رسالة البطريرك غريغوريوس الثَّالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندريَّة وأورشليم للرُّوم المَلَكيِّين الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد المجيد

رسالة صاحب الغبطة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

البطريرك غريغوريوس الثَّالث

بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندريَّة وأورشليم

للرُّوم المَلَكيِّين الكاثوليك

بمناسبة عيد الميلاد المجيد

25 كانون الأوّل 2012

من غريغوريوسَ عبدِ يسوعَ المسيح

برحمةِ الله تعالى

بطريرك أنطاكية وسائر المشرق

والإسكندريّة وأورشليم

إلى الإخوة السَّادة المطارنة، أعضاء المجمع المقدَّس الموقَّرين

وسائر أبنائنا وبناتنا بالمسيحِ يسوع، إكليروسًا وشعبًا،

المدعوِّين قدِّيسين، مع جميع الذين يَدعُون باسم ربِّنا يسوع المسيح، ربِّهم وربِّنا

نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا، والرَّبِّ يسوع المسيح (اكور: 1-3).

الميلاد دعوةٌ إلى المصالحة

عيد ميلاد السيد المسيح بحسب الجسد 25 كانون الأول 2012

الميلاد دعوةٌ إلى المصالحة

يطلُّ علينا عيد الميلاد المجيد، عيد السيد المسيح رسول السلام، من جديد في أجواء العنف والحرب والقتل والتهجير والدمار، ولكن ذلك لن يمنعنا من أن ننشد أنشودة الميلاد الداعية إلى تمجيد الله خالقنا كلِّنا، وإلى السلام على الأرض وإلى المسرَّة والفرح للبشر!

شعورنا جميعًا، وبخاصَّة شعوري وشعور إخوتي المطارنة أعضاء سينودس كنيستنا البطريركية في البلاد العربيَّة وفي الانتشار، في هذه الأعياد المباركة، هو أنَّنا كلُّنا رعاة مسؤولون أمام الله عن شعبنا ورعايانا وأبنائنا وبناتنا. ونريد أن نؤكِّد لهم أنَّنا قريبون إليهم، ونواكب مسيرة معاناتهم في هذه الأيام وبخاصَّة في الأعياد المجيدة ورأس السنة الجديدة. ونتذكَّر كلمات القديس بولس وتحريضه لأهل روما ولنا: “إبكوا مع الباكين وافرحوا مع الفرحين.” (روما 9، 15) كذلك قوله: “إذا تألّم عضوٌ، تألَّمت معه سائر الأعضاء! وإذا فرح عضو، فرحت معه سائر الأعضاء” (1كور 12، 26). وما جاء في المجمع الڤاتيكاني الثاني: “إن آلام وآمال الناس هي آلام وآمال أبناء الكنيسة” (فرح ورجاء – الكنيسة في عالم اليوم).

أنشودة الميلاد: أنشودة المصالحة

إنَّها أنشودة المصالحة، لأنَّ محتواها المصالحة مع الله وبين البشر، لا بل هي برنامج الله لأبناء البشر. في ليلة ميلاد يسوع المسيح أنشد جوق من الملائكة وأعلنوا موضوع الإنجيل ومحتواه وفحواه وبرنامجه وجوهره وغايته بهذه الآية الخالدة والأنشودة العالميَّة التي تبارى الموسيقيِّون في إنشادها في كلِّ بلد وبكلِّ لغة وبكلِّ نغم محبَّب! ألا وهي أنشودة الملائكة وأنشودة ملائكيَّة وسماويَّة وإلهيَّة لأن محتواها برنامج الله لأبناء البشر ألا وهي: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرَّة” (لوقا2، 14).

حقًّا إنَّ هذه الأنشودة تحتوي العبارات الأساسية للإنجيل المقدّس ولبشارة السيد المسيح. إنَّها الإنجيل المصغَّر! المختصرُ المفيد الذي يفتح أمام من يتأمَّل فيه أبعادًا رائعةً، وآفاقًا واسعة، ورؤى ومساحاتِ نورٍ وجمالٍ، وآمالاً عريضةً لأجل مستقبلِ بشريةٍ أكثرَ عدلاً وإخاء وتضامنًا وتفاعلاً وتواصلاً وعيشًا مشتركًا وحوارًا واحترامًا وكرامةً وقبولاً متبادلاً ورجاءً ومحبّة…

هذا هو مستقبل البشريَّة الحقيقي، حيث الله هو بشرى المحبَّة الكبرى للبشر كلِّهم، مهما تعدَّدت مشاربُهم وطوائفُهم وأحزابُهم ودُوَلُهم… إنَّهم كلُّهم أبناء وبنات الله الواحد المحب البشر الذي أتى وتجسَّد ووُلِدَ في وقتٍ وتاريخٍ وجغرافيةٍ، في مغارةٍ صغيرةٍ في بيت لحم الصغيرة، لأنه أحبَّ العالم لأجل أن تكون لأبناء الأرض كلِّهم الحياة وتكون لهم بوفرة (يوحنا 10، 10). هذا هو عيد الميلاد! إنَّه ميلاد الإنجيل! إنه دعوة إلى المصالحة، كما قال القديس بولس: “إنَّ المسيح سَلامُنا، قَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة.” (أفسس 2، 14) وبهذا أعطانا سرَّ المصالحة.

زيارة قداسة البابا إلى لبنان: دعوة إلى المصالحة

لكنيستنا الفخر أنَّ قداسة البابا بندكتوس السادس عشر قد وقَّع الإرشاد الرسولي في بطريركيَّتنا في كنيسة القديس بولس في حريصا (لبنان). وكان لنا الشرف أن نلقي أوَّل كلمة ترحيب بقداسته (14 أيلول 2012). هذا الإرشاد يحتوي على برنامج واسع جدًّا نابع من الإنجيل وبشرى الميلاد المجيد، وهو دعوة إلى المصالحة. ويطال كلَّ نواحي ومرافق حياة المسيحيِّين في الشرق الأوسط وعلاقتهم مع مواطنيهم في الأقطار العربية، من جميع الطوائف والملل. كما أن خطابات قداسة البابا أثناء زيارته للبنان وخطابات ومواقف المسؤولين المدنيِّين والروحيِّين في لبنان شدَّدت على قيم أعتبرُها قيمًا إيمانيَّة إنسانيَّة شاملة لبنانيَّة عربيَّة، إسلاميَّة مسيحيَّة وإنجيليَّة صرفة، تصلح لتكون شرعةً روحيةً تهيِّئ لربيع حقيقي يبَّشر بالخلاص في خضَّم الأزمات والحروب والفتن والمحن والقتل والدَّمار ومشاعر العِداء والثأر، التي تُدمي عالَمَنا العربي وتُدمي قلوبنا وعيوننا. وتنشر غيمة من الحزن والأسى والمعاناة على الملايين من أبناء وبنات بلادنا العربية على اختلاف طوائفهم وانتمائهم. مما يشكِّل الخطر الحقيقي لبلادنا التي تُعتبر بحقٍّ مهدَ الديانات والحضارات، لا بل البقعةَ التي يصفها سفر التوراة بأنَّها الفردوس الذي عاش فيه آدم وحواء قبل خطيئتهما وطردهما من الفردوس.
هذا الخطر هو السبب الأساسي لهجرة المسيحيِّين بنوع خاص في هذه الظروف المأساويَّة، مما يهدِّد وجودهم والعيش المسيحي الإسلامي المشترك والحوار المتبادل.

قداسته يعبِّر عن ألمه من أجل سكان المنطقة: “الذين يبدو أنَّهم يعيشيون آلام مخاض بدون نهاية… هذه المنطقة التي رأت ولادة ديانات كبرى وثقافات نبيلة… لماذا تعيش في جوٍّ عاصف؟ لقد اختارها الله، لكي تكون نموذجيَّة، لكي تشهد أمام العالم أنه بإمكان الإنسان أن يعيش عمليًّا في السلام والمصالحة.”

ويذكِّرنا قداسته بقيمٍ هي في صلب الإنجيل المقدَّس، حيث يقول إنَّه: “يجب احترام الكرامة الإنسانيَّة، كرامة المعتدي وكرامة الضحيَّة بالمقابل… وهذا يخلق مناخًا من الاحترام والاستقامة والمودَّة. حيث يمكن الاعتراف بالأخطاء وتنقية القلوب للتقدُّم سويّة نحو المصالحة. ليفكِّر رجالات الدولة والمسؤولون الدينيِّون مليًّا في ذلك.” ويشدِّد قداسته على التوبة وتغيير الذهنيَّة ويدعونا لنقول: “لا للثأر! ونعم للمغفرة. لأنَّ المغفرة الممنوحة والمقبولة تضع الأساسات الدائمة للمصالحة والسلام للجميع.” (روما 12، 16+18)

