التربية: نداء وجّهه بندكتس السادس عشر إلى الحكّام

التحدّي الأوّل الذي يجب تخطّيه في عالمنا اليوم

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم أنيتا بوردان

روما، الاثنين 17 ديسمبر 2012 (ZENIT.org).- إنّ التحدّي الأكبر في عالمنا الحالي هو التربية وذلك وفقاً لبندكتس السادس عشر الذي وجّه نداءً للحكّام في هذا الشأن.

وكان قد استقبل البابا الأسبوع الماضي في الفاتيكان السفراء الجدد المعتمدين لدى الكرسي الرسولي والذين جاءوا من 6 بلدان مختلفة وهي : غينيا وسان فنسان وغرينادين والنيجر وزامبيا وتايلاند وسريلانكا، ليقدّموا له أوراق اعتمادهم، وألقى كلمة أمامهم باللغة الفرنسية.

انقطاع مبطّن

أشار بندكتس السادس عشر إلى أنّه “في النظر إلى التحديات الكثيرة التي نواجهها اليوم، نرى أنّ التربية تستحوذ على المرتبة الأولى من هذه القائمة، إذ أنّها تندرج اليوم في سياقات تغيّر أنماط الحياة وأنماط المعرفة التي تتسبب في انقطاع الروابط الإنسانية والثقافية والاجتماعية والروحية المبطّنة في طيّات تاريخ البشرية”.

كما ويتوقّع البابا تغيرات ستطرأ على مستوى “شبكات التواصل الاجتماعية الحديثة التي تميل إلى استبدال الفسحات الطبيعية في المجتمع والتواصل الطبيعي بين البشر، وغالباً ما تصبح المصدر الوحيد للمعلومات والمعرفة. وبالتالي، فلا تبدو العائلة والمدرسة الأرض الخصبة التي تنمو فيها الأجيال الفتية”.

ركّز البابا أيضاً على تغيرات قد تطرأ على المدارس قائلاً: “في المجال التعليمي والأكاديمي، يشكك في سلطة المعلّمين والأساتذة ولسوء الحظّ يشكك أيضاً في كفاءة العديد منهم إذ ينقصها المعرفة والأنثروبولوجيا، وبالتالي فهي تستبعد أو حتى تنقص من الحقيقة العائدة للإنسان الذي يعتبر كائناً متكاملاً وليس مجموعة عناصر يمكن فصلها والتلاعب بها بحسب أهوائنا”.

تعزيز تربية الشباب

هذا التغيّر قد يطال الجامعات أيضاً: “فالمدرسة والجامعة يمكن ألّا تبقيا قادرتين على المشاريع الإبداعية التي تحمل في داخلها علم لاهوت متعالٍ قادر على التأثير على الشباب في أعماقهم، ومع أنّهم قلقون لما ينتظرهم في المستقبل، يستهويهم الجهد الأقل والحد الأدنى الكافي والنجاح السهل حتى وإن استعملوا أحياناً أساليب غير مناسبة تقدّمها التقنيات المعاصرة. يطمح الكثيرون إلى النجاح والوصول سريعاً إلى المكانة الإجتماعية والمهنية المهمّة متجاهلين التدريبات والمهارات والخبرات اللازمة”.

وفي الحديث عن الكبار، تعدّ نظرة بندكتس السادس عشر قاسية فقد قال: “إنّ العالم اليوم والكبار المسؤولين لم يعلموا كيف يمنحون الشباب المعايير المطلوبة. ألا يمكن تفسير خلل بعض المؤسسات وبعض الخدمات العامة والخاصة من خلال سوء التربية الذي لم يؤمّن جيداً ولم يفهم؟”

لذلك، وجّه البابا نداءً إلى الحكّام قائلاً: “إنني أدعو حكوماتكم إلى المساهمة بشجاعة في تقدّم البشرية وذلك عن طريق تعزيز تربية الأجيال الجديدة من خلال ترويج الأنثروبولوجيا السليمة وهي القاعدة اللازمة لتربية حقيقية تتماشى مع التراث الطبيعي المشترك”.

وأضاف قائلاً أنّه “يمكن أن تمرّ هذه الرقعة أولاً بتفكير جدّي في المسائل المختلفة الموجودة في كلّ من البلدان حيث يمكن لبعض الخيارات السياسية أو الاقتصادية أن تضعف بدهاء التراث الأنثروبولوجي والروحي الذي غربل على طول القرون والذي أسّس على قواعد تحترم جوهر الكائن البشري في واقعه الجامع مع البقاء في وئام مثالي مع الكون أجمع”.

تعزيز السلطة الأخلاقية

علاوة على ذلك، وجّه البابا دعوة أخرى قائلاً: “أنا أدعو حكوماتكم أيضاً إلى التحلّي بالشجاعة للعمل على تعزيز السلطة الأخلاقية، المفهومة على أنها نداء إلى عيش تناغم في الحياة، والضرورية لتربية حقيقية وسليمة للأجيال الشبابية. كما أنّه لا يجب نكران أو تناسي الحق في تربية بحسب القيم العادلة. إذ أنّ مهمّة التربية استناداً إلى هذه القيم لا يجب أن تقتطع أو تخفّض من أجل أية مصلحة سياسية وطنية أو عالمية. لذلك، من الضروري أن ترتكز التربية على أساس الحقيقة ومن أجل الحقيقة”.

كما وأجاب البابا على مداخلة قائلاً: “ولكن “ما هو الحق؟” (يوحنا 18، 38)، هذا ما سأل عنه بيلاطس الحاكم. في أيامنا هذه، أصبح قول الحقيقة أمراً مشكوكاً بأمره، فإرادة العيش في الحقيقة تبدو وكأنها قديمة والترويج لها يبدو وكأنّه بدون جدوى. كما أنّ مستقبل البشرية موجود في علاقة الأطفال والشباب مع الحقيقة: حقيقة الإنسان والخلق والمؤسسات…”.     

وأخيراً، شجّع البابا على التربية “بمعنى الجهد والمثابرة في الأوقات الصعبة” قائلاً: “يجب تعليمهم أنّ كل عمل يقوم به الإنسان يجب أن يكون مسؤولاً ومتناغماً مع إرادته النهائية وأن يرافقه هذا الفعل بهدف تحضيره لبشرية أكثر أخوّة وتكون خالية من الاغراءات المادية والفردية”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير