يؤدّي الإخصاب الإصطناعي إلى وضع آلاف الأجنّة في سائل الأزوت 169 درجة تحت الصفر بإنتظار قرار الأهل، أو مصير آخر يحدّده الباحثون والعلماء.إنّ هذه الوسيلة المستخدمة تحسّن معدّل تقنيّات الإنجاب المختبريّ من أجل مضاعفة عدد العلاجات المتتالية. ماذا يعني هذا ؟ بمعنى آخر، كي لا يلجأ الطبيب إلى سحب بويضات المرأة على عدّة مرّات، إذا لم ينجح العلاج من المرّة الأولى، يجري سحب واحد لعدّة بويضات فيخصّب قسم منها ويجمّد القسم الآخر لدورةٍ ثانية من العلاج أو إذا رغب الأهل بولدٍ آخر.أحياناً كثيرة يتمّ تجميد الأجنّة المعدّة للنقل الأوّل، لأنّ عمليّة التنشيط الهورموني للدورة النسائيّة التي تمّت من أجل الحصول على البويضات عند المرأة يترك آثاراً تحتّم إنتظار إعادة الوظائف العضويّة إلى حالتها الطبيعيّة قبل أن يتمّ نقل الجنين إلى رحم المرأة.
تحليل أدبي وكنسي
- إنّ حفظ الأجنّة بالتبريد منافٍ للإحترام الواجب لها. فهي تُنتج مختبريّا وتتعرّض ربّما للموت أو لتشوّهات جسديّة، إذ لا يتحمّل القسم الكبير منها تقنيّة التجميد، أو أنّها لا يمكنها أن تحصل على إمكانيّة النموّ في رحم الأمّ.
- معظم الأجنّة المجمّدة لا تلاقي رغبة بإعادة نقلها إلى الرحم. لأنّ الأهل لا يطالبون بها لعدم رغبتهم بولدٍ آخر أو لفقدان أثرهم.
- ما مصير هذه الأجنّة التي تبقى لسنين في البنوك. كلّنا نعرف أنّ القوانين نظّمت عمل البنوك وفرضت ضرورة إفراغها كلّ فترة (إجمالاًمرّة كلّ 5 سنوات)من أجل تعبئتها من جديد. وهذا يلحق ظلماً كبيراً بحقّ هذه الكائنات الحيّة.
- ترفض الكنيسة الكاثوليكية أن يتمّ تخصيص هذه الأجنّة للبحث أو لأهدافٍ علاجيّة. لأنّ ذلك يقود إلى إتلافها وإعتبارها مادّة أحيائيّة. مع العلم أنّ الكثير من الباحثين يعرضون إستخدامها دون إنعاشها للبحث وكأنّها جثث وحسب وهذا مرفوض بسبب المعضلة القاهرة من وجهة نظر التعاون في الشرّ والشكّ. بمعنى آخر، هذه الأجنّة تستخدم من أجل البحث أو لإنتاج لقاحات أو منتجات أخرى. هذه الأساليبتنطوي على القتل وتشكّل جريمة ضدّ كرامة الأجنّة ككائنات بشريّة يحقّ لها الإحترام نفسه الواجب للطفل المولود ولكلّ شخص.بما يخصّ جثث الأجنّة المجهضة عمداً أم لا من الواجب إحترامها مثلما تحترم جثث الكائنات البشريّة الأخرى ولا يمكن أن تخضع لبتر أعضاء أو تشريح قبل التأكّد من وفاتها وبعد إذن الوالدين.
- تؤكّد الكنيسة أنّ هذا التصرّف غير جائزٍ ولو كان الباحثون يطوّرون إختباراتٍ علميّة لأنّ ذلك يعني تسامحاً مع أفعال ظالمة ممّا يعزّز اللامبالاة أو الرضى على ما يحصل.
- تؤكّد الكنيسة أنّعلى الباحثين التحلّي بمسؤوليّة أخلاقيّة ورفض التعاون مع الشرّ والشكّ. إذ إنّ أعمالهم يجب أن تكون مستقيمة وشاهدة لقيمة الحياة. ويجب أن يناهضوا القوانين الظالمة حتّى ولوكانوا غير مشاركين لا في الإخصاب الإصطناعي ولا في الإجهاض المتعمّد. لذافاستقلاليّتهم التي هي ضروريّة ليس كافية أخلاقياً.
- إذا صنعت لقحات من خلايا أجنّة غير جائزة المصدر، واستعملها الأهل من أجل سلامة أولادهم فمسؤوليتهم تتمايز عن مسؤولية الذين استعملوا هذه الأجنّة. ولكن تبقى مسؤولية الجميع المطالبة بتوفير أنماطاً أخرى من اللّقاحات.
- ترفض الكنيسة الكاثوليكيّة أن توضع الأجنّة في تصرّف أزواج عاقرين للأسباب عينها التي تجعل الإنجاب الإصطناعي الغير متجانس (من رجل أو من إمرأة غير الزوجين) وكلّ أشكال الأمومة البديلة غير جائزة.
- تعتبر الكنيسة أن اقتراح التبنّي ما قبل الولادة كي تعطى فرصة الولادة لكائنات بشريّة، وإن كان جديراً بالثناء في نواياه، يواجه معضلات أخلاقيّة كثيرة تقارب التي ذكرت سابقاً.
- إنّ آلاف الأجنّة تخضع لهذا الواقع الظالم ولا يمكننا إلا أن نضمّ صوتنا إلى صوت القديس يوحنّا بولس الثاني الذي وجّه نداء إلى ضمير المسؤولين في مجال العلم والأبحاث والطب كي يوضع حدّ لإنتاج الأجنّة البشريّة “مع الأخذ بالإعتبار بأنّه لا يُستشرف أيّ حلّ جائز خلقيّاً من أجل المصير الإنساني لآلاف الأجنّة الحائزة ،ولا تزال، على حقوق جوهريّة والتي يجب صيانتها قانونيّاً كأشخاص بشريّة” ( راجع “كرامة الإنسان” توجيه حول قضايا علم أخلاقيّات الحياة لمجمع عقيدة الإيمان، 2009، الأعداد 18-19 و 34-35).