قدموا إليه امرأة أُمسِكَتْ وهي تزني متلبسة في ذات الفعل… أرادوا أن يجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه، أما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض… لأنه فيما هو القاضي والديان والحاكم العادل إلا أنه هو أيضًا المحامي والفادي والمخلص والضامن لعهد جديد، الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا.
كتب بإصبعه تلك التي كتب بها الشريعة العتيقة، وهو لا زال يكتب أمامنا، حتى نكف عن انتقاد ودينونة الآخرين والحُكم عليهم كي نستفيق وننظر إلى أنفسنا، لا إلى غيرنا، نحكم على أنفسنا قبل أن يُحكَم علينا… تاركين الحجارة والدَّبْش والهدم؛ منصرفين لنُخرج الخشبة التي في عيوننا، ونجمع الحجارة والطاقة المستخدمة من أجل البنيان والتكميل والتجميع… لأن يسوع ما زال يقف في الوسط في المركز، مترفقًا بالحميع؛ وعنده وحده رجاء الخلاص الأبدي، إنه لا يهادن الخطية لكنة عارف الأسرار والخفيات… جاء لا ليديننا بل ليخلصنا.
لقد كانت الشريعة تقتضي أن تؤخذ الشهادة على فم اثنين أو ثلاثة… لكنه برحمته أبعد بنفسه شهادة الشهود القاسيين بكتاباته هذه… سأل المرأة ”أما دانَكِ أحدٌ”… فعدم وجود الشهود أبطل القضية من الأساس… وانتصرت الرحمة والعدل… ”أنا أيضًا لا أدينك” … إذا كان قد قال: “لا ترجموا الزانية!”، لكان قد برهن على أنه غير عادل، وإذا كان قد قال: لترجم ” الزانية ” لكان قد ظهر أنه بلا وداعة ، بينما هو مسيح الخطاة… وديع وعادل على حد سواء.
مَنْ كان منكم بلا خطية فليرمِها أولاً بحجر”. هذا هو صوت العدل. لتعاقب المرأة التي أخطأت، لكن ليس بواسطة خطاة، ليُنفَّذ الناموس وليس بواسطة مخالفين للناموس. هذا هو بالتأكيد صوت العدل. وعندما ضُربوا هكذا بهذا العدل كما ولو برمح نافذ، كانت ضمائرهم تبكتهم وعلموا أنهم خطاة، ومن ثَمَّ “خرجوا واحداً فواحدًا”… الناس يخدعون وينخدعون بالشكليات، والمظهر الخارجي صار محوريًا في الحكم على الناس، – – إدانة ومظالم وأحكام!!؟ تلك هي العيون البشرية السطحية. لكن نظرة الله تنظر بعمق وتخترق الخارج وتفحص القلوب والكُلى. نظرة الله هى نظرة العالم للخفايا والأسرار!!
فلنترك الحكم للحاكم ونتذكر أن القلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله… ولنتدرب أن : لا نتسرع في الحكم على أحد. فالعبرة في المسيحية بالنهايات لا بالبدايات.. والله وحده الذي يرى القلب ويعلم الخفيات. وهو وحده الديان العادل قابل الخطاة وغافر الذنوب والآثام. اإله رجاء دعوتنا وغنى ميراثنا وموهبة نعمتنا وفعل قوتنا… وهو لن يؤاخذنا حسب أعمالنا بل يصنع معنا حسب غنى صلاحه .. له المجد على كل شيء