خطُّ المصالحة هو خطُّ الإنجيل

أحبُّ أن أقول لإخوتي في العالم العربي وبخاصَّة في سوريا، وبخاصَّة للثوار والمعارضين الحقيقيِّين. إنَّ مطالبهم المحقَّة هي مطالب المسيحيِّين الذين يعبِّرون عنها بغير العنف والثورة المسلَّحة. وأقول بصراحة: نحن المسيحيِّين، إذ نطالب بالمصالحة وندعو إليها، نسير بحسب تعاليم السيد المسيح والإنجيل المقدَّس. ولانريد أن يحتجزنا أحد أو يرتهننا أو يزايد علينا أو يقوقعنا أو يجذبنا أو يسلِّحنا أو يستدرجنا إلى هذا أو ذاك من المواقف. نحن مع المصالحة ومع كلِّ المطالب المحقَّة. وقد عبَّرنا عنها، أنا كبطريرك في رسائلي، ومجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيَّة في سورية (راجع تقرير الاجتماع السنوي للمجلس 25 نيسان 2012) وكذلك بيان البطاركة الثلاثة في سورية (أيار 2012).

المصالحة خشبة الخلاص

إنَّ منطق يسوع الإنجيل وإنجيل يسوع، وفكر يسوع، ومنهجيَّة الإنجيل وسلوكيَّة الإنجيل وروحانيَّة الإنجيل وحضارة الإنجيل، هي التي توحي للكنيسة مواقفها ومساعيها. ومن هذا المنطلق قمت بما قمت به لأجل أن أعيش الإنجيل في الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة. وقمت بزيارات إلى العواصم الأوروبيَّة، واشتركت بالمؤتمرات وألقيتُ المحاضرات وقابلتُ زعماء كثيرين والتقيت حتى بمن ليسوا من رأيي من المسيحيِّين وسواهم ومن العرب وسواهم… ومن خلال كلِّ ذلك وجدت أن السبيل الحقيقي الوحيد للخروج من أزمة العالم العربي الراهنة وبخاصَّة من الأزمة في سوريا، والتي هي في الواقع نسخة وصورة لأزمة العالم العربي، وجدتُ أنَّ السبيل الوحيد هو المصالحة. وقد أصدرتُ وثيقة “بعنوان المصالحة هي خشبة خلاص سوريا الوحيدة” وأرسلتها إلى العالم المسيحي الكاثوليكي وسواه: رؤساء الدول العربيَّة والأجنبيَّة، المؤسَّسات غير السياسيَّة، والشخصيَّات البرلمانية… وفيها أصفُ أنَّ رسالة الكنيسة المنبثقة من إنجيل يسوع هي رسالة خدمة المصالحة.

أهميَّة المصالحة

وفيما يلي تحليلي لأهميَّة المصالحة على مختلف الأصعدة.

مهما كان تطوُّر الأوضاع في سوريا خاصَّة أو خارجها، المصالحة هي الطريق اليوم وغدًا.

المصالحة لا تعني التحيُّز إلى فريق دون الآخر.

المصالحة دعوة واحدة متساوية لجميع الأطراف.

المصالحة عمل إيمانيٌّ وإنسانيٌّ واجتماعي.

المصالحة مهمَّة لأجل تضميد الجراح وتجاوز العداوات والأحقاد وبناء جسور الحوار الإيماني والاجتماعي والأسري والسياسي والديني.

المصالحة مهمَّة لأجل إعادة البناء، بناء الحجر والبشر، ولأجل التضامن في إعادة الحياة الطبيعيَّة إلى نمطها العادي ودعم الفقراء والنازحين والمتضرِّرين من الأزمة.

المصالحة مهمَّة للعودة إلى الحوار بين الطوائف، واحترام الآخر وقبوله…

المصالحة مهمَّة لعودة المحبَّة إلى كلِّ بيت وبلدة ومدينة وحزب وإنسان…

المصالحة مهمَّة ورسالة عالميَّة. وجميعُنا مدعوُّون إلى الانضمام إليها محليًّا، إقليميًّا، عربيًّا، وعالميًّا…

المصالحة هي أيضًا مستقبل المنطقة وليس مستقبل سوريا فقط. وهذا أقوله بالنسبة للمصالحة العربيَّة العربيَّة، والعربيَّة الأوروبيَّة، والعربيَّة اليهوديَّة-الإسرائيليَّة، والمسيحيَّة الإسلاميَّة في العالم.

المصالحة هي جوهر الإنجيل المقدس، لا بل هي محتوى كلِّ العقائد المسيحية: الثالوث الأقدس، التجسُّد، الميلاد، وكلِّ الأسرار وسر الفداء.

المصالحة إذًا هي ذات بعد عالمي وهي ليست مرتبطة فقط بالأزمة السورية أو غيرها في المنطقة، بل هي مستقبل البشريَّة. ولهذا قال الإنجيلي يوحنا: “إنَّ يسوع أتى ليجمع أبناء الله المتفرِّقين إلى واحد” (يوحنا 11، 52).

معايدة

آمل أن تجلب هذه الرسالة فرحًا وأملاً ورجاءً وإيمانًا ومحبَّة إلى قلب كلِّ من يقرأها. وآمل من إخوتي المطارنة أن يوصلوا هذه الرسالة إلى رعاياهم، حاملة لهم جميعًا معايدة الميلاد وفرحة عيد الميلاد بالرغم وفي خضَّم الأوضاع الصعبة المأساويَّة التي يعيشها أبناؤنا وكلُّ المواطنين عمومًا في أوطاننا العربية، وبخاصَّة في سوريا.

ونعايد من خلال هذه الرسالة كلَّ من يقرأها ويكتشفها في موقع البطريركية ويفرح بها
، وبخاصَّة الأطفال والشباب والملتزمين في الكنيسة والذين يذكرون الفقراء والنازحين، لكي يخفِّفوا معاناتهم وإحباطهم. وأيضًا الذين يقرأونها في اللغتين الإنكليزيَّة والفرنسيَّة والأصدقاء في كلِّ مكان. وإخوتي وأخواتي المسلمين الذين يتواصلون معنا من خلال هذه الرسالة ويؤمنون إنَّ الله خلقنا لكي نحملَ الواحدُ للآخر بشرى الخير والإيمان والرجاء والمحبة .

شكر

ستبقى الكنيسة تبذل جهودًا مكثَّفة لمساعدة النازحين داخل سوريا وخارجها. ولا بدَّ من أن نشكر كلَّ من يدعم جهودنا لكي نبقى إلى جانب أبنائنا وبناتنا المحتاجين إلى محبَّتنا وخدمتنا.

ونشكر أوَّلاً وبنوع خاص قداسة البابا بندكتوس السادس عشر الذي يذكر بتكرار واهتمام وحرارة الشرق المعذَّب وبخاصَّة سوريا. وقد قدَّم مساعدة ماليَّة، تعبيرًا عن محبَّته، المئة ألف دولارًا والمليون لاحقًا. وهذه التقدمة الأخيرة هي تقدمة من أعضاء سينودس “بشرى الإنجيل المتجدّدة” الذي عقد في روما في تشرين الأول الماضي.

هذه التقدمة علامة تضامن من قارات العالم الكاثوليكي مع النازحين السوريين وتعاطف مع معاناتهم، فلهم شكرنا.

لا بل كان السينودس المذكور نوعًا ما سوريًّا، إذ كان الآباء يحرصون على الاستماع إلينا في جلسات السينودس وخارجها وفي اجتماعات خاصَّة مع بعض الأعضاء. ونريد أن نشكر أيضًا أبرشيات كنيستنا البطريركية في البلاد العربية وبلاد الانتشار والرهبانيَّات الرجاليَّة والنسائيَّة الذين قدَّموا مساهمات لكي نؤمِّن ما أمكن من المساعدات لأبنائنا بخاصَّة النازحين من حمص وأماكن أخرى إلى دمشق. وسنبقى نتواصل مع الجميع لكي نتابع خدمتنا للجميع في معاناتهم الطويلة. ونطلب من جميع رعايانا التضامن لأجل مساعدة النازحين في محنتهم.

دعاء ودعوة إلى الصلاة

في ختام هذه الرسالة أرفع صلاة حارَّة لأجل أن تُبدِّدَ أنوار عيد الميلاد المجيد هذه الغيوم السوداء في أجواء بلادنا .

