سَمِعَ ذَلِكَ ٱلكلامَ أَحَدُ ٱلجُلَساءِ عَلى ٱلطَّعام، فَقالَ لِيَسوع: «طوبى لِمَن يَتَناوَلُ ٱلطَّعامَ في مَلَكوتِ ٱلله». *
فَقالَ لَهُ: «صَنَعَ رَجُلٌ عَشاءً فاخِرًا، وَدعا إِلَيهِ كَثيرًا مِنَ ٱلنّاس. *
ثُمَّ أَرسَلَ عَبدَهُ ساعَةَ ٱلعَشاءِ يَقولُ لِلمَدعُوِّين: تَعالَوا، فَقَد أُعِدَّ ٱلعَشاء. *
فَجَعلوا كُلُّهُم يَعتَذِرونَ عَلى وَجهٍ واحِد. قالَ لَهُ ٱلأَوَّل: قَدِ ٱشتَرَيتُ حَقلًا فَلا بُدَّ لي أَن أَذهَبَ فَأَراه. أَسأَلُكَ أَن تَعذِرَني. *
وَقالَ آخَر: قَدِ ٱشتَرَيتُ خَمسَةَ فَدادين، وَأَنا ذاهِبٌ لِأُجَرِّبَها. أَسأَلُكَ أَن تَعذِرَني. *
وَقالَ آخَر: قَد تَزَوَّجتُ فَلا أَستَطيعُ ٱلمَجيء. *
فَرَجَعَ ٱلعَبدُ وَأَخبَرَ سَيِّدَهُ بِذَلِك، فَغَضِبَ رَبُّ ٱلبَيتِ وَقالَ لِعَبدِهِ: أُخرُج عَلى عَجَلٍ إِلى ساحاتِ ٱلمَديَنةِ وَشَوارِعِها، وَأَتِ إِلى هُنا بِٱلفُقَراءِ وَٱلكُسحانِ وَٱلعُميانِ وَٱلعُرجان. *
فَقالَ ٱلعبد: سَيِّدي، قَد أُجرِيَ ما أَمَرتَ بِهِ وَلا يَزالُ هُناكَ مَكانٌ فارِغ. *
فَقالَ ٱلسَّيِّدُ لِلعَبد: أُخرُج إِلى ٱلطُّرُقِ وَٱلأَماكِنِ ٱلمُسَيَّجَة، وَأَرغِم مَن فيها عَلى ٱلدُّخولِ حَتّى يَمتَلِئَ بَيتي. *
فَإِنّي أَقولُ لَكُم: لَن يَذوقَ عَشائي أَحَدٌ مِن أولَئِكَ ٱلمَدعُوِّين». *
*
“… أحبك والحب يتطلب مني أن أهب نفسي أن أودعها بين يديك، من دون ما حساب وبثقة لا حد لها لأنك أبي”. هكذا كان يصلي المرتد إلى الإيمان شارل دو فوكو موقنًا جوهر الحب الأعمق. فمن يُحبّ يهب ذاته. كم بالحري إذا أن يحب الحب نفسه ذاته بالكلية؟ ملكوت الله يُقدم لنا انطلاقًا من منطق هبة الذات الكامنة في الحب وهي منطقة تجمع بين الضرورة والحرية. ضرورة هبة الذات ليست فرضًا في الحب بل هي كنه الحرية. وهذه الضرورة تتجلى في كلمات تكاد أن تكون مغالاة في فم يسوع. ففي المثل، يقول رب البيت لخادمه: “اخرج إلى الطرق وَأَرغِم مَن فيها عَلى ٱلدُّخولِ حَتّى يَمتَلِئَ بَيتي”. بالطبع، مغالاة يسوع تعبّر عن ضرورة الحب، هذا الحب الذي لا يفرض نفسه ولكنه يتوق إلى هبة ذاته بالكامل. هذا الحب واقف على باب قلبنا يقرع، هلا نفتح له؟