Robert Cheaib - theologhia.com

ارميا النبي: وَلَد (4)

جانب جديد من شخصية ارميا: يقول عن ذاته “إني وَلَد”. هذا التعبير له معنى عميق في اللغة الأصلية، فبالعبري و باليوناني لا يعني فقط صغير السن ولكن الأصغر، الصغير. ولا يقصد به الأصغر بين إخوته سناً فقط، لكن ما يشعر به ارميا […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

جانب جديد من شخصية ارميا: يقول عن ذاته “إني وَلَد”. هذا التعبير له معنى عميق في اللغة الأصلية، فبالعبري و باليوناني لا يعني فقط صغير السن ولكن الأصغر، الصغير. ولا يقصد به الأصغر بين إخوته سناً فقط، لكن ما يشعر به ارميا عن ذاته، إدراكه لنفسه وسط الأشخاص، وسط المواقف الحياتية، يشعر بأنه الأصغر، انه الأقل قدرة، الأضعف. “ولد” لا تعني فقط صغير بل هو إحساس وقناعة داخلية بعدم القدرة إمام ما يطلب منه.
كلمة “ولد” تعني هذا الشاب الذي مازال يبحث عن هويته، يبحث عن طريقه، يبحث في العمق عن ذاته، لم يستقر بعد، مازال داخله هش وعمقه مازال فارغا يبحث عمن يملئاه. ارميا يقول إني ولد: مازلت ابحث عن هذا الحليب الذي يكبر الأطفال: حب وتقدير الآخرين. فلماذا تدفعني الآن كي أتصادم معهم؟ مازلت ابحث عن هذا الدفء وتفهم وإرضاء من حولي. فلماذا تجعلني صوت صارخ لهم؟ إني ولد. أتدرك هذا يا رب، ألا تفهمه، أتعرف إني ولد؟ كيف تطلب مني أن أتكلم، وإذا تكلمت أخاطر بكل هذا. انتظر اجعلني ابني ذاتي أولا ثم نبدأ. لم استقر بعد على ارض صلبة مازلت أتدرب على الصراع وها انت تدفعني في حلبة الحياة. لماذا تدفعني الآن ان أكل من خبز مشيئتك وانا مازلت في احتياج لحليب حبك فقط.
وهنا يقول الرب: ” لا تقل: إني ولد”. الرب لا يقول له: “لا يا ارميا أنت لست ولد” ولكن يقول : “لا تقل”. نعم ارميا هو ولد ولكن الله بهذه الكلمة يأمره ان لا يقول هذا، لا يعني ان يخفي أمره، بل بهذه الكلمة : “لا تقل”، الله يخلق من هذا الولد رجل، الله يخلق بالكلمة. خلق السماء والأرض والكون وكل ما فيه بالكلمة. وألان ها هو يخلق رجل من ولد بالكلمة.
نعم الرب يخلق ممن يشعر نفسه الأصغر، اكبر، ممن بين المواقف ضعيف، أحكم. الرب يخلق ممن ليس له هوية، كيان لا يتزعزع. ممن ليس له أساس، حجر يبنى عليه الآخرين. نعم بهذه الكلمة “لا تقل” الله يخلق من الولد ارميا رجل الكلمة.
فقط عليك يا ارميا ان تذهب الى من أرسلك إليهم، وان تقول ما أقوله لك. لا تخف. لا تحاول ان تحل الأمور بطريقتك، ولا تستخدم كلماتك الخاصة، ما أمرك به افعل. نعم بهذا أيها الولد لن تصبح ولد. الله خلق من ارميا بهذه الكلمة رجل ولكن يستمر في ان يصطحب خليقته كي تستمر ان تحيا، هناك الخطر ان يعود ارميا إلى ان يكون ولد في اي وقت. لا ضمان، لا ثبات. يا ارميا انتبه. ضمانك ان يكون هو معك وحربتك ان تسمع ما يقوله لك ودرعك هو ان تفعل ما يأمرك به. فهمت؟
نعم ارميا هو كلمة رجاء لي ولك، لكل من يشعر انه الأصغر، كما ذكرنا من قبل،  غير مستحق، غير ناجح، سقط في طريقه، او مازال يبحث عنه، ضعفت شخصيته او لم تتكون بعد، فليسمع هذه الكلمة: “لا تقل إني ولد…..إني معك”….ولكن كيف؟
هذا ما سنراه في المقالات القادمة – أيام مباركة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير