Flag of Egypt

WIKIMEDIA COMMONS

الوَعْيُ الانتِخَابِيُّ

المسيحي مواطن مسؤول

Share this Entry

إذا شئتَ أن تقول أنك مواطن أصيل؛ لا يكفي أن تدَّعي ذلك!! لكن يجب أن تثبته بحضورك. التواجد ليس تسلية ولا ثرثرة ولا أُمنيات؛ لكنه عمل شاق، به نكون وبه نعيش أحياء في بلادنا. فلنعمل إذن ولنَعِ ما يحيط بنا من مخاطر على رجاء غدٍ أفضل. ليس هناك من ضامن إلا حفظ الله وستر العلي، كما في السماء كذلك على الأرض… انتماؤنا يعني حضورنا أمام مسئولياتنا جميعًا، لأن الذي يتهرب من المشاركة إنما يُعرِّض الوطن كله للخطر، يعرضه للتخلف وللرِدة الحضارية، يعرضه للانكفاء والرجعية والظلامية.

لنتعامل مع واقعنا بصحوة وإيجابية، ونذهب إلى واجباتنا لأنها مسئولية نعبِّر بها عن وجودنا مهما كلفنا، ونؤدي بها الأمانة تجاه الوطن وتجاه حاضرنا ومستقبلنا. مسئولياتنا أن نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

فلماذا نغيِّب حقيقة ما لقيصر في شأن الانتخاب؟! لا نستطيع أن نصيغ تطلعاتنا؛ ولا أن نرفع مُعاناتنا؛ ما دُمنا لا نشارك بما نقدر على فعله، من أجل صنع وطن لا تمييز فيه ولا تكفير ولا تخلف فيه… ولا نفشل في عمل ما فيه خيرنا وخير الأرض المباركة التي زارتها العائلة المقدسة؛ والتي أتى إليها رؤساء الأنبياء والآباء؛ والتي تدشنت أرضها بدم غالٍ لشهداء ما زالت دماؤهم لم تجفّ حتى الساعة، وهي تلك الأرض التي نالت وعد وبركة البركة؛ لتكون موضع إشعاع مبارك وإلهام في الدهور كلها، وهي البلد التي وُلد ونشأ فيها عظماء الآباء في العالم؛ والتي صمدت فيها كنيستنا أمام بوَّابات جحيم وإرهاب إبليس المحتال .

المسيحي الحقيقي لا يتهرب من مسئولياته ولا من استحقاقاته الوطنية، ولكل واحد ضميره ووعيه وفهمه وتحليله الذي يتشارك فيه مع آخرين؛ فيما ينبغي أن يختار. قد لا يعجبنا هذا أو ذاك، لكننا نتعامل مع الموجود ونتخيَّر أفضل ما يحقق الخير للوطن وللكنيسة… متكلين على الله الذي يُخرج من الآكل أُكْلاً ومن الجافي حلاوة. فالله في نهاية المطاف في عنايته يُجري كل الأشياء للخير؛ وهو الممسك بتفاصيل ومفاصل التاريخ والحاضر، ونثق في رحمته العالية حتى لا نفشل .

لا بد أن نعترف أن الوعي الانتخابي عندنا لم يصل بعد إلى المستوى الذي يؤثر في تغيير أوضاعنا القبطية، والذي يُجبر الظالمين والمتواطئين والمتفرجين على إنصافنا للحصول على حقوقنا المشروعة. مشاركتنا تُوصلنا إلى حقوقنا؛ لأنها حقوق وليست مطالب، وهي ليست مِنّة ولا منحة من أحد، لكنها حقوق غائبة لعقود غابرة. الأمانة تقتضي أن نرفع صوتنا من أجل الحقيقة ومن أجل الحق الساكن فينا، فمسيحنا هو الحق وجاء ليشهد للحق، وليُخرج الحق إلى النصرة، وعلى اسمه الذي هو الحق متجسدًا؛ يكون رجاء الأمم.

وَعينا الانتخابي من أهم أولوياتنا القبطية والوطنية لتعزيز حقوقنا في المواطنة، ولمقاومة ما نتعرض له من عقاب جماعي وتمييز وتعصب وهدم وحرق وقتل، فننتقل إلى الدفاع والتحرك الإيجابي عبر المشاركة في التغيير… من وضع المدافع إلى وضع الشريك المشارك. والحقيقة التي لا مناص منها أن صوتنا مساهمة أمينة في وجود الكيان التشريعي والدستوري للدولة الحديثة، وفي تشكيل مصر المستقبل التي لن تتحقق بالتراخي والسلبية والفُرجة، مهما كانت العداوت والتهديدات المضادة؛ لأنها حادثة منذ أعمال كنيسة الرسل .

متروك للجميع حرية الاختيار الكاملة بعد الدراسة والتشاور، دون جبر أو إملاء أو وصاية، كي نختار المناسب. وعلى أية حال، في انتشارنا ومشاركتنا وقناعاتنا المتنوعة سيكون خيرنا. ووجودنا هو مِلْح يذوب، وخميرة تخمِّر، ونور يُشع، وسفارة، كأن الله يعظ بنا… لسنا ورقة انتخابية في يد حزب، ولسنا رهينة لفئة، لسنا في ذمة أحد ولن نكون… لكننا مع الوطن كل الوطن، بتنوعاته وأطيافه التي تناسبنا على نحو إيجابي، أحياء فيه من فجر التاريخ؛ وسنبقى هكذا حسب مشئية القادر على كل شيء .

فليبارك الله في كل يد تعمل وتُخلص وتبني من أجل البشر والحجر، البلاد والعباد.

Share this Entry

القمص أثناسيوس جورج

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير