جل الديب، الخميس 6 ديسمبر 2012 (ZENIT.org). – عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حول “دور العائلة وأهميتها في بناء الإنسان والمجتمع” من خلال الإرشاد الرسولي: “الكنيسة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة”، شارك فيها: راعي أبرشية اللاذقيّة المارونيةالمطران الياس سليمان، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، منسق مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية المارونية – بكركي، الأباتي سمعان أبو عبدو، ، ومن مكتب راعوية الزواج والعائلة المهندس سليم الخوري والسيدة ريتا الخوري، وحضرها الدكتور بيار دكاش، المحامية باتريسيا دكاش، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.
رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم صاحب السيادة المطران بولس مطر، رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام وقال:
“من الواضح أن هذا الإرشاد يولي العائلة أهمية كبيرة، ودوراً أساسياً في مسيرة الكنيسة، كيف لا، والكنيسة هي جماعة المؤمنين، والمؤمنون هم جماعة العائلات، التي تؤسّس لإستمرارية الكنيسة وعلى الأهل أن يعوا مسؤولياتهم في هذا المجال”.
أضاف: “إن الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني أطلق على العائلة اسم الكنيسة البيتيّة وهذا يعني أن كل عائلاتنا يجب أن تؤسّس لمسيرة مقدسّة على مثال عائلة الناصرة وبروح المحبّة والصلاة، والخدمة والتضامن”. وتساءل “هل يعي الآباء والأمهات دورهم في هذا المجال؟ هل مدارسنا وجامعاتنا مدركة أنها العائلة الثانية ويقع على عاتقها، متابعة التربية البيتيّة؟
تابع: “الواقع ربما غير المرتجى، فإننا نرى معظم العائلات، مستقيلة من دورها تحت حجة الضغط الاقتصادي والاجتماعي، فلا وقت لدى الأهل للإجتماع والاستماع والصلاة مع أولادهم، يتركونهم رهينة الأنترنت والمواقع الإلكترونية وصفحات الفايسبوك والتويتر، وما أدراك ما هي ثقافة هذه المواقع؟”
ورأى أن “لا علاقة عائلية بين أفراد العائلة، وبالتالي لا روابط ولا شركة فتنعدم الشهادة”.
أضاف: “والأمر لا يختلف في المدارس والجامعات، فإدارات المدارس منهمكة في تطوير مناهجها وتحديث أجهزتها وأبنيتها وهذا أمر مشكور، لكن البشر برأي أهمّ من كل هذا، فساعات التعليم المسيحي يجب أن تكثّف، وقراءة الكتاب المقدّس مع بداية النهار في كل صف مطلوبة، والمتابعة الأدبية والاجتماعية يجب أن تقترن مع المتابعة الفكرية والرياضات الروحيّة للأساتذة والتلامذة واجب مقدّس، خاصةً في المناسبات السيدية الكبيرة، وحماية شبيبتنا من المخدرات التي تندّس بين صفوفهم، كل هذا مرتبط بشكل أساسي بالأهل والمدرسة وهاتان المؤسستان تشكلاّن الحاضن الأول للعائلة”.
تابع: “إن مسؤوليتنا كبيرة، أمام الله، الذي تجسّد وصار إنساناً وعاش في كنف العائلة ورسم لنا “الطريق التي تجعل من عائلاتنا، عائلة مقدّسة على مثال عائلة الناصرة”، أولادنا وزناتٌ وضعها الله بين أيدينا كي نتقدّس من خلالها”.
وختم بالقول: “في مجال الكلام عن العائلات، لا بدّ لنا من أن نتكلم على عائلة الوطن، هذه العائلة المتفكّكة من خلال طروحاتها السياسية، ولا بدّ من العمل على جمع شملها قبل فوات الآوان، من خلال الحوار ثم الحوار ثم الحوار الذي يدعو إليه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان”. و”صلاتنا إلى طفل المغارة، أن يحمي عائلاتنا ويحمي لبنان”.
