Robert Cheaib - theologhia.com

كيف أميّز إرادة في حياتي اليومية؟ ما هي دعوتي؟ (22)

يجب أن نصلي متكلين في كل شيء على الله، وأن نتصرف وكأن كل شيء يرتكز علينا

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أود أن أنهي هذه السلسلة حول الدعوة بوقفة مع الفيلسوف المسيحي موريس بلوندِل الذي يقدم لنا في كتابه L’action بعض الأفكار الأساسية لتمييز إرادة الرب في حياتنا. يعلّم بلوندل أنه يمكننا أن نهيئ السبيل لسماع صوت الرب في حياتنا من خلال ثلاثة مواقف أساسية نلخصها في هذه الكلمات: تقشف الحاضر، التجرد الملتزم، الانتظار الواثق.
– تقشف الحاضر يعني أن نعرف وأن نعترف بأن ما يمكننا فعله حقًا في حياتنا هو الاصغاء لصوت ضميرنا وتحقيق ما ندرك بصدق وإخلاص أنه واجبنا هنا والآن. فغالبًا ما نتيه براء تكهنات مرتبطة بالمستقبل القريب والبعيد متناسين أن مكان لقائنا بالرب هو هنا والآن. يدعو بلوندل في هذا الإطار إلى “العمل بحسب النور الذي نتمتع به الآن، دون أن نُغلق قلبنا على سخاء وسعة التوق الكامن فينا”.
يجب، بكلمات أخرى أن نعيش ما هو محدود بتوق لا محدود. أن نلتزم بالأمور الصغيرة بحبٍ كبير. يجب أن نعانق حاضرنا لكي نبني مستقبلنا. فحتى إذا ما أردنا أن نغير حاضرنا وواقعنا، لا بد لنا أن ننطلق منه.
– التجرد الملتزم. عندما نقول تجرد، يُخمن البعض أنه يجب التخلي وعيش اللامبالاة نحو الواقع. لذا فكلمة “الملتزم” تُشكّل هذا التجرد. هو ليس تجرد التخلي، بل تجرد حرية القلب تجاه الواقع.
ألتزم بواقعي كما هو، دون أن أُرضخ له رغباتي وأتواقي ومزاجي. يتحدث القديس اغناطيوس دي لويولا عن هذا النوع من التجرد بمثل صائب. فيقول أنه لكي نختار جيدًا يجب أن نكون مثل الميزان الذي لا تميل إبرته لا إلى اليمين ولا إلى اليسار، بل تقف عادلة لتقوم باختيار صائب.
– الانتظار الواثق: بعد أن نقوم بكل ما نرى ضميريًا أنه واجبنا، يجب أن نقف وقفة انتظار واثق نحو تدخل الرب. فالنعمة تأبى الأوتوماتيكية، النعمة نعمة مجانية تأتي من إرادة الله. وهنا بلوندل يتحدث بطريقة تشبه تعبيرًا قريبًا من فكر القديس اغناطيوس دي لويولا إذ يقول: “بعد أن نفعل كل شيء دون أن ننتظر شيئًا من الله، يجب أن ننتظر كل شيء من الله وكأننا لم نفعل شيئًا”.
تذكرنا كلمات بلوندل بكلمات القديس اغناطيوس الذي استشهدنا به سابقًا والذي يقول: “يجب أن نصلي متكلين في كل شيء على الله، وأن نتصرف وكأن كل شيء يرتكز علينا”.
بانتظارنا المنفتح، الذي ليس انتظارًا فارغًا، نعيش فضيلة الرجاء، وهي فضيلة لاهوتية، ونعترف أن الاتكال على الرب والتسليم له هو الفعل الديني الأسمى. فقداستنا ترتكز على حوار حب مع الرب وهذا الحوار ما هو إلا الصلاة وستشكل الصلاة موضوع سلسلة جديدة سنبدأها قريبًا على صفحات زينيت.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير