Human rights

Pixabay CC0

العلاقات الانسانية، فن وحب

في سبيل تعايش أفضل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ما أسعد الناس الذين يعيشون حياتهم في سلام مع الآخرين‏،‏ فالمجتمع الذي يسوده السلام‏، هو مجتمع مثالي ومتطور.‏ لذلك فعلي قدر طاقتكم حاولوا أن تسالموا جميع الناس‏،‏ وأقول علي قدر طاقتكم،‏ لان عدم السلام أحيانا قد يكون سببه نحن فأحيانا من الاخرين وأحيانا منكم أو منك‏.‏حتى في مثل هذه المواقف حاولوا أن تحتفظوا بسلامكم الداخلي إن استطعتم‏،‏ ولكنكم ربما لا تستطيعون مسالمة الكل‏،‏ إذا كانت تلك المسالمة علي حساب ضميركم وروحنياتكم ، وعلاقاتكم بالرب‏.‏

إن هناك أمورًا يمكن للإنسان أن يمررها في هدوء‏، دون أن يفقد السلام بينه وبين الناس‏.‏ ولا يعطي خطورة لأمثال تلك الأمور البسيطة التي لا تتعب ضميره‏،‏ فكيف يستطيع الإنسان أن يتعامل في سلام مع الذين يعاملونه بالشر؟‏‏ أو كيف يعيش في سلام مع الذين يتعبونه ويقاومونه؟ هناك بلا شك بعض مبادئ روحية وأساليب معاملات‏،‏ إن اتبعناها يمكننا أن نعيش في سلام مع الكل‏،‏ ومن ذلك حياة الوداعة والاتضاع فالإنسان الوديع‏، الهادئ‏، الطيب القلب،‏ ذو خلق رفيع،‏الرقيق‏، اللطيف‏، المبتسم‏،‏ البشوش‏، .‏ لاشك انه يستطيع أن يسالم جميع الناس‏.‏

وبالمثل الإنسان المتواضع‏، الذي في تواضعه ،لا يغضب من احد،‏ ولا يُغضب أحدا‏.‏ وبعكس ذلك الشخص العصبي الثائر‏،‏ سهل الشجار مع الناس ، وصعب المصالحة معهم ، لذلك إن أردت أن تسالم الكل‏،‏ لا تكن عصبيًا‏، فعليك بالتدريب على الهدؤء بذلك تهدئ أعصابك‏،‏ ولاتكن سهل الاستثارة‏،‏ وان حاول احد أن يثيرك،‏ لا تستسلم إلى الضعف البشري وتثار بسهولة‏،‏ إن الشخص القوي هو الذي يستطيع أن يحتمل لذلك إن غضبت وثرت علي من يسيء إليك‏، تكون ضعيفا لم تحتمل،‏ وان ثرت تخسر الكثير، أولا : من أساء إليك،  ثانيا : تكون قد هبطت من مستواك الروحي والاجتماعي والثقافي، ثالثا : تصبح مثل أولئك المسيئين‏،، وما أجمل قول سليمان الحكيم‏،‏ “لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ” (سفر الأمثال 26: 4) أي صرت معادلا له أو مساويا له في أخطاءه‏.‏

اذن كيف تعامل من يثيرك ويغضب عليك؟ يقول الحكيم‏:‏ “اَلْجَوَابُ اللَّيِّنُ يَصْرِفُ الْغَضَبَ، وَالْكَلاَمُ الْمُوجعُ يُهَيِّجُ السَّخَطَ” (سفر الأمثال 15: 1) اذن فالإنسان الوديع هو الذي يقابل غضب غيره بكلام طيب هادئ وبهذا الأسلوب يصرف غضبه عنه ويسالمه‏،‏ أما إن رد عليه بكلام موجع‏، فإنه يهيجه عليه بالأكثر‏، وقد يتحول الأمر إلى معركة‏.‏ لذلك حسن ما قاله الآباء في هذا المجال‏:‏ إن النار لا تطفئها النار،‏ بل يطفئها الماء ، النار تزيد النار اشتعالا أما الماء فإنه يخمد لهيبها ‏.‏

لذلك إن اردت أن تسالم الناس‏جميعا، لا تكن حساسا جدا في مقابلة أخطائهم‏، لا تقل هذه الكلمة جرحتني أو أغضبتني،‏ وهذه الكلمة أهانتني‏، لأنه إن كان كل شيء يجرحك فلن تستطيع أن تحيا في سلام مع الناس‏،‏ لا تكن كنبات الخروع الذي تهزه أي ريح‏، بل كن مثل السنديانة الصلبة التي تثبت إمام الريح العاصفة ولا تهتز‏.‏

تستطيع أيضًا أن تسالم الناس‏،‏ إن اكتسبت فضيلة الهدوء والاحتمال‏، لا تقل فلان متعب‏،‏ فلم اقدر أن أتعامل معه‏،‏ ولكن لو كان عندك احتمال‏،‏ ما استطاع هذا المتعب أن يتعبك‏،‏ تأكد يا أخي إن ما يتعبك ليس هو أخطاء الناس‏،‏ بل أعصابك وطريقة تفكيرك‏،‏ فإن استطعت أن تهدئ أعصابك‏،‏ ولا ترهق تفكيرك بالحكم علي تصرفاتهم، حينئذ يمكنك أن تسالمهم‏،‏ ولو بالبعد عن مجالهم المتعب‏،‏ وهنا أذكرك بقول القديس يوحنا ذهبي الفم‏:‏ لا يستطيع احد أن يؤذ إنسانا‏، ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه‏،‏ فأنت تؤذي نفسك إن تركت أفكارك تتعبك‏.‏

لذلك قال نفس هذا القديس‏:‏ هناك طريقة تستطيع بها أن تتخلص من عدوك‏، وهي أن تحول هذا العدو إلى صديق‏،‏ وكيف تحوله إلى صديق؟ ذلك بالمسالمة بل والإحسان إليه‏.‏ ولا تجعل شره يغلبك‏،‏ بل اغلب الشر الذي فيه بالخير الذي فيك كذلك تستطيع أن تسالم الناس بالحكمة‏.‏ فالإنسان الحكيم‏، يتصرف برزانة‏،‏ وبهدوء وبعد تفكير‏،ولا يخسر الناس لان رابح النفوس حكيم،والنفوس لا تستطيع أن تربحها بالمنازعة والعداوة والرد المثل بالمثل‏، إنما بالمسالمة‏.‏

إن الإنسان الحكيم يعرف ما هو المفتاح الذي يمكنه به أن يدخل إلى قلب كل احد‏،‏ وهكذا يعامل كل شخص بما يناسبه‏،‏ حسب ثقافته وطباعه وصفاته‏،‏ وهكذا ليس فقط يسالم الناس‏، بل يصل لابعد من ذلك،أن يكسب محبتهم‏،‏إذن لكي تسالم الناس‏،‏ ادرس شخصياتهم‏،‏ وعاملهم بما يناسبهم،‏ وبالحكمه لا تتسرع بمجابهة الأمور‏،‏ بل عامل الغير بطول أناة وسعة صدر ورحابة قلب‏،‏ بل حسب التعبير العامي لتكن لك صفة إنسان بحبوح انك قد تخسر الناس بوجهك العابس المتجهم‏، وبجديتك الزائدة‏،‏ ومقابلة كل أمر بحزم شديد‏،‏ إنما بالبشاشة واللطف‏،‏ يمكنك أن تكسب الناس في أصعب المواقف‏، حاول أن يكون لك روح المرح في معاملة الآخرين‏، وربما الشخص الذي يعاملك بطريقة متعبة‏:‏ إن ابتسمت في وجهه ورددت عليه بفكاهة تضحكه فإنه قد يشاركك المرح فتكسبه‏، وطبعا ليس الجميع يمكنهم أن يتقنوا أسلوب المرح هذا‏،‏ أني أنصحك بالبشاشة واللطف،‏ والوجه البشوش محبوب من الناس‏،‏ ويمكنه أن يكسبهم علي الأقل ليعيشوا في سلام معه،‏ وثق انك لو كنت
إنسانا غليظ القلب،‏ لا تركك الناس وشأنك‏،‏ ولو كنت تحاسب غيرك علي كل كلمة وتصرف ولا تسامح فأنك تربي عداوة ، ولن تقدر علي مسالمة الناس‏.‏

أحيانا يسمح الله أن يعترض طريق حياتك بعض المتعبين‏، فهم مفيدين جدا في حياتك، لكي تتدرب علي فضيلة الاحتمال والصبر وعلى المغفرة للمسيئين‏، فتنمو في القداسة 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب بيوس أدمون فرح الفرنسيسكاني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير