Shawqi Shamoon - All rights Reserved

متى يتحقّق الحلم "يا أُمّ الرحمة"؟

في قدّاس الأحد الرابع بعد القيامة 24/ 4/ 2016 قرأت توصية على مسامع الحضور: “أنّ الأحد القادم 1/ 5/ 2016 هو بداية الشَّهر المريميّ. وستتلى صلاة الورديَّة وتأَمُّلات شهر مريم في كنيستنا هذه (كنيسة مار أفرام في قره قوش “بغديدا”) كلَّ يوم في […]

Share this Entry

في قدّاس الأحد الرابع بعد القيامة 24/ 4/ 2016 قرأت توصية على مسامع الحضور: “أنّ الأحد القادم 1/ 5/ 2016 هو بداية الشَّهر المريميّ. وستتلى صلاة الورديَّة وتأَمُّلات شهر مريم في كنيستنا هذه (كنيسة مار أفرام في قره قوش “بغديدا”) كلَّ يوم في السَّاعة 00، 5 عصرًا”.
ومرّت الأيّام، وجاء يوم الأحد، وقبل أن تحين الساعة 00، 5 عصرًا، أردت أن أرتدي السوتانة السوداء، ولكنني لم أجدها!
وأردت أن آخذ المسبحة التي أصلّي فيها، ولكنني لم أعثر عليها!
وأردت أن آخذ الكتيّب الّذي أقرأ فيه الأسرار الخمسة، فلم أجده أيضًا!
فتسألت في نفسي: مَنْ يكون قد أخذ سوتانتي من شمعة تعليق الملابس في غرفتي؟ ومَنْ أخذ المسبحة من عند رأسي؟ ومَنْ أخذ الكتيّب من مكتبتي؟
فتوجّهت للكنيسة -بلا سوتانةٍ ولا مسبحةٍ ولا كتيّبٍ- كي أبدأ بتلاوة الصّلاة الورديّة مع جمهور الحاضرين، وعند وصولي إلى الكنيسة تعجبتُ من عدم رؤية أحد فيها! فقلت في نفسي: لماذا أبواب الكنيسة مفتوحة؟ ومن قام بفتحها؟ ولماذا لا يوجد ماء مقدّس عند بابيها؟ ولماذا لا توجد إضاءة فيها؟ فهل الكهرباء مقطوع أم أنّ المولدة لم تشغّل بعد؟ ولماذا الكنيسة بلا تنظيف وبلا ترتيب؟ فأين هم شباب وشابات لجنة الخدمة الذين كانوا يقومون بتنظيفها وترتيبها؟ وأين هم جمهور المؤمنين الملتزمين؟ ماذا حدث يا ترى كي لا يحضر أحد منهم؟ هل هم جميعًا في عطلةٍ رسميّة أو في إجازة؟ هل عملوا اضراب جماعيّ؟ هل تركوا البلدة “بخديدا” من دون أن يبلغوني أو أنّني كنت نائمًا ولم أحس ولا هم حسّوا بوجودي وأيقظوني؟ وتسألت: لماذا أنا وحدي هنا؟ فأين النسوة والأطفال والشباب والشابات والرجال “القلال”؟ وأين هي الصلبان والكتب المقدّسة والإنجيل الطقسيّ والمراوح وكتب الإشحيم والقدّاس والتراتيل وكتيبات الشهر المريميّ وأوراق “الطلبة والتراتيل”؟ وأين هم مرتّلو التراتيل والطلبة والسهرانة؟ وأين هم قارئو الأسرار والتأمّلات من الصغار والكبار؟ وأين هي المبخرة والبطرشيل والأيقونة “الشريفة السامية” والشّمامسة المبخّرون أثناء الزيّاح؟ أين هو تمثال العذراء مريم والشموع المضاءة أمامه وحواليه؟ وأين وأين وأين؟؟؟
