كلمة الكردينال الراعي في عشاء الشيخ فريد هيكل الخازن، اوتيل اكسلسيور – روما

روما، الجمعة 23 نوفمبر 2012 (ZENIT.org). –مناسبتان جميلتان: عيد الاستقلال ورتبة الكردينالية، شاء صاحب المعالي الوزير والنائب السابق العزيز الشيخ فريد هيكل الخازن ان يجمعنا فيهما مع هذه الوجوه الكريمة على مائدة المحبة. اودّ ان اشكره وزوجته ووالدته الكريمتين والعزيزتين على محبتهم وسخائهم، وعلى كلمته اللطيفة وما ضمّنها من مشاعر صادقة ومخلصة. وقد اعتدنا على اخلاصه وقربه مني شخصياً ومن الكرسي البطريركي. ولا ننسى الحراسة الخازنية مع سعادة السفير السابق الشيخ أمين الخازن للصرح البطريركي عند التئامه لانتخاب بطريرك جديد، خلفاً لصاحب الغبطة والنيافة ابينا الكردينال مار نصرالله بطرس صفير حفظه الله لسنين عديدة. وكم أُسعدت بأن تقبّلت اول قبلة تهنئة منهما، بعد اخواني السادة المطارنة، في ذاك الصباح المفرح 15 آذار 2011، وكم شعرت بحرارة هذه القبلة الصادرة من قلب هذين الشخصين العزيزين لما تشدّني اليهما اصلاً من روابط صداقة ومودّة وتقدير، اعتادا على الاعراب عنهما منفصلين في مختلف المناسبات عندما كنت مطراناً لأبرشية جبيل، وبادلتهما اياها.

Share this Entry

       2. اليوم نحتفل بعيد استقلال وطننا الحبيب لبنان.فيطيب لي ان اهنئكم وكل اللبنانيين بهذا العيد الكبير، ونهنئ فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي وصل الى روما هذا المساء، ونتمنى له، مع حماية العناية الالهية لشخصه، النجاح في قيادة سفينة الوطن الى استقلاله الناجز ووحدته الكاملة وخروجه مما يتخبّط فيه من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية. هذه التهاني والتمنيات نقدمها لجميع معاونيه في المجلس النيابي والحكومة والادارة والجيش وسائر القوى العسكرية والامنية والقضاء.

       استقلال الوطن عيد لأن فيه تنعم الدولة ومؤسساتها الدستورية والشعب بسيادة القرار في شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وبسلامة الارض على كل شبر حتى الحدود الجغرافية المعترف بها دولياً، بحيث لا يوجد عليها اي سلاح وجيش اجنبيين، واي سلاح او تنظيم عسكري غير شرعي، وبالكرامة الوطنية. لكن العيد يبقى ناقصًا ولا يكتمل إلا بتحقيق هذه المقوّمات الثلاثة: سيادة القرار وسلامة الارض وكرامة الوطن.

اننا نتطلع الى اليوم الذي يتمّ فيه تحقيقها على يد المخلصين وذوي الارادات والنوايا الطيّبة العاملين من اجل الوفاق الوطني، وبالتزام الاسرة الدولية تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المختصة بتحرير القرار وارض الوطن.

       3. وبعد غد السبت، سنحتفل بمنحي رتبة الكردينالية مع خمسة رؤساء اساقفة آخرين من الولايات المتحدة الاميركية وكولومبيا ونيجيريا والهند والفيليبين. انني ارفع معكم اخلص مشاعر الشكر والامتنان لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر،على منحي هذه الكرامة الكنسية الرفيعة، وقد ارادها تعبيراً من قداسته عن تقديره لكنيستنا المارونية بل ولكل كنائسنا الشرقية العزيزة، وللبنان وشعبه، بعد زيارته التاريخية لوطننا الحبيب في ايلول الماضي. وهي زيارة ولّدت في قلبه الكثير من الحبّ والاعتبار للكنيسة وللشعب اللبناني، مسيحيين ومسلمين، وقد عبّرعن ذلك في اكثر من مناسبة. لقد أدركنا كلنا كم أعلت زيارة الاب الاقدس شأن لبنان، اذ كشفته للعالم على قيمته الحقيقية واعادت له الاعتبار لدى مختلف شعوب الارض بفضل وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية التي نقلت وقائع هذه الزيارة في كل محطاتها. ولكن جاءت قوى الشرّ تحارب هذا الواقع باغتيال اللواء وسام الحسن الذي أوقع في البلاد شرخاً كبيراً وازمة سياسية حادّة. لكننا بالاتكال على عناية الله – التي لم تخذلنا يومًا – وبوحدتنا الداخلية وبالمشاورات التي يجريها فخامة رئيس الجمهورية، وبالمصالحة الوطنية، نستطيع تجاوز كل محننا، فيعود للبنان دوره ومكانته ورسالته.

       4. الرتبة الكردينالية تشكل عبر مجمع الكرادلة هيئة عليا في الدائرة الرومانية تعاون الحبر الاعظم في شؤون الكنيسة الجامعة والمسائل الاكثر اهمية فيها، ولاسيما ما يختص بتثبيت الايمان والشركة والوحدة وخير شعب الله، كما يرسم الدستور الرسولي Pastor Bonus، (فقرة 9)، ويكشف عن الرباط الوثيق والخاص القائم بين الكرادلة والحبر الاعظم، اذ هم يعضدونه إما جماعيًا، عندما يدعو مجمعم للانعقاد لمعالجة المسائل الاكثر اهمية، وإما افراديًا، من خلال المهام التي يقومون بها (الفقرة 6).

5. انا اعتقد ان رتبة الكردينالية المضافة الى الخدمة البطريركية، بعد ان سلّمنا قداسة البابا، اثناء زيارته للبنان، الارشاد الرسولي: “الكنيسة في الشرق الاوسط، شركة وشهادة،”تشكّل امكانية جديدة ودفعًا فاعلاً للسير قدمًا في تطبيق تعليم هذا الارشاد وتوجيهاته وتوصياته، بالتعاون مع اصحاب الغبطة البطاركة، والسادة المطارنة والرهبان والراهبات وسائر المؤمنين والمؤمنات، في لبنان وبلدان الشرق الاوسط.

       شركة وشهادةشركة اتحاد بالله في الخط العمودي على مستوى تعزيز الايمان وروح الصلاة والممارسة الدينية، وشركة الوحدة مع جميع الناسفي الخط الافقي، على مستوى النشاط المسكوني مع الكنائس عبر التعاون الروحي والاجتماعي والاخلاقي والانمائي، وعلى مستوى حوار الحياة والثقافة والحياة الوطنية مع المسلمين وسواهم من الديانات الاخرى. والشهادة للشركةفي خدمة المحبة للانسان والمجتمع، بواسطة مؤسسات الكنيسة التربوية والاستشفائية والاجتماعية.

       6. فيما العالم العربي يعيش آلام المخاض، املاً بربيع عربيلبلدانه وشعوبه، انا أؤمن بان الطريق الى هذا الربيع لا يمكن ان يمرّ عبر العنف والحرب والممارسات الارهابية، ولا عبر فرض الاصلاحات الداخلية بالقوة ومن الخارج. بل يمرّ عبر الحوار والتفاهم واجراء التسويات التي ترضي الجميع. واؤمن بان لبنان،المعروف عنه بانه عنصر سلام واستقرار في المنطقة، يستطيع ان يلعب دورًا اساسيًا في انبثاق فجر “الربيع العربي”، اذا عاش “ربيعه” في العيش الواحد المثالي بين المسيحيين والمسلمين، واذا التزم مسيحيّوه ومسيحيّو بلدان الشرق الاوسط باحياء ربيع الشركة والشهادة، مدركين انهم في اوطانهم مواطنون أصليون منذ الفي سنة، ومواطنون أصيلوناخلصوا لاوطانهم، وساهموا في نموّها، وطبعوا ثقافاتها بقيم الانجيل والحداثة.

       فليكن الحدثان، الوطني والكنسي، اللذين يجمعاننا الليلة على مائدة المحبة، مناسبة لتجديد ايماننا بلبن
ان وبالكنيسة، وللسير بالتزام وثقة في خدمتهما عبر الشركة والشهادة.

                                                       عشتم! وعاش لبنان!   

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير