث عن الراعي وما جاء فيه لا يفرق بين الراعي والرعية، نحن وإياكم واحد في شركة روحية يرعاها الروح القدس. الراعي هو المسيح وأبناء وبنات الكنيسة هم الرعية والراعي يعرف خرافه ويحافظ عليها ويقودها إلى المرعى أي إلى الحياة، فالرعية واحدة والراعي واحد. لقد جعلنا الروح القدس: "قَوَّامين لنرعى معا كنيسة الله التي اكتَسَبها بدمه" (أع20/28). ونحن مؤتمنون على حياة الكنيسة وواجبنا أن نحافظ عليها.
والكنيسة عندها أم، أقامها يسوع المسيح وهو على الصليب "هذه هي أمك" وأمنا مريم تدعونا اليوم لنعزز الشركة فيما بيننا وأن نغرف من الكتاب المقدس المعرفة والقداسة لنشهد للمسيح المصلوب والقائم. إن المسيح هو الباب الوحيد الذي ندخل عبره إلى الحياة وأنتم بمثلكم وعملكم تفتحون هذا الباب ليدخل آخرون إلى الحياة مع يسوع. هذا هو التبشير الجديد الذي تدعونا الكنيسة إليه، لكي نتغلب على التحديات الكثيرة التي تتعرض إليها الكنيسة في العائلة، في المدرسة، في الشارع وفي المجتمع. ومهمة كل واحد منكم أن تصونوا كنيستكم وتحافظوا عليها.
الكنيسة عندها أم وهي أم كل واحد منا نحن أبناء الكنيسة، إنها "المفتاح الذي ندخل بواسطته ملكوت المسيح.." كما نصلي لها في صلاة الأكاتستوس أي مديح العذراء).
لقد جمعت مريم العذراء بين أمومتها للمسيح الذي تحقق بفعل الروح القدس وولادة الكنيسة الذي تحقق أيضا بحلول الروح القدس. وهي لا تزال تواصل حضورها معنا في الكنيسة بإرادة من ابنها يسوع المسيح عندما قال لها على الصليب: "هوذا ابنك".
الكنيسة كلها تعلن أن العذراء هي الفائقة القداسة لأنها ممتلئة نعمة ومنزهة عن كل عيب وطهرها يفوق جميع الملائكة والبشر وهي "أكرم من الشروبين وأمجد بلا قياس من السيرافيم". عندما نذكر أعمال الله الخلاصية، نذكر العذراء، وعندما نبتهل إليه نشرك العذراء في شكرنا وتمجيدنا لله. إنها رمز الكنيسة ورمزٌ لانسكاب الروح القدس علينا لأنها هي أول من تجاوب مع عمل الروح القدس. لهذا نعتبرها قدوة لنا في مسلكنا، في إيماننا ومحبتنا واتحادنا بالله.
أخيرا اشجعكم على زيارة "مديجوريه"، التي أصبحت من أهم المزارات المريمية والكنيسة جعلتها مركزا للعبادة المريمية. ورحلتي إليها كانت خبرة روحية لا يمكن أن أنساها فقد تعلمت الكثير من العذراء ، تعلمت أنها تحبني حبا جمّا.
فيا سيدة العالم انظري بعطف إلى بناتك وأبنائك المجتمعين حولك وباركيهم ليحملوا حبك إلى العالم ويكونوا بدورهم صانعي سلام. آمين