Jeffrey Bruno _ Wikimedia Commons

البابا: إنّ الشّفقة التي نريد أن نتكلّم عنها هي تعبير عن رحمة الله

مقابلة سنة اليوبيل العامة 14 مايو / آيار 2016

Share this Entry

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

لا يبدو نهارًا جيّدًا ولكنّكم شجعان وأتيتم بالرغم من المطر… شكرًا. هذه المقابلة العامة ستتم في مكانين: المرضى، بسبب المطر، سيكونون في قاعة بولس السادس لأجل راحتهم وسيتابعوننا عبر شاشة عملاقة، ونحن هنا. ولكننا متّحدون جميعًا وأقترح عليكم أن نحييهم بالتصفيق. ليس من السهل أن نصفق والمظلة في يدنا أليس كذلك؟ 

       بين العديد من جوانب الرّحمة، هناك واحد يقوم على الشّعور بالشّفقة والتأثّر إزاء الذين يحتاجون للحبّ. الشّفقة هي مفهوم موجود في العالم اليونانيّ – الرومانيّ، وكان يشير إلى فعل خضوع للرؤساء: أوّلاً العبادة الواجبة للآلهة، ومن ثمّ احترام الأبناء لوالديهم ولاسيّما المسنّين. أمّا اليوم فينبغي علينا أن نتنبّه لكي لا نخلط الشّفقة بتلك التّقوى المنتشرة والتي هي مجرد إحساس سطحيّ ويهين كرامة الآخر. وفي الأسلوب عينه لا ينبغي أن نخلط الشّفقة بالتّعاطف الذي نشعر به تجاه الحيوانات التي تعيش معنا؛ ففي الواقع يحصل أحيانًا أنّنا نختبر هذا الشعور تجاه الحيوانات ونبقى غير مبالين إزاء آلام الإخوة. لكن كم من مرة نرى أشخاصًا متعلّقين بالقطط والكلاب ولا يساعدون جارهم الجائع أو جارتهم الجائعة… هذا الأمر ليس مقبولاً!

       إنّ الشّفقة التي نريد أن نتكلّم عنها هي تعبير عن رحمة الله. إنّها إحدى مواهب الروح القدس السبع التي يقدّمها الربّ لتلاميذه ليجعلهم “مُطيعين للإلهامات الإلهيّة” (تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، ۱٨۳٠). تخبرنا الأناجيل مرّات عديدة عن الصّرخة العفويّة: “رُحماك”، والتي وجّهها ليسوع أشخاص مرضى وممسوسون، فقراء أو معذّبون (را. مر ۱٠، ٤٧ – ٤٨؛ متى ۱٥، ۲۲؛  ۱٧، ۱٥). وكان يسوع يجيب الجميع بنظرة الرّحمة وتعزية حضوره. من خلال توسّلات المساعدة وطلبات الشّفقة، كان كلّ فرد يعبّر أيضًا عن إيمانه بيسوع إذ يدعوه “معلّم”، “ابن داود” و”ربّ”. لقد شعروا أنّ فيه شيئًا غير عاديًّا بإمكانه أن يساعدهم ليخرجوا من حالة الحزن التي كانوا يعيشون فيها. استشفّوا فيه محبّة الله عينه. وبالرغم من أنّ الجمع كان يزحمه كان يسوع يلاحظ توسّلات الشّفقة تلك وكان يرقُّ لهم لاسيّما عندما كان يرى أشخاصًا متألّمين ومجروحين في كرامتهم كما في حالة المرأة النازفة (راجع مرقس ٥، ۳۲). لقد كان يدعوهم ليثقوا به وبكلمته (را. يو ٦، ٤٨- ٥٥). بالنسبة ليسوع الشّعور بالشّفقة يوازي مشاركة حزن الذي يلتقي بهم وفي الوقت عينه العمل شخصيًّا لتحويل هذا الحزن إلى فرح.

نحن أيضًا مدعوّون لننمّي في ذواتنا مواقف شفقة إزاء العديد من حالات الحياة، فننفض عنّا اللاّمبالاة التي تمنعنا من رؤية حاجات الإخوة الذين يحيطون بنا ونتحرّر من عبوديّة الرفاهيّة الماديّة (راجع ۱ طيم ٦، ۳- ٨).

لننظر إلى مثال العذراء مريم التي تعتني بكلّ واحد من أبنائها وهي بالنسبة لنا المؤمنين أيقونة الشّفقة. ويعبّر دانتيه أليغياري عن هذا الأمر بصلاة للعذراء الموضوعة   في قمة الفردوس: “فيكِ الرّحمة وفيكِ الشّفقة… فيكِ يجتمع كلّ الصّلاح الموجود في الخليقة”.

******

Speaker:

 [أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نتوقّف اليوم للتأمل حول جانب من جوانب الرّحمة، وهو الشّعور بالشّفقة والتأثّر إزاء الذين يحتاجون للحبّ. إنّ الشّفقة التي نريد أن نتكلّم عنها هي تعبير عن رحمة الله. إنّها إحدى مواهب الروح القدس السبع التي يقدّمها الربّ لتلاميذه ليجعلهم “مُطيعين للإلهامات الإلهيّة”. تخبرنا الأناجيل عن الصّرخة العفويّة: “رُحماك” التي وجّهها ليسوع أشخاص مرضى وممسوسون، فقراء أو معذّبون. وكان يسوع يجيب الجميع بنظرة الرّحمة وتعزية حضوره. فبالنسبة ليسوع يوازي الشّعور بالشّفقة مشاركة حزن الذين يلتقي بهم وفي الوقت عينه العمل شخصيًّا لتحويل هذا الحزن إلى فرح. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نحن أيضًا مدعوّون لننمّي في ذواتنا مواقف شفقة إزاء العديد من حالات الحياة، فننفض عنّا اللاّمبالاة التي تمنعنا من رؤية حاجات الإخوة الذين يحيطون بنا ونتحرّر من عبوديّة الرفاهيّة الماديّة].

* * * * * *

(موقع الفاتيكان)

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير