بفرح كبير نلتقي اليوم في الهذه الذبيحة الإلهية لنحتفل معا بالسيامة الأرشمندريتية للأبوين العزيزين بسام شحاتيت وبولس حداد. أستقي للمناسبة من إنجيل اليوم بعض التأملات. إنه مثل الزارع. والمسيح يعطي ثلاثة أنواع من الزروع التي سقطت على الأرض اليابسة، والتي سقطت في الأرض الجيدة ثم اختنق بالشوك، وتلك التي سقطت في الأرض الجيدة ونمت.
في هذا المثل نتصور الإنسان وكأنه الأرض ويتلقى الزرع دونما أية مبادرة منه. بينما الإنسان هو الزارع والزرع والأرض معا. الزارع يوجه الزرع ويضعه في المكان المناسب. ثم يسهر على تنقيته من الأخطار. والزرع لا يبقى هو هو بل يتطور بفعل إرادي والارض هي الحاضنة من الداخل والخارج لعملية النمو هذه. وكل خلل في المواقع الثلاثة يؤدي إلى خلل في الكل.
هكذا شبه القديس باسيليوس الكبير الدعوة المسيحية وحياة المؤمنين. أهلنا زرعوا فينا مع الكنيسة الروح القدس. ونحن من ينمي الزرع في قلبنا ونحن نميته. وخيارنا للتربة أساسي في جعل الزرع ينمو أو لا.
كما الدعوة المسيحية كذلك الدعوة الكهنوتية. إنها مسرح زراعة كلمة الله أخذا وعطاء. الكاهن غذاؤه الكلمة والأسرار وإذا أساء التغذية ماتت فيه الدعوة.
إذا أردت أن أستعير من مثل الزارع لأطبقه على أخويّ بسام وبولس اليوم لوجدت أن كلاهما قد أحسنا في اختيار الزرع وفي طريقة بذره في الأرض وفي اختيار التربة له. وأثمرت دعوتهما ثلاثين وستين ومئة.
كنت خلال هذه السنة منهمكا في ذهاب وإياب بين لبنان والأردن لكن كل من الأبوين كانا خير من سهر وسقى التربة وأوصلاها إلى مسارها الأمين اليوم باستعداد ما ستؤول إليه الأمور غدا.
هذه الرتبة ليست تكريما. فالكنيسة لا تتباهى بما فعلت. إن هذه الرتبة هي مسؤولية جديدة ألقيت على عاتق الأبوين بسام وبولس ليشهدا بالمزيد من العطاء وبذل الذات أنهما في خدمة المسيح كليا. لطالما اعتبر البعض التقدم في الرتب إعلاء وتكريما إلا أنه بالحقيقة وضع على المنارة وتحت الضوء. فتيقظا يا أخوي أنكما تحت المجهر وكل فضيلة تمارسانها إنما تحفر بالناس حفرا وكل رذيلة لا سمح الله تعتري أداءكما تؤذي النفوس بشدة. إنها مسؤولية الشهادة وبهذه المسؤولية ستطالبكما الكنيسة.
نحن على يقين أن الوظائف التي قمتما بها كنائب عام وقيم عام خولكما هذه الرتبة. وعملا بقوانينا الكنسية فإنكما بحكم الوظيفة تزينان كهنوتكما بهذه الرتبة مع شاراتها. ومهما يكن من مصدر في القانون أو خارجه فالنتيجة واحدة : الشهادة للمسيح الملك الأوحد. فتذكروا قوله “جئت لأخدم لا لأخدم ولأبذل نفسي عن أحبائي”.
فمبروك لكم هذه التضحية الجديدة. أهنئكما باسم جميع إخوتي الكهنة وأبناء الأبرشية وأهنئ محبيكم من ذويكم والأصدقاء. شاكرا كل ما قمتما به حتى اليوم وما ستقومون به من أتعاب في سبيل كرم المسيح.
بالمناسبة أدعوكم يا غخوتي جميعا أن تصلوا من أجل أبرشيتنا الأردنية. ونحن مزمعون أن نعقد سينودس الاساقفة في طنيستنا الرومية الملكية في حزيران المقبل. وسوف تكون للاردن الحصة الكبرى في دراستنا وخياراتنا. فاذكرونا في صلواتكم لكي نعمل ما هو مرضي لدى الله لا لدى البشر.
كذلك أطلب إليكم أن نرفع صلاتنا في هذه الذبيحة لأجل السلام في منطقتنا الشرق أوسطية ولإنهاء حالة العنف فيها. كم نحن بأمس الحاجة إلى أوطان تشبه هذا البلد الأردن، بملكه وحكومته وجيشه وشعبه. إنكم يا أحبة أثبتم بجدارة أن مستحون وطنا مسالما ومزدهرا فنصلي ليبعد الله عنكم ما هو غريب عن طبيعتكم أي الأصولية والعنف والجهل.
نرحب بإسمكم بالمونسنيور روبرتو مساعد السفير البابوي وممثل قداسة البابا فرنسيس بيننا. ونحملك يا أبت تهانينا القلبية لقداسته بمناسبة مرور ثلاث سنوات لاعتلائه السدة البطرسية. ونشكرك جزيل الشكر لأخوتك ومحبتك.
كما أشكر كل الذين يساعدون هذه الأبرشية وبخاصة كاريتاس بشخص رئيسها وائل سليمان للمساعدة ونور سات والإعلام والجمعيات والحركات الرسولية من كشاف وشبيبة وجوقة وأخوية ومسرح . الشكر لكل الحضور وتهاني للأبوين بسام وبولس مع الشكر لذويهما لتقدمتهما للكنيسة.