"متعطشون إلى السلام: ديانات وثقافات من أجل الحوار "

عقدت اللجنة الاسقفية عدالة وسلام قيل ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام،  بمناسبة اليوم العالمي للصلاة من أجل السلام في أسيزي الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس تحت عنوان:”متعطشون إلى السلام: ديانات وثقافات من […]

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عقدت اللجنة الاسقفية عدالة وسلام قيل ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام،  بمناسبة اليوم العالمي للصلاة من أجل السلام في أسيزي الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس تحت عنوان:”متعطشون إلى السلام: ديانات وثقافات من أجل الحوار “، ويحتفل به تزامناً مع أسيزي في 20 أيلول الجاري في مزار سيدة حريصا – لبنان، السادسة مساءً.
شارك فيها رئيس أبرشية صور للموارنة، ورئيس اللجنة الاسقفية عدالة وسلام المطران شكرالله نبيل الحاج، ممثل دار الفتوى الشيخ خلدون عريمط، ممثل المجلس الشيعي الأعلى الشيخ وسام ترحيني، ممثل شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وحضرها مدير “صوت الإنجيل” الأب اغسطينوس حلو، الأب انطوان عطالله، وأعضاء من لجنة عدالة وسلام واعلاميين ومهتمين.
 
أبو كسم
رحب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور وقال:
 
“متعطشون للسلام: ديانات وثقافات من أجل الحوار” هذا هو عنوان يوم الصلاة العالمي الثلاثين من أجل السلام الذي يقام في مدينة أسيزي والذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس، هذا اللقاء المميز الذي يجمع رجال دين وعلمانيين من مختلف الطوائف والمذاهب من كل أنحاء العالم. يجتمعون من أجل الصلاة لكي يحلّ الربّ الإله سلامه في العالم وفي الأوطان والمجتمعات التي تعيش حروباً وأزمات خطيرة يذبح فيها الإنسان باسم الدين وتسبى النساء وتنهب الأرزاق، والمجتمع الدولي يقف موقف المتفرج أمام سياسات الحروب والتهجير.”
تابع “إن الصلاة التي يقيمها قادة الأديان العالمية، لشهادة سلام جماعية، تدّل على أهمية التربية على الصلاة، سيما بالنسبة للأجيال الصاعدة، فهناك شبان كثيرون في مناطق عديدة من العالم مطبوعة بالنزاعات، تتم تربيتهم على مشاعر  الكراهية والثأر، وفي إطار أيديولوجية تنمي بزار الأحقاد القديمة وتعّد الأنفس لأعمال عنفٍ مستقبلية، لذلك لا بدّ من كسر هذه الحواجز وتعزيز سبل التلاقي والحوار.”
أضاف “إن لقاء اسيزي السنوي، يجد صداه بشكل دائم وفعلي في وطننا العزيز لبنان، هذا الوطن الذي سماه البابا القديس يوحنا بولس الثاني “وطن الرسالة” لأنه يحتضن شعباً من كل الطوائف ويجسد العيش الواحد بين المسيحيين والمسلمين. لهذا نحن مدعوون إلى الصلاة معاً ومن أجل بعضنا البعض، لنبقى شهوداً للمحبة والرحمة في هذا الشرق، وأن نكون رسل سلام، في مواجهة موجات العنف التي تضرب المنطقة، وأن نقف سداً منيعاً في مواجهة كل أشكال الفتن والحروب.”
وقال “إن ما نشهده اليوم على الساحة اللبنانية، من محاولات إصطفافٍ على أساسٍ مذهبي، وطائفي، هو أمر مرفوض بالمطلق، وعلينا المحافظة على صورة لبنان الرسالة، الوطن النهائي لكل إبنائه مسيحيين ومسلمين، من ضمن صون وحماية الميثاق الوطني الذي ارتكز عليه الدستور اللبناني والذي يشكل ضمانةً لكل اللبنانيين.”
وختم بالقول “إن لقاءَنا من أجل الصلاة لإحلال السلام في العشرين من الشهر الجاري، في معبد سيدة لبنان في حريصا، سيشكل دون شك فرصةٍ للحوار والتلاقي، نستذكر فيه أن إلهنا واحد والطريق نحوه تقودنا إلى السلