الكذب هو آفة من آفات الخطيئة التي إلتصقت بالجنس البشري ، والبعض يحاولون تصنيف الكذب إلى نوعين كذب أبيض يحللونه لأنفسهم لأن له حسب قولهم هدف وغاية جيدة وكذب أسود وهو مُدان لأنه حسب قولهم يؤذي ويُضر وليس له هدف وغاية جيدة تبرره. ونريد أن نؤكد منذ البداية أن الكذب هو خطية ولا يوجد خطية بيضاء وخطية سوداء. وذلك لأن كلمة الرب منذ البدء أدانت كل ما هو كذب بكل اشكاله
لا تستهِن بخطية الكذب.. اقرأ ما يقوله الكتاب عن المرفوضين من دخول الملكوت الأبدي: “وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي»” (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 8).. انظر جيدًا كلمة “جميع الكذبة”.. أي بكل أنواعهم وأصنافهم ومستوياتهم.. بل الأكثر من هذا يستمر فيقول عن الذين في جهنم: “لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا” (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 22: 15).. يقول: “كل مَنْ يحب ويصنع كذبًا”.. الذي يحب الكذب، ويصنعه غير مقبول لدى الله..
يوضح الكتاب المقدس أن آخرة الكذب الضرر: “خُبْزُ الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ، وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى” سفر الأمثال( 20/17 ) بل الأصعب من ذلك أن الشيطان يعتبر أبو الكذاب وقيل عنه! “ذاكَ كَانَ قَتَّالا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ” ( يوحنا (8/ 44 ) وعلى الجانب الآخر نرى الله الكُلِّي القدرة والعظمة هو “اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ” ( تي 1 /2 )
والكذب يلد خطايا كثيرة منها.. الغش والإنكار والحلف والكراهية والخوف وعدم أمانة .
فهناك من يكذب ليتجمل وهناك من يكذب ليؤذى وينتقم..وهناك من يكذب كشاهد زور.. وهناك من يكذب ليبرئ نفسه.. وهناك من يكذب كعادة بطالة.
” لا تكذبوا بعضكم على بعض، اذ خلعتم الإنسان العتيق مع اعماله، ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه”( كو3: 9- 10).
فالكذب صفة الإنسان العتيق.. ولا تتفق مع طبيعة الإنسان الجديد الذى يتجدد حسب صورة خالقة ليكون شبه المسيح فى كل شئ” هذه الستة يبغضها الرب وسبعة هى مكرهة نفسه، عيون متعالية لسان كاذب أيد سافكة دماً بريئاً. قلب ينشئ أفكاراً رديئة أرجل سريعة الجريان إلى السوء. شاهد زور يفوه بالأكاذيب وزارع خصومات بين إخوة”( أم6: 16- 19).
وقد يظهر الكذب فى إبنك فى الصغر..إما خوفاً أو تجملاً أو خيالاً، وفى كل الأحوال يحتاج إلى تركيز واهتمام شديد كى لا يتأصل الكذب في حياته ، بل يتصف بالصدق.
كن صادقاً
” الشاهد الأمين لن يكذب والشاهد الزور يتفوه بالأكاذيب” ( أم14: 5).
+ إحذر أن تقول وعداً ولا تف به.
+ إحذر أن تقول شئ لإبنك وتتراجع عنه سريعاً.
+ إحذر أن يسمعك إبنك تقول ما ليس صدقاً.
+ إحذر حتى من المبالغة التى قد يعتبرها- إبنك النقى- بداية الكذب والمواربة.
+ كن صادقاً مع زوجتك.. مع أولادك.. مع أصدقائك.. مع عملائك “خَطِيَّةُ أَفْوَاهِهِمْ هِيَ كَلاَمُ شِفَاهِهِمْ. وَلْيُؤْخَذُوا بِكِبْرِيَائِهِمْ، وَمِنَ اللَّعْنَةِ وَمِنَ الْكَذِب الَّذِي يُحَدِّثُونَ بِهِ.” (سفر المزامير 59: 12)
+ “أَفْوَاهَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْكَذِبِ تُسَدُّ” (سفر المزامير 63: 11)
+ كن صادقاً أميناً.. فى تعاملاتك المادية ولا تقبل قرشاً بدون راحة لضميرك ولا تفرح لمكسب فيه كذب أو عدم وضوح “يَا رَبُّ، نَجِّ نَفْسِي مِنْ شِفَاهِ الْكَذِبِ، مِنْ لِسَانِ غِشٍّ” (سفر المزامير 120/ 2)
تعلم التدقيق فى الكلام.
“لاَ تَبْتَغِ أَنْ تَكْذِبَ بِشَيْءٍ؛ فَإِنَّ تَعَوُّدَ الْكَذِبِ لَيْسَ لِلْخَيْرِ” (سفر يشوع بن سيراخ 7: 14)
إن الكذب يولد من الكلام البطال الذى ليس فيه تدقيق أو مجاراة للأحاديث الفارغة التى فيها التباهى والإفتخار.
علم أولادك أنه إن فهم أحد أنه برئ وهو ليس برئ لا يسكت بل يعترف بخطأه مهما كانت العواقب، ولا يقبل إلا أن يكون صادقاً مع نفسه.
عالج أسباب الكذب
إن كان الخوف هو السبب.. فإهتم أن تثبت ألايمان بنفسك وفي أطفالك وتعطيهم الثقة فى إلههم وفى أنفسهم.. كن قريباً منهم.. أماناً وحصناً وسنداً وحلاً.. لأنهم يحتاجون أب قوى يدافع عنهم.
وإن كانت الغيرة هى السبب.. فعالجها بالقناعة والشكر والروحانية والتشجيع المستمر.
وإن كان الطمع هو السبب.. فعالجه بالغنى الروحى والتميز والشبع بالله.
تعلم وعلم اطفالك التوبة والإعتراف
يتساءل البعض متى يعترف أولادنا؟!.. إن السن المناسب هو السن الذى يدرك فيه الأطفال معنى الخطايا.. مثل الكذب والشتيمة، ومن المناسب أن يبدأ الطفل سر الإعتراف بمجرد وعيه بمعنى الخطية( ست سنوات أو أقل) لأن هذا يجعله يرتبط بأب إعترافه.. ويشعر بالأمان فى الحل والغفران، ويأخذ تدريباً بعدم الكذب ويخجل خجلاً مقدساً يشجعه ألا يخطئ بعد ذلك.. ويحميه من الإنزلاق والتدهور، وإذا رأوا والديهم مواظبين على الاعتراف سيكون لهم هذا الامر سهلا ، فيمارسون الاعتراف بسهولة .
قد يأتى الكذب من الكبت.. فمن المفيد أن يعبر الاطفال عن غضبهم بدون إنفعال خاطئ، ولكنهم لابد أن يخرجوا ما فى داخلهم من غيظ أو ضيق أو حزن أو ألم أوخوف أو شك. هذا النوع من التنفيس يحمى الاطفال والشاب مستقبلاً من آثار وخيمة تبدأ بالكذب وتنتهى بالإكتئاب والعدوانية.
لا تصد إبنك حين يشكو.. خذه فى حضنك واسمعه.. ثم بهدوء وترو وحكمة وحنان.. تعالج ما فى داخله وترتب أفكاره وترد على شكوكه وتعطيه الوعود والوصايا المناسبة.
CC0 - Pixabay - jackmac34
الكذب الأبيض… كذبة
الصدق أقصر طريق لحياة سعيدة