فاستيقظت فجأةً، وتذكّرت أنّني كنت في حلم، وأنّني لم أقدّس منذ 91 أحد في البلدة، ولم أقرأ التوصيات في القدّاس أيضًا! فأهلُ بلدتي أُرغموا على تركها يوم 6-7 آب 2014 أي منذ 634 يومًا، وترك كلّ شيء فيها! وبلدتي احتلتها “الدولة الإسلاميّة”! احتلها -داعش- أبناء الجهل والظلام، ودمّروا كلّ شيء جميل فيها! قتلوا البشر، ودمّروا الحجر! فسوتانتي، ومسبحتي، وكتيّبي، استولوا عليها! وأبواب الكنيسة كسّروها كما الصلبان والتماثيل! والماء المقدّس رشوه على الأرض أو أتلفوه! والمولدة والكراسي والأجهزة سرقوها! والكتب أحرقوها! ومؤمني مدينة الموصل، ومؤمني بلدتي الحبيبة “بخديدا”، ومؤمني جاراتها البلدات الأخرى تشتتوا هنا وهناك!!
فأنا مشتاق لكم جميعًا يا أحبّائي (صغارًا وكبارًا) وأدعوكم أينما كنتم، داخل البلد أو خارجه للصلاة المستمرة “صلّوا ولا تملوا” وخاصّة في هذا الشهر المبارك برفقة أمّنا العذراء مريم وهي تنشد نشيدها. عظمة الله فوق كلّ عظمة. وكلّ “عظيم” فينا هو من لدنه تعالى. فمع وضاعة حالنا، يستطيع الله أن يفعل فينا العظائم كما فعل مع مريم. فقالت لها الأجيال: طوباكِ، هنيئًا لك، ما أسعدك!
فبرفقة العذراء وبمعونتها، هلمّوا جميعًا إخوتي وأخواتي الأحبّاء، لنفهم ونعيش الأحداث الخلاصيّة التي حقّقها يسوع المسيح، ولنشارك في تلاوة المسبحة التي تمكّننا من رؤية وجه يسوع والتفرُّس فيه، ولنقدّمها من أجل عودتنا إلى الربّ، ومن أجل عودة كلّ مهجّر ونازح إلى وطنه ومدينته وقضائه وناحيته وقريته أو استقراره في البلد الذي وصل إليه، ومن أجل أن يسود السّلام والأمان والاستقرار في بلدنا العراق الحبيب وفي العالم بأسره، ووقف الحروب، والتهجير، والنزوح، والقتل باسم الدّين، والمجاعات، والكوارث الطبيعيّة، والأمراض الخبيثة، ونقدّمها على نيّة قداسة البابا فرنسيس، وكلّ المسؤولين الروحيّين في الكنيسة، وكل المسؤولين المدنيّين في الدول كافّةً، وعلى نيّة الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة وكلّ المكرّسين والمكرّسات، ولأجل تحقيق الوحدة بين الكنائس والدول، وأيضًا على نيّة جميع المرضى، والمتألمين، والمحزونين، والمسجونين، والسبايا، والمأسورين، والأعداء، ولأجل جمع شمل كل عائلة مفكّكة، في العراق والعالم، وأخيرًا على نيّة الموتى المؤمنين.
أنا أعرف أنّ بعض الأحلام تتحقّق، فهل يتحقّق حلمي وحلم عشرات الآلاف -بأن تتحرّر مناطقنا وتتطهّر من عصابات داعش الإرهابيّة ونعود إليها مرّة ثانية- “يا أمّ الرحمة”، “يا أمّ المصلوب القائم من الموت”، “يا تابوت العهد”، “يا ملكتنا”؟!
(وضعت صورة لطفلة تصلّي أمام أيقونة العذراء في آخر صلاة -30/ 7/ 2014 في الساعة 29: 5- أقامتها الخورنة خصيصًا لأُمّنا العذراء مريم “أُمّ  الرحمة”، شفيعتنا عند ابنها يسوع “وجه رحمة الآب”).

Share this Entry

الأب اغناطيوس أوفي

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير