ألقى واعظ الدار الرسولي الأب الكبوشي رانييرو كانتالاميسا عظته الثانية لزمن الصوم وتحدّث عن الله في الجزء الأول من عظته مستشهدًا آيات من الكتاب المقدس مثل “تكلّم الرب إله الآلهة ودعا الأرض من مشرق الشمس إلى مغربها، من صهيون كاملة الجمال الله سطع، إلهنا يأتي ولا يصمت” (مز 50: 1 – 3). والله بنفسه يعيد في مرات كثيرة في الكتاب المقدس “إسمع يا شعبي فأكلّمك، يا إسرائيل فأشهد عليك، إني أنا الله إلهك” (مز 50: 7).
وقال بإنّ الله يستخدم الكلمات ليتحاور مع البشر “لها أفواه ولا تتكلّم، لها عيون ولا تبصر” (مز 115: 5). وأشار كانتالاميسا إلى أنّ الله لا يملك فمًا ولا نفسًا بشريًا ففمه هو النبي ونفسه هو الروح القدس. والله يتكلّم بالطريقة نفسها التي يكتب فيها “أجعل شريعتي في بواطنهم وأكتبها على قلوبهم” (إرميا 31: 33). وأضاف: “إنّ كلام الله حقيقي وحيّ لدرجة أنّ النبي يتذكّر بدقّة الزمان والمكان اللذين نال فيهما كلمة: “في السنة التي مات فيها الملك عزّيّا” (أشعيا 6: 1).
ثم تابع كانتالاميسا ليقول بإنّه مع مجيء المسيح يتكلّم الله بصوت بشري يمكن سماعه من خلال آذان الجسد “ذاك الذي كان منذ البدء ذاك الذي سمعناه ذاك الذي رأيناه بعينينا ذاك الذي تأمّلناه ولمسته يدانا من كلمة الحياة… نخبركم به” (1 يو 1: 1). “إنّ الكلمة قد سُمعت وتمّت رؤيتها! ومع ذلك فما نسمعه ليست كلمة إنسان بل هي كلمة الله فالذي يتكلّم ليست الطبيعة إنما شخص المسيح الذي هو الأقنوم الإلهي ابن الله وبه يكلّمنا الله شخصيًا “فالمسيح هو شعاع مجده وصورة جوهره” (عب 1: 3).
تحدّث الأب رانييرو كانتالاميسا عن المرحلة الأولى وهي تكمن في الإصغاء للكلمة: “تقبّلوا بوداعة الكلمة المغروسة فيكم” وهذه المرحلة تشمل كلّ الأشكال والطرق التي من خلالها يدخل المسيحي في علاقة مع الله. هذا وتحدّث عن المرحلة الثانية وهي “التمعّن” في الكلمة كمن ينظر إلى المرآة أي بمعنى آخر التأمل في الكلمة وهنا استخدم كانتالاميسا كلمات مثل “المضغ والاجترار” حتى يبيّن أهمية التأمّل والتفكير بتأنّ بهذه الكلمة.
وانتقل إلى المرحلة الثالثة وهي أيضًا يتحدّث عنها القديس يعقوب: “كونوا ممّن يعملون بهذه الكلمة… فمن يسمع الكلمة ولا يعمل بها يشبه رجلاً ينظر في المرآة صورة وجهه. فما إن نظر إلى نفسه ومضى حتى نسي كيف كان. وأما الذي أكبّ على الشريعة الكاملة، شريعة الحرية، ولزمها…. فذاك الذي سيكون سعيدًا في عمله”.
بهذه المراحل الثلاث فصّل الأب كانتلاميسا عظته الثانية لزمن الصوم خاتمًا بقول لأحد آباء الصحراء: “إنّ عقلنا هو كالطاحون، يطحن طوال النهار أول حب يوضع فيه في الصباح الباكر. فلنسرع إذًا ونضع في هذا الطاحون بذار كلمة الله حتى لا يأتي الشيطان ويضع فيه بذار الزؤان”.