هل لرحمتكم ومسامحتكم حدود؟

أم أنّكم ممّن يدينون الآخرين؟

Share this Entry

هل أدركتم مؤخّراً أنّه أصبح لدينا في العالم ثقافة جديدة جذبت العديدين؟ إنها ثقافة الإدانة. فهل أنتم جزء منها؟ هل تتذمّرون باستمرار بشأن الآخرين؟ هل اعتبرتم يوماً أنّ الجميع حمقى فيما أنتم لوحدكم تفهمون كلّ شيء، أو أنكم القضاة الذين يصدرون الحكم النهائي فيما يتعلّق بمسائل هذا العالم؟

بحسب مقال نشره موقع eatingmanna.com الإلكتروني، من السهل جداً أن يلحق المرء بهذه الموجة، بما أنها أصبحت ثقافة رائجة. ففي الواقع، وبدون أن ندرك أنّ ذاك التيّار جرفنا إليه، نتفوّه بجمل إدانة أو حتى أننا نسمعها من حولنا. “يا لغرابته!” “كم هي مزعجة!” “هل سمعت في الأخبار عن ذاك المختلّ؟” “ما خطب الناس؟” “لمَ لا يتعلّم المواطنون القيادة؟” “هؤلاء السياسيّون ليسوا إلّا مجموعة محتالين” “لا أصدّق أنّ الكنيسة تفعل هذا” “هناك الكثير من المؤمنين السطحيين الذين لا يفهمون الإنجيل حتى”.

لكن إن فكّرنا مليّاً في الأمر، نجد أنّ الله لم يدعُنا لنكون الوحيدين الذين “يفهمون” كلّ شيء. صحيح أننا مدعوّون للمحاربة لأجل العدل كما للسعي خلف التغيير نحو الأفضل بحسب بعض الكتابات التي تدعم تصرّفاتنا، إلّا أنّ هناك موضوعاً أساسيّاً وهدفاً لحياتنا، ألا وهو حبّ الله وحبّ الآخرين كما هو أحبّنا. ومع العلم أنّ الله يكره الخطيئة وهو يؤدّب من يسقطون فيها، لكنّه لا يتوقّف هنا فحسب بل يسامحهم مانحاً إيّاهم الرحمة والنعمة، كما يوضح لنا مار بطرس هذا في رسالته الثانية عندما يقول إنّ “الله لا يُبطىء في تحقيق وعده كما يتّهمه بعضهم، بل هو صبور بما أنّه لا يرغب في أن يهلك أحد بل في أن يتوبوا”.

في هذا السياق، ودائماً بحسب المقال الذي نشره موقع eatingmanna.com الإلكتروني، لنستعرض ما يمكننا فعله بهدف تحسين أنفسنا ونظرتنا لمن حولنا، فتتغيّر مقاربتنا للآخرين وأجوبتنا معها: إنّ الحلّ الوحيد يكمن في العودة إلى كتابنا المقدّس الذي يعلّمنا أن نرحم الآخرين كما يرحمنا الآب، وأن نغفر “سبعين مرّة سبع مرّات”. وعندها، سنرى أنفسنا نقول “أنا أبذل جهدي لتقبّل الآخر بدلاً من أن أحكم عليه أو أنتقده أو حتّى أحقد عليه”. من ناحية أخرى، وإن تذكّرنا أنّ الله لا يتوقّف عند الخطيئة، يمكننا أن نسعى إلى الصلاة لأجل من ننتقدهم ليسلكوا في درب الله ولكي لا يعاكسوا خطّته التي وضعها لهم.

هذا جوهر إيماننا الذي لا يكتفي بأن نكون صالحين بالأعمال فحسب، بل بأن نحبّ من يختلفون عنّا، تماماً كما أحبّنا الله عندما كنّا تائهين، فنقول مع مار بولس: “المحبّة تصبر وترفق ولا تعرف الحسد ولا التفاخر ولا الكبرياء. المحبّة لا تحتدّ ولا تظنّ السوء. المحبّة تصفح عن كلّ شيء وتصبر على كلّ شيء. المحبّة لا تزول أبداً”!

أمّا بالنسبة إلى من يجد صعوبة في حبّ الآخرين ومسامحتهم، فليسأل نفسه: أليس غريباً ألّا أتمكّن من حبّ الآخرين ومسامحتهم فيما أنا أقدّر حبّ الله لي؟

Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير