بيروت، الاثنين 19 نوفمبر 2012 (ZENIT.org). – أكد نيافة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ان الخوف الكبير اليوم هو أن يضعف الوجود المسيحي في الشرق، فالمسيحي حامل ثقافة وحضارة كبيرة، حضارة المحبة وكرامة الشخص البشري والحريات العامة وحقوق الإنسان والعيش مع الآخر وقبول الآخر الذي يختلف عنا، الى جانب انه العنصر الأساسي الذي يحمل كل قيم الحداثة. المسيحيون طبعوا هويات الشرق الأوسط بحضارتهم المسيحية.
وهنأ الكاردينال الراعي، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش بإطلاق اذاعة “صوت السما” في منطقة البقاع معتبراً انه سيكون لهذه الإذاعة دور هام في زرع بذور السلام في المنطقة .
كلام الكاردينال الراعي جاء خلال حديث الى إذاعة ” صوت السما” أجراه معه مدير الأخبار في الإذاعة والمسؤول الإعلامي في مطرانية زحلة للروم الكاثوليك خليل عاصي.
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة :
” أشكر سيادة المطران عصام يوحنا درويش على زيارته اليوم، وأشكره على القداس الذي احتفل به مع ابناء زحلة بمناسبة نيلي رتبة الكاردينالية، واهنئه وأشكره ايضاً على اطلاق اذاعة “صوت السما” وهذه مبادرة نبوية وتأتي في وقتها تماماً لأن سيادته يدرك قيمة الإعلام، وهذا بحد ذاته الإعلان الجديد للإنجيل، ربنا أوحى اليه أن إذاعة ” صوت السما” هي أفضل وسيلة لكي يكون الأسقف على علاقة مع أبناء أبرشيته من جهة، ومع كل ابناء البقاع، والإنجيل مفتوح لكل الناس ومن خلال ” صوت السما ” تصل كلمة الإنجيل وليس لدي ادنى شك ان أهالي البقاع هم كأرضهم الطيبة ستنزل كلمة الإنجيل في قلوبهم مثل حبة القمح في السهل الطيب، وأهنئ سيادته ايضاً لوجود الإرشاد الرسولي بين ايدينا اليوم ” الكنيسة في الشرق شركة وشهادة” وهي مناسبة ممتازة لإيصال التعليم، وأهنئه ايضاً بسنة الإيمان .
واهنئ كل ابناء البقاع على هذا العمل الجبار، ونحن بين ايدينا اليوم الكثير مما قيل في روما بإنعقاد السينودس من أجل إعلان جديد للإنجيل لنقل الإيمان المسيحي.
ثلاثة أمور اتت متزامنة مع إطلاق هذه الإذاعة، احيي كل مستمعي اذاعة ” صوت السما ” وكل العاملين فيها لأن من أهم الأمور التي يمكن أن نستعملها اليوم لإيصال كلمة الإنجيل هي وسائل الإعلام، والإعلامي الأول يسوع المسيح يبارك هذا العمل، ولو كان مار بولس حيّاً في هذه الأيام لكنا وجدناه في إذاعة ” صوت السما ” ليعلن كل الحقائق وهو الذي قال “الويل لي ان لم ابشر”
مرة جديدة أقدم تهنئتي للجميع واتمنى لكم التوفيق، ولكم منا كل دعم حتى يتوسع انتشار هذه الإذاعة ليستفيد منها كل السامعين، وبإسم كل انسان اشكركم لأنكم تزرعون كلمة الله وهذا هو المنطلق لحياة جديدة في مجتمعنا اللبناني.”
وفي إجابة عن سؤال حول وضع المسيحيين اليوم في ظل ما يحيط بهم من أوضاع مقلقة قال الكاردينال الراعي ” دون شك المسيحيين للأسف هم ضحية اولى، عندما يكون هناك حرب وعنف وأزمة اقتصادية لاتفرّق بين مسلم ومسيحي. الحرب لها آثارها على المسلمين والمسيحيين وتحديداً في سوريا كما كان الوضع من قبل في العراق، نحن دائماً نرفض الحروب والعنف لأن نتائجها السلبية اكثر من نتائجها الإيجابية.
المسيحيون هم ضحية، لأنه يعتدى عليهم بدون سبب كما يحدث اليوم في سوريا، والمعروف ان المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط هم شعب مسالم ومحبوبون من السلطات لأنهم لا يتعاطون الشؤون السياسية، مع هذا كله عندما تقع الحرب يُصار الى الإعتداء عليهم ولا نفهم لماذا، وهذا شيء ليس بجديد. لكن الخوف الكبير هو أن يضعف الوجود المسيحي في الشرق عندها تكون الخسارة كبيرة لهذا الشرق لأن المسيحيين هم مواطنين اصيلين عمرهم اكثر من الفي سنة وليسوا غرباء، وليسوا بحاجة الى حماية من أحد، حمايتهم هي مواطنيتهم، خسارة كبيرة لأن المسيحي حامل ثقافة وحضارة كبيرة جداً ، حضارة المحبة وكرامة الشخص البشري، حضارة الحريات العامة وحقوق الإنسان، حضارة العيش مع الآخر وقبول الآخر الذي يختلف عنا، الى جانب انهم العنصر الأساسي الذي يحمل كل قيم الحداثة، وطَبَع المسيحيون هويات الشرق الأوسط بحضارتهم المسيحية.
خسارة كبيرة لهذه المجتمعات اذا خف الثقل المسيحي لأن الإنفتاح والعيش معاً والثقافة المميزة في الشرق الأوسط سببها المسيحيون. وبالرغم من كل ما يحصل المسيحيون لديهم دور أساسي وأنا من المؤمنين أن الربيع العربي يجب أن يمر عبر الربيع المسيحي، وأعني بالربيع المسيحي أن المسيحيين مدعوين أكثر من أي وقت أن يعيشوا التزامهم المسيحي في حياتهم وشهادتهم، ويعيشوا الإرشاد الرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط شركة وشهادة”
أذا عشنا فعلاً هذه الشركة يعني انفتاح ووحدة داخل الكنائس ومع إخواننا بالمواطنية وإذا شهدنا لقِيَمنا نكون نعيش ربيعنا المسيحي وهذا سيكون المفتاح للربيع العربي. لا الحرب ولا العنف ولا السلاح ولا البغض هو الباب الى الربيع. ولا ننسى الرب الذي قال “لا تخافوا أنا معكم” نحن علينا ان نتابع هذه الرسالة.
اليوم لبنان هو الأساس لأن العيش معاً مسلمين ومسيحيين منظم دستورياً وهذا ما هو غير موجود في العالم العربي ولذلك اقول ايضاً أن ربيع لبنان يبدأ اذا عرف كيف يخرج المسلمون والمسيحيون من أزماتهم وان يعيشوا معاً ربيع الأخوّة، ربيع التعاون وربيع التضامن عندها فقط يعطون صورة للربيع العربي الذي يفتش عن هويته.
وهنا أوكد ان اذاعة “صوت السما” لديها دو
ر كبير جداً لتعزيز هذا الربيع المسيحي والربيع اللبناني، ونحن نعلم أن الكلمة حاملة حياة واينما تقع تعطي نتيجتها، ومن علامات الأزمنة إنشاء هذه الإذاعة التي من خلالها نستطيع ايصال بشرى الإنجيل لكل إنسان، الإنجيل ليس فقط للمسيحيين، المسيحيون مؤتمنون على الإنجيل لكنه الخبر المفرح لكل الناس”
وعن زيارته الى مدينة زحلة قال الراعي ” زيارتي الى زحلة سيتم تنسيقها مع السادة الأساقفة وآمل ان تتم خلال الصيف القادم، لكن نظراً للإرتباطات المسبقة لم استطع اتمام هذه الزيارة لمدينة زحلة ومنطقة البقاع الغربي العزيزين على قلبي، ولكن اؤكد ان الزيارة ستتم خلال الصيف القادم وبدانا التحضيرات لها منذ اليوم مع السادة الأساقفة”
وختم الكاردينال الراعي حديثه قائلاً ” إن رتبة الكاردينالية أرادها قداسة البابا مبادلة لبنان الذي اكتشف فيه،على حد قوله، كنيسة قوية وشعب محب وسخي وله دور في هذا المجتمع، وبقدر فرحته أراد ان يكرّم لبنان من خلال شخصي. آمل أن تساعدنا هذه الرتبة مع اخوتنا الأساقفة والبطاركة لخدمة أكثر وافضل في خدمة الكنيسة.
اتمنى على اللبنانيين والسوريين وكل سكان الشرق أن يسمعوا صوت السماء، لأننا نسمع اليوم صوتاً آخر. نريد ان نسمع غير صوت السياسيين، غير صوت السلاح، غير صوت الحقد، غير صوت المال، غير صوت الإستكبار، غير صوت الظلم، غير صوت الإستعباد، غير صوت الإستبداد، نريد أن نسمع صوت السماء لكي يحل السلام على الأرض”