بعد أن تأمل البابا بمعنى العيد في العائلة، توقف اليوم على معنى العمل والذي يكمل معنى الأول. كلاهما يشكلان جزءًا من مشروع الله لأجل الإنسان.
وانطلق متحدثًا عن أهمية العمل قائلًا أن من أجمل ما نستطيع أن نقوله في وصف شخص هو: “عامل”. أي شخص لا يعيش على ظهر الآخرين. وللعمل أشكال مختلفة جدًا، بدءًا بالعمل البيتي. العائلة تربي على العمل انطلاقًا من مثال الأهل. الأب والأم يعملان لخير العائلة والمجتمع.
عائلة الناصرة تظهر كعائلة عاملة، ويسوع يُدعى ابن النجار، أو ببساطة النجار. والقديس بولس يقول: “من لا يريد أن يعمل، فلا يأكل”. وعلق البابا مازحًا: هذه وصفة جيدة للريجيم.
وتحدث البابا عن التكامل بين العمل والصلاة. فنقص العمل يضر بالروح، تماما كما أن نقص الصلاة يؤذي الحياة العملية.
للعمل أشكال كثيرة وهو يميز الشخص البشري، يبين كيانه الذي هو على صورة الله. لذا يقال أن العمل مقدس. لهذا لا يجب ترك السيطرة على حقل العمل لقلة.
وعبّر البابا فرنسيس أنه يحزن جدًا عندما يرى نقص العمل حيث يصبح صعبًا للأشخاص تحصيل الضروري للعيش، بينما يفرح عندما يهتم السياسيون بتأمين فرص العمل للمواطنين.
بالحديث عن سفر التكوين حيث يوكل الرب للإنسان الاعتناء بالأرض، يُظهر الكتاب أن عمل الإنسان يُسهم في جعل الأرض جميلة. الأرض تضحي جميلة بفضل عناية الإنسان.
عندما ينفصل العمل عن العهد بين الله والإنسان وعندما يضحي أسير منطق الربح، يلوث كل شيء حتى الهواء والماء والأكل، والنتائج يعاني منها بشكل خاص الفقراء.
ثم استنكر أسقف روما عندما يحتل العمل مكان العلاقات والعائلة عينها. فتنظيم العمل المعاصر يميل إلى احتقار العائلة ويعتبرها كثقل وكعائق للإنتاج. ولكن، دعا البابا إلى التساؤل، أي إنتاج؟ ولأجل من؟
ما يعرف بـ “المدينة الذكية” غنية بالخدمات، ولكنها غالبًا معادية للأولاد والمسنين. يحمل المسيحيون في هذا الإطار مسؤولية كبيرة، وهي إعادة تعزيز دور قيم العائلة، التعاضد، دور العمل الإيجابي، وغير ذلك. المسؤوليات كبيرة وأحيانًا نبدو مثل داود أمام جوليات. نحن بحاجة لإيمان وحنكة، فليمنحنا الرب النعمة لكي نعرف تلقي دعوته، الدعوة للعمل لكي نعطي كرامة لذواتنا ولعائلتنا.