ثم كانت مداخلة للمطران الياس سليمان عن“الصعوبات والتحدّيات التي تواجهها العائلة في سوريّة”:
“في الفصل الثاني من الإرشاد الرسولي “حول الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة” الذي يحمل عنوان “وكان جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة”[1] تمّ التطرّق إلى العائلة بعد أن كانت تمت معالجة المواد المتعلّقة بالسلطة الكنسيّة والحياة المكرّسة والعلمانيّين. بموجب العنوان المتّبع المرتكز على جماعة المؤمنين التي كانت “قلبًا واحدًا وروحًا واحدة”، أليست العائلة هي نقطة الانطلاق؟ حتمًا العائلة الروحيّة. أليست هي الرحم الإنساني والرّوحي الذي يولد منه كلّ من تمّ التطرّق إليهم قبلها في الإرشاد الرّسولي؟”
تابع: “في الحقيقة، لا بد من اختيار منهجيّة يتبعها كاتب الإرشاد الرّسولي. لقد وقع اختياره على المنهجيّة التسلسليّة الإيراركيّة انطلاقًا من رأس الهرم في كلّ من الكنائس الشرقيّة التقليديّة. إنّها منهجيّة كلاسيكيّة. ولكنّه كان من الممكن أن يتبع منهجيّة الأصل والفروع. فنحن في العالم المشرقي لا زالت العائلة تحتلّ، من حيث المبدأ أو من حيث ما هو شائع، المقام الأول في المجتمع. أليس البطريرك هو “الأب والرّأس”؟ فـ”الأب” المرتبط بالبعد العائلي يأتي قبل “الرأس” المرتبط بالبعد التنظيمي والقانوني”.
أضاف: نلاحظ أنّ العالم الغربي يعاني من تفكّك العائلة، ويشهد على هذا التفكّك المسلسلات التلفزيونيّة بشكل خاص والتي راحت تفتك في رؤوس الناس بهذه القيمة الإجتماعيّة الأساسيّة: تفتك بالرّباط العائلي والأمانة في أحاديّة العلاقة والزّواج وغيرها، فارضة واقع التفكّك العائلي السّائد في المجتمعات التي تصدّر هذه المسلسلات إلى العالم. ففي أجواء الحرب يلجأ الكثير من الناس إلى التلفزيونات للتخفيف من قسوة ما يعيشون من مآسٍ، وذلك لكي يشغلوا وقتهم. ولكن هل ما ينشغلون به في هذه الأوقات يخدم
العائلة والرّباط العائلي أم يهدمها؟ ما هي الصّعوبات والتحدّيات التي تواجهها العائلة؟ وكيف ينظر الإرشاد الرّسولي إليها؟ هل هي تنطبق على الصعوبات والتحدّيات التي تعانيها العائلة في سوريّة، ولا سيما العائلة المسيحيّة، خاصّة في الظّروف الراهنة؟”
تابع “يبدأ الرّقم 58 من الإرشاد الرّسولي بتعريف العائلة كما يلي: “مؤسّسة إلهيّة مبنيّة على الزّواج كما أراده الخالق نفسه”. فالثابت في العائلة على العموم هي أنّها “إلهيّة”، أي أنّ ضامنها ومثبّتها هو الله. يجذّر الإرشاد الرّسولي العائلة في انتمائها الرّوحي الذي تنكّرت له العائلة الأولى: آدم وحوّاء. هذه العائلة التي أسّسها الله نفسه في سفر التكوين مؤلّفة من ذكر وأنثى يتّحدان بجسد واحد. أُلغى هذا التحديد الزيجات المثليّة أكانت بين رجلين أم بين امرأتين. والزّواج الطبيعي كما أراده الخالق هو الوحيد المعتمد من قبل الإرشاد الرّسولي: بين رجل وامرأة يصيران جسدًا واحدًا؛ ثمّ يتابع المسيح في الزّواج المسيحي: “وما جمعه الله لا يفرّقه الإنسان”. فأمام هذه الوحدة المطلقة التي أرادها الله للزواج، يتطرّق الإرشاد الرّسولي إلى المخاطر العديدة التي تتعرّض لها العائلة والتي تزعزع الثوابت التي يجب أن تُبنى عليها هذه العائلة لتصمد في وجه كلّ العواصف التي تهبّ عليها من كلّ صوب. هذا بالنّسبة للعائلة على العموم”.