وأضرع إلى طفل المغارة يسوع الإنجيل لأجل جميع الذين وقعوا ضحايا الأوضاع الراهنة بخاصة من رعايانا وأقاربنا لكي يشملهم برحمته ومحبَّته. وأضرع أيضًا لأجل الخائفين والنازحين والمرضى والمحزونين والمتشكِّكين والحزانى والأيتام والأرامل… أن يفجِّر في قلوبهم أملاً ورجاء وقوَّة وثباتًا. وبخاصَّة لأبنائنا وبناتنا في سوريا الجريحة الشهيدة والبلدان المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمصيرها: لبنان تتجاذبه السياسات والاصطفافات، والأردن المعرَّض لأخطار كبيرة ولفلسطين الشهيدة وبخاصَّة في غزَّة، شهيدة انقساماتها الداخلية وانقسامات العالم العربي والعالم بأجمعه، في ظلِّ ضياع الشرعية الدولية.

وندعو إلى إقامة صلوات خاصَّة في كلِّ كنائسنا في كلِّ مكان لأجل السلام والمصالحة. ونحن إذ نصلِّي لأجل مشرقنا العربي في كلِّ مكان ولإجل إحلال السلام والأمان فيه، فإنَّما نحن نصلِّي لأجل سلام العالم لأنَّنا واثقون أن السلام في المشرق العربي، ودعم العدالة فيه والشرعيَّة الدوليَّة، خاصَّة بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيكون عاملَ سلام للعالم بأسره ويحلُّ الكثير من مشاكل العالم العربي. وهذا ما أوضحناه لقداسة البابا لدى زيارته لبنان في أيلول 2012.

فلسطين دولة

وقد لبَّى الله صلاتنا، وسمع المجتمع الدولي نداءَنا ونداء الشعب الفلسطيني، فصوَّت إلى صالح قيام الدَّولة الفلسطينيَّة كعضوٍ مراقب في الأمم المتَّحدة بتاريخ التاسع والعشرين من تشرين الثاني يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. إنَّه يوم تاريخي، ونأمل أن تكون خطوة المجتمع الدولي خطوة لمسيرة سلام شجاع وثابت يخطوها العالم كلُّه نحو السلام في المنطقة والعالم.

نداء إلى العالم

من جديد ندعوا إلى إيقاف السلاح وحلقة العنف. افتدوا الإنسان من الدمار والقتل! كفى سلاحًا! كفى حربًا! كفى عنفًا وقتالاً وانقسامًا وعداءً! أفسحوا المجال للمصالحة!

لا تخف أيها القطيع الصغير!

لا تخف! عبارة وردت في الإنجيل والكتاب المقدس 365 مرة! أعني على عدد أيام السنة بحيث يعطينا يسوع كلَّ يوم جرعةً إنجيليَّةً هي خبزنا الجوهري اليومي لكي لا نخاف. عبارة القطيع الصغير كانت محور مداخلتي في سينودس الأساقفة في روما ألقيتها يوم 11 تشرين الأول بعد الظهر. وفيها أشدِّد على أن القطيع الصغير أراد له يسوع في الإنجيل دورًا كبيرًا تجاه القطيع الكبير! بحيث يكون معنى وجود القطيع الصغير ودورُه ورسالتُه في المشرق العربي، حيث ولد يسوع ووُلد الإنجيل ووُلدت المسيحية، أن يكون مع ولإجل القطيع الكبير، يحمل له أجمل بشارة سمعَتْها الأرض وترنَّم بها الملائكة ليلة عيد الميلاد: أبشِّركم بفرح عظيم لقد ولد لكم مخلِّص: ولد لكم يسوع! ولد لكم الإنجيل.

لا تخف أيها القطيع الصغير! وكن حاملاً بشجاعةٍ وثباتٍ وفرحٍ وحماسةٍ وتفاؤلٍ ورؤيةٍ في ظلمةِ هذه الأيَّام، حاملاً نداء يسوع: الإنجيل لك فكن نوراً! كن ملحاً! كن خميرة! تجلّدْ ولا تهاجرْ! وابقَ هنا في هذه الأرض المقدَّسة حيث زرعَك الله، لكي تكون شاهدًا لبشرى الميلاد، بشرى الخلاص والمصالحة.

ومعًا ننشد في كنائسنا ومعابدنا وأديارنا ومؤسَّساتنا ومدارسنا واجتماعاتنا ولقاءاتنا وبيوتنا  

المجد لله في العلى، وعلى الأرض السـلام، وفي النـاس المسرة

ميلاد مجيد! وعام مبارك جديد 2013!

غريغوريوس الثالث

بطريرك
أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريّة وأورشليم


Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير