تابع الأب الأقدس يقول إن الإيمان يعطي معرفة حقيقية عن الله تستلزم الشخص البشري بكامله: إنها معرفة تعطي طعما للحياة. الإيمان يُعبِّر عن ذاته من خلال إعطاء الذات للآخرين، بالأخوّة التي توحّد وتجعلنا قادرين أن نحب وننتصر على الوحدة التي تجعلنا تعساء. وأضاف البابا أن معرفة الله هذه من خلال الإيمان، ليست فكرية فقط وإنما حيوية. فمعرفة الله هي إذا خبرة إيمان وفي الوقت عينه مسيرة فكرية وأخلاقية: إذ يلمسنا حضور روح يسوع فينا نتخطى آفاق أنانيتنا وننفتح على قيم الوجود الحقيقية.
تابع البابا يقول أود اليوم أن أتوقف عند عقلانية الإيمان بالله. فالتقليد المسيحي قد رفض منذ البدء ما يسمى بالإيمانية. فالإيمان يسمح لنا أن ننظر إلى “شمس” الله، لأنه قبول لتجليه في التاريخ: الله قد أقترب من الإنسان وجعل الإنسان يتعرف عليه وقبل المحدودية البشرية لعقله، وفي الوقت عينه ينير الله بنعمته العقل ويفتح له آفاقا جديدة لا تعرف حدودا. لذلك يشكل الإيمان حافزا للبحث الدائم والاكتشاف المستمر للحقيقة والواقع.
الإيمان الكاثوليكي عقلاني، ويغذي الثقة أيضا في العقل البشري. لقد أكد المجمع الفاتيكاني الأول في الدستور العقائدي “ابن الله” أنه باستطاعة العقل أن يعرف بثقة وجود الله من خلال الخلق، بينما يعود للإيمان إمكانية المعرفة بسهولة وبثقة تامة وبلا خطأ، الحقائق حول الله في ضوء النعمة. إن معرفة الإيمان لا تتعارض مع العقل المستقيم، كما يؤكد الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة “العقل والإيمان”، إن “العقل البشري لا يتلاشى ولا يُقهرعندما يذعن لمحتوى الإيمان. هذا المحتوى إنما ندركه بفعل خيار حرّ ومسؤول” (عدد 43).
أضاف البابا يقول لذلك إنه لأمر حاسم أن ينفتح الإنسان على الإيمان ويعرف الله ومشروعه الخلاصي بيسوع المسيح. في الإنجيل تُفتَتَح إنسانية جديدة، أساسات حقيقية للبشرية، كما يؤكد التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية: “حقيقة الله هي حكمته التي يرتكز عليها نظام الخليقة وتحكم العالم. الله الذي، وحده “خلق السماء والأرض” (مز 115، 15)، يقدر أن يعطي، وحده، ومن خلال العلاقة معه، المعرفة الحقيقية لكل شيء مخلوق” (عدد 216).
ختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول لنثق إذا أن التزامنا في البشارة سيساهم في أعطاء مركزية جديدة للإنجيل في حياة العديد من رجال ونساء عصرنا. ولنصلي كي يجدوا مجددا في المسيح معنى الوجود وأساس الحرية الحقيقية. وأضاف أن الإيمان عقلاني ويستلزم وجودنا. وبذل الذات من أجل المسيح أمر يستحق العناء، فهو وحده يشبع رغبات الحقيقة والخير المتجذرة في روح كل إنسان.