تابع: “ثمّ يدخل الإرشاد الرّسولي في خصوصيّة العائلة المسيحيّة التي “تواجه، أكثر من أيّ وقت مضى، مسألة هويّتها العميقة” (الإرشاد الرّسولي رقم 58). حتمًا هنالك مشلكة الطلاق في المؤسّسات المدنيّة الذي يليه زواجات أخرى مع إهمال الزواج الكنسي القائم، وكأنّه غير موجود، وبات شائعًا ما يُسمّى الأزواج الـ”divorcés remariés” أي “مطلَّقون ومتزوّجون مجدّدًا”؛ ثمّ هنالك المشلكة البالغة الخطورة المتعلّقة بالزيجات المثليّة التي تعصف في العالم المتأتّي من التقليد المسيحيّ، كما هو الحال في بعض بلدان الغرب! والكارثة الكبرى أنّه يُسمح لهؤلاء المثليّين أن يتبنّوا أولادًا! ما هو المجتمع الذي يتكوّن من هكذا ارتباط خاليًا من أيّة مرجعيّة طبيعيّة تعطي الحياة بشكلها الطبيعي؟ ألا يحتاج هؤلاء الأزواج إلى أزواج “طبيعيّين” ينجبون لهم أولادًا؟ وأيضًا وأيضًا لنظريّة النوع تردّدات كارثيّة على مبدأ العائلة نفسه كما ورد في الكتاب المقدّس وعلى الخصائص المرتبطة بالجّنس كذكر أو أنثى.
تابع: “كل هذه والكثير غيرها من المعطيات تنسف هويّة العائلة من أساسها كمؤسّسة إلهيّة قائمة على اتّحاد الرّجل والمرأة في خاصّتي الزّواج الرئيسيّتين: الوحدة والدّيمومة وينجب الإنسان من خلالها أولادًا. هاتان الخاصّتان هما أساسيّتان من ثوابت الزّواج المسيحي الذي يخلص إلى الإنجاب.
أضاف: “هنالك مشكلة الانفلاش الجنسي والأخلاقي الذي ينسف مبدأ الوحدة والأمانة في الزّواج. هذا المبدأ المبني على حصريّة العلاقة الجنسيّة بين الزّوجين هو موضوع جدل في أيّامنا حيث يعتبر الكثيرون أن الحبّ يبرّر العلاقة حتى في خارج إطار الزّواج؛ لا بل هنالك نظرة انفلاشيّة يعتبر متبنّوها أنّه من حق كلّ إنسان أن يقيم علاقات جنسيّة مع من يحبّ؛ لذلك فمن حقّ كلّ البشر أن يُمارسوا العلاقة مع من شاؤوا دون وضع حدٍّ لحريّتهم خاصّة من قبل الكنيسة. هذه الصعوبات رآها آباء السينودس بوضوح.”
تابع: “وضع آباء السينودس الحبّ الزوجي في إطار “العهد النّهائي بين الله وشعبه”. في الحق القانوني يتمّ وصف الزّواج بالـ”العهد”[2] بدل “العقد”[3] في القانون القديم. وها هو الإرشاد الرّسولي يضع الحبّ الزوجي في إطار أقدس مستوى ممكن: المستوى الخلاصي المطلق الذي بموجبه يريد الله أن يُجلِس الإنسان إزاءه وكأنه على طاولة مستديرة معه في الابن الوحيد الذي أخذ ما لنا ليهبنا ما له ويُدخلنا في الشركة معه.
أضاف: “يدعو البابا العائلات المسيحيّة في الشرق الاوسط إلى أن تتجدّد “دومًا بقوّة كلمة الله والأسرار” لتكون أكثر فأكثر “الكنيسة البيتيّة التي تربّي على الإيمان والصّلاة، ومشتل الدّعوات، والمدرسة الطبيعيّة للفضائل والقيم الأخلاقيّة، والخليّة الحيّة والأولى للمجتمع”.
أضاف: “ومن الثّوابت هي المساواة بين الرجل والمرأة وقد شوّهتها الخطيئة وتبعاتها. على الرجل والمرأة أن يعملا معًا للخروج من هذه التبعات الخطيرة. فالكنيسة الكاثوليكيّة تعمل على تعزيز الكرامة الشخصيّة للمرأة ومساواتها بالرّجل. لأن كرامة المرأة ممتهنة “لمجرّد كونها امرأة” (الإرشاد رقم 60)
تابع: “بالإضافة إلى وجود تباينات قانونيّة قد تضع الرجل والمرأة في مواجهة لا سيّما في المسائل المرتبطة بالزّواج، فعلى صوت المرأة وصوت الرجل أن يكونا على قدم المساواة للحدّ من بعض المظالم وتأمين العدالة ولا سيما في تطبيق القانون الكنسي. لأن الكنيسة يجب أن تكون مثاليّة في عدالتها على الأصعدة كلّها لا سيما في المجالات المرتبطة بالقضايا الزّواجيّة.
أضاف: “حتمًا هذه الثّوابت مرتبطة بالعائلة في سوريّة وكذلك الصعوبات والتحدّيات؛ إلاّ أن هذه الأحداث الأخيرة شكّلت صعوبات وتحدّيات أخرى تحتاج إلى ثوابت إضافيّة وأكثر دقّة في الوضع الرّاهن، مع العلم أنّ الثّوابت من الصعب أن تتغيّر لكونها أعمق من المتغيّرات. ولكن المتغيّرات تخلق ظروفًا جديدة تحتاج إلى معالجة أدق وأكثر ملاءمة لعلاجها. هذه العلاجات تصبح من الثّوابت الخاصّة أو المخصّصة.
تابع: “عند اشتداد المحن ت
شتدّ اليقظة والانتباه إلى الذات وإلى الأحداث من خلال الحوادث الطارئة، وإلى التفاعل بين الذّات والأحداث لتتكوّن آليّات دفاعيّة تبحث عن ثوابت مرافقة لما يطرأ ويستجد، فتصبح “ثوابت-متغيّرة” مع الطوارئ المستجدّة. يمتاز الإنسان بالتأقلم السريع. حتّى الثوابت تتلوّن بلون الحوادث والأحداث التي تدفعها على التبدّل. تذكّرني بالنعمة الحاليّة أو المستجدّة في اللاّهوت. ما يجعل هذه الثّوابت متغيّرة هي أنّها مبنيّة على ثابتة من الثّوابت الجوهريّة وتتلوّن بلون الأحداث التي تطرأ في ظرف راهن ما”.
اضاف: “الثّابت الأساسي من جهة الإنسان هو تسليم الذّات إلى الله والالتفات صوبه بطريقة ديناميكيّة نامية بتفاعلها مع الرّوح من خلال المحيط الخارجي والدّاخلي. فالله هو المرجعيّة الدّائمة.
تابع: “كان المواطنون في سوريّة يعيشون الأمان الذي لم يكونوا يدركون قيمته إلاّ عندما فقدوه. لا يقدّر الإنسان ما لديه، إذ ما يهمّه البحث عمّا ليس لديه. من يكن يصدّق أن سورية تخلص إلى هذا المصير؟ عندما فقدنا السّلام والأمان بتنا نبحث عنه، وبتنا نعرف أنّه أغلى ما في الوجود. فالحياة هي القيمة الثابتة المطلقة. هذا ما أتى المسيح يهبنا إيّاه، لا بل ما أتى ينقذنا منه بشكل نهائي حين مات وقام منتصرًا على الموت ليهبنا الحياة محوّلاً الموت إلى معبر إلى الحياة الأبديّة”.
وختم بالقول: “صحيح أن هنالك الضّيق الذي يهدّد عائلاتنا، والحاجة والفاقة والخطر وغيرها يضعنا في مأزق خطير وفي تحدًّ كبير، ولكن كيف مواجهته؟ هل بالهروب؟ أم بالوعي واليقظة في صميم الحياة التي أحياها بواقعيّة روحيّة وإيمانيّة؟ أجمع الممكن بالواقع في معبد إيماني، وأقول لو كان المسيح مكاني ماذا كان يتصرّف؟ صحيح أنّه قد هرب إلى مصر عند الخطر، ولكنّه صعد إلى أورشليم عند قدوم ساعة الصّلب؛ وأنا بدوري ماذا عليّ أن أعمل؟. “نحن أقوياء بالمسيح القائل: “ثقوا لا تخافوا أنا غلبت العالم”! هذا هو التحدّي الذي يبدّد الخوف ويزيل الصعوبات ويدفع إلى مدّ يد التضامن إلى إخوتنا شركاء الوطن. وهذه الأرضيّة التي نعيش فيها هذه الحقيقة ونربى عليها هي العائلة”. فإذا فرغ الشرق من المسيحيين شكل مشكلة كبيرة، وعلى المسيحي والمسلم شركاء الوطن المحافظة على العائلة والعيش المشترك.
ثم كانت كلمة الأباتي سمعان ابو عبدو أشار فيها:
إلى “أنَّ الإرشادَ الرسوليَّ يُشدِّدُ على أنَّ العائلةَ هي الأداةُ المُفَضَّلةُ والمميَّزةُ لحضورِ الكنيسةِ ورسالتِها في العالمِ، ونود تَسليطَ الضَّوءِ على بعضِ التحدّياتِ والصعوباتِ التي تُواجِهُ العائلةَ في لبنانَ والشرقِ الأوسط،”.تابع: “أولى هذه المشكلات تبرُزُ في الهجرةِ والتهجيرِ الناجمَيْنِ من الحروبِ وعَدَمِ الاستقرارِ، الأمرُ الذي ينعكِسُ سَلباً على اقتصاديَّاتِ المجتمعاتِ ومن ضمنِها المؤسسة العائلية”.
تابع”كما نراها في عدمِ توافرِ فُرَصِ العملِ لتأمينِ حياةٍ كريمةٍ للعائلات، الأمرُ الذي يُرْغِمُ أربابَها على السفرِ للعملِ في الخارج بعيداً من عائلاتهم، وهذا ما يتَسَبَّبُ تلقائياً بإضعافِ الروابطِ العائلية، ويتركُ مضاعفاتٍ سلبيةً على المستوى التربويّ”.
أضاف: “الى ذلك، نلمسُ غياباً لسياساتٍ عائليَّةٍ واضحةِ المعالم، وبالتالي غياباً لاستراتيجياتٍ من شأنِها إيلاءُ العائلاتِ الاهتمامَ الكافي،وبالتالي، فإنَّ عائلاتَنا ومجتمعاتِنا تَفتَقِرُ الى توجُّهٍ عادلٍ لأخلاقياتٍ علمِ الأحياءِ التي تلزمُنا بوثائقِ تعليمِ الكنيسةِ الكاثوليكية، التي تُحَتِّم علينا الحفاظَ على الحياةِ ضمنَ قوانينَ واضحةٍ، باعتبارِ هذه الحياةِ هبةً من الله ولا يَحقُّ لأحدٍ أن يُنْهِيَها، بكونِها مقدسةً منذ المولدِ حتى الممات”.
تابع: “ولا تغيبُ عنّا سيطرةُ العقليَّةِ الماديةِ النسبويَّةِ على المواضيعِ الأخلاقيةِ والجنسيَّةِ ومفهومِ الحرّيَّةِ، فَنرى كلَّ شيءٍ مُباحاً، وشخصيّاً، يدور في اطارِ المَنْفَعَةِ الخاصةِ من دونِ إحترام الشخصِ وكرامةِ الإنسان”. والأخطرُ من كلِّ ما تقدّم هو ما نراهُ في بعضِ المجتمعات والدول المتقدِّمَةِ من تبديلٍ لمفهومِ الزواجِ الذي ينصُّ على حبِّ الرجلِ والمرأةِ وعلى دورِهما في إنجابِ البنينِ والبناتِ في قلبِ عائلتِهِما، وليس “بالأجرة”, وما نراه من تشريعاتٍ تُجيزُ الزواج للمثليينَ وتبنّيهم الأولادَ، وهذا طبعاً يُشكل تَعدّيا” فاضحا” على كرامةِ الزواجِ وتربيةِ الأولاِد في محيطٍ عائليٍّ سليمٍ ومتوازن”.
وأشارالى أنَّ غالبيّةَ المشاكلِ في العائلةِ مردُّها الى عدمِ التفاهمِ وعدمِ القدرةِ على التواصل،, سَبَبُهُ وضعُ الله جانباً والعيشُ بدونه، والبُعدُ عن تعاليمِ الانجيلِ الأساسيّةِ كالحبِّ والرّجاءِ والإيمانِ والثقةِ والوفاءِ والمسامحةِ والمغفرة،
وختم” بالقول: تعالوا نهتمُّ بعائلاتِنا، هلّموا نطبِّقُ ما جاءَ في الإرشادِ الرسوليّ، هيّوا نعيشُ سنةَ الإيمان بفرحٍ، فهذهِ كُلُّها فرصٌ ثمينةٌ من شأنِها تَعزيزُ دور العائلةِ وإِبعادُ شبحِ التفكُّكِ والتَّقهقرِ عنها”.
ثم مداخلة معالي د. سليم الصايغ تحدث فيها عن الخطوات العملية المقترحة لتعزيز العائلة انطلاقا من روحية الإرشاد الرسولي:
“رأى التزاماً بتعاليم الإرشاد الرسولي وتحقيق هدف زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان، هناك مسؤولي
ة أمام أهل السياسة كي يترجموا الإرشاد الى سياسات عامة. فهذا الإرشاد يكرّس قدسية العائلة المردودية والاجتماعية، والعائلة هي التي تبني السلام السلام الأهلي والمجتمعي”.
“في المجتمع التعددي، توجد عدة مفاهيم للعائلة، وجب احترام خصوصية العائلة على أساس: الوحدة وعدم الذوبان احترام قانون الأحوال الشخصية من حيث الزواج والإرث والرعاية = المساواة والعدل، التربية على السلام والديمقراطية والحوار والمواطنة، تطبيق قانون مكافحة العنف الأسري، وكذلك اعتماد سياسات عامة تتعلّق بالطفولة حسب النقاط التالية:
1) قانون حماية الطفل: تحديث 422 دراسة (الجامعة اليسوعية) / تحميل مجلس النواب مسؤولية المحافظة على المكتسبات التي تضمنتها التعديلات على قانون 422 والتي أحالتها الحكومة الى المجلس النيابي منذ عام 2012 والتي أعادت وأحالتها الحكومة الحالية.
2) إبرام البروتوكول الاختياري (2000) الملحق بإتفاقية حقوق الطفل (1989) (المتعلّق بمشاركة الأطفال في النزاعات المسلّحة) والتي وقّعت عليه الحكومة اللبنانية في شباط 2002 ولايزال في مجلس النواب.
3) إعادة النظر الكاملة بآلية الخط الساخن لحماية الأطفال من كل أشكال العنف بحيث يكون مرتبطا بشكل وثيق بنظام حماية متكامل وفعّال بالشراكة مع المؤسسات المؤهلة لتقديم الخدمات والتدخلات الوقائية والإصلاحية والتأهيلية.
4) تأكيدا على حق الأطفال في المشاركة والتعبير عن رأيهم، إعادة العمل على مأسسة برلمان الطفل ليكون إطارا وطنيا لتعبير الأطفال ومشاركتهم الديمقراطية في الأمور التي تخصهم.
5) تعميم منهجية المدن الصديقة للأطفال لتشمل أوسع عدد ممكن من البلديات والسلطات المحلية
6) بناء قاعدة معلومات تحتوي على مؤشرات ومعلومات حول واقع الطفولة وواقع الإنتهاكات على الأطفال، وضمن مرصد وطني يرفد كل مواقع القرار المتعلّقة بالطفولة
7) الإسراع في تقديم التقرير الوطني الرابع حول واقع الأطفال في لبنان بموجب المادة 44 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
8 ) وضع خطة وطنية شاملة حول الطفولة على أساس الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية (2010) والميثاق الاجتماعي (2010).
9) عمل الأطفال: – آليات التطبيق – العمل الميداني
10) الفقر والطفولة.
فضلا عن:
* حماية العائلة من الفقر واعتبار تماسكها مصدر غنى وليس مصدر فقر،
* وضع سياسات سكانية تساعد على الملكية الفردية، فالمسكن هو سقف العائلة، وفي جدرانه تبنى ذاكرة الأجيال،
* وضع سياسات أمان اجتماعية عبر شبكات تضع العائلة كمؤسسة، فضلا عن الفرد، في صلب تنمية التماسك الاجتماعي،
* وإعطاء الأفضلية مثلا لرعاية المعوق ضمن العائلة، واحتضان المسن ضمن بيته وأسرته…
تماما كما كنا قد بدأنا بمشروع الفقر واستهداف الأسر الأكثر فقرا، وليس الأفراد الأكثر فقرا لأن في ذلك فعالية واضحة من جهة، ولأن في ذلك تعزيز لقيمة العائلة وموقعها المركزي في المجتمع.
وختم “بالدعوة الى أن تكون رعاية الأيتام أساسا ضمن العائلة وعند الضرورة بالشراكة مع المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص، لأن في ذلك قيمة فضلى واضحة من جهة، ومن جهة أخرى لأن في ذلك إيقاف للهدر الاجتماعي الذي يضرب سوء التنسيق بين الدولة والمؤسسات والعائلة”.
كلمة المهندس سليم الخوري والسيدة ريتا الخوري:
يتناول الارشاد الرسولي ” الكنيسة في الشرق الأوسط – شركة وشهادة ” موضوع العائلة حيث يعرض المشاكل والمخاطر التي تواجهها العائلات من حيث تبدّل مفاهيم النموذج المسيحي للعائلة والحياة الجنسية والحب ومحاولة الاتجاه لتبنّي نماذج متعارضة مع الانجيل تقودها ثقافة معاصرة منتشرة في مختلف أنحاء العالم والتي وتحت ستار قيم انسانية كالحرية الشخصية واحترام راي الآخر تسعى الى هدم العائلة المؤسسة الالهية المبنية على الزواج من خلال ضرب أهم خاصتين أساسيتين للزواج وهما : الوحدة والديمومة .
نجد في رسالة الحبر الأعظم الى العائلة خمسة محاور أساسية: التوعية ونشر القيم المسيحية،العمل على وحدة الزواج وديمومته،المرافقة الرعوية للعائلة،التجدّد بقوة كلمة الله والأسرار، ونساء الشرق الأوسط والمساواة بصوت الرجل.
تابع: “يتمحور عمل المكتب الراعوي في بكركي في مجال التوعية ونشر القيم المسيحية على الخطّاب الذين يتحضرون للزواج من خلال دورات التحضير للزواج لأنه بات الأعداد للزواج وللحياة الزوجية والعائلية حاجة ملحة في ايامنا، بسبب ما في مجتمعنا من تراجع للقيم الروحية والخلقية، وجهل لمفهوم الزواج والحياة العائلية، وابتذال للحب الزوجي، وتفكك للرابطة الزوجية، وانتهاك لكرامة الزواج وقدسية الحياة البشرية”.
أضاف: “يقوم المكتب بالتنسيق مع الجماعات العيلية في الأبرشيات المارونية وذلك لتفعيل عملها وإنشاء جماعات جديدة لما لها من تأثير كبير في المرافقة العائلية والتجدّد بالأسرار حيث نجد في الجماعات العيلية الجواب العملي لإرشاد الحبر الأعظم بما يختص بالعائلة فهي جماعات كنسية تضم عائلات تنتمي الى رعية واحدة، تصغي الى نداء الرب لها يدعوها لعيش هويتها في قلب العالم, بحسب مشروع الله الخلاصي في الزواج والعائلة “كجماعة حب وحياة” على مثال عائلة الثالثوث الأقدس .
تابع: “تهدف الجماعات العائلية الرعائية الى توثيق الرباط الكنسي الرعوي للعائلة، هذا الرباط الذي يمدها بما تحتاج اليه من تنشئة ع
ميقة، لتتعمق في معرفة المسيح ومحبته وتنمو فيهما وتشهد له عبر المشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها، لتحقق دعوتها الى القداسة في قلب العالم، فتجد الأطر الملائمة للعائلات الملتزمة كيما توظف المواهب الخاصة في بناء كل عائلة في الرعية.
وختم أخيرا هناك بعض المبادرات والنشاطات التي سيسعى المكتب لانجازها خلال هذا العام ومنها : لقاء لجان العيل في الأبرشيات المارونية مع نيافة أبينا الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي حول كيفية تفعيل الارشاد الرسولي، تكريم عائلات لها دور في التبشير وايصال كلمة الله في لبنان والشرق، والتواصل مع العائلات المارونية المنتشرة في البلاد العربية وامدادها الكترونيا بالمنشورات التي تخصّ العائلة .