إن كان هناك بلد يمثل الولادة الجديدة للكنيسة بعد عقود من المشقات فهو بولندا، فالهوية الكاثوليكية القوية للشعب البولندي هي التي منعت النظام الاشتراكي من تهميش الكنيسة وتحويل المجتمع وفقاً للمعايير الجماعية التي تتعلق بالاقتصاد والهيكلية والثقافة. هذا المثال لبولندا وحتى ولو أن الزمن قد مر عليه يبقى نور رجاء يقدمه التاريخ الى المسيحيين الذين يعيشون اليوم مأساة الإضطهاد بطريقة صعبة. في هذا الإطار رئيس أساقفة كاراشي في الباكستان جوزف كوتس يعي هذا الأمر تماماً وهو اليوم في كراكوفيا ليخبر خلال اجتماع مجمع أساقفة أوروبا حول ما تعنيه حماية المسيحيين، حين يكون الشخص مسيحياً في بلد كالباكستان.
بنظر رئيس الأساقفة وبحسب ما أفاد به لوكالة زينيت يعد هذا الوقت صعباً جداً ليس فقط للمسيحيين في الباكستان ولكن أيضاً لأولئك الذين يعيشون في بلدان أخرى كثيرة لأنه يسجل انبعاثًا قويًا للأصولية الإسلامية فإن كان هناك الطالبان في الباكستان ففي أماكن أخرى هناك الدولة الإسلامية. يبدو أن هذا المناخ يغذي حركة التململ الشرسة داخل بلدان العالم الإسلامي وهنا يضيف رئيس الأساقفة كوتس أنه لا يمكنه أن يؤكد تواجد الدولة الإسلامية في الباكستان ولكن الإرهاب موجود والأوضاع تزداد سوءًا.
في الباكستان مثلا، وبحسب رئيس الأساقفة هناك حكومة ديمقراطية انتخبها الشعب ولكن تؤثر فيها الجماعات المتطرفة التي تفرض دولة إسلامية، ففي خلال السنوات الأخيرة عانى الشعب اضطهاداً من الجماعات ومن الحكومة. ومن هنا نذكر الأعداد الكبيرة من المسيحيين الذين حكم عليهم ظلماً بسبب قانون التجديف الى جانب عدة اعتداءات أخرى على المسيحيين في لاهور. كان من السهل أن يرد على هذه الاعتداءات بأخرى أي أن يغسل الدم بالدم ولكن كل ما تسببت به الهجمات العنيفة كان تعلق الناس أكثر في الإيمان.
يؤكد رئيس الأساقفة كوتس أن الكنائس لا تزال ممتلئة وأن المسيحيين يريدون أن يحملوا شهادتهم الى كل البلاد، شهادة مسامحة ومحبة. هذا الأمر أثر كثيراً بالمجتمع الباكستاني الى حد أن الكثير من المسلمين يشاركون بالتمنيات للأعياد. يمكن للشخص أن يشعر بروح الأخوة في هذا الوقت من التحضير لعيد الميلاد في المدرسة حيث يعمل المسلمون والمسيحيون للتحضير لهذا الاحتفال، وهنا تغرورق عينا المونسنيور بالدموع إذ يذكر ما حصل منذ عام في 16 كانون الأول 2014 حين اقتحم مسلحون مدرسة وقتلوا 141 شخصاً منهم 130 طالباً من 6 الى 16 سنة، ولكن في وجه كل هذه الاعتداءات يبقى جواب المسيحيون الفرح في الاحتفال بالميلاد ووهب الباكستان رسالة سلام.
***
نقلته الى العربية (بتصرف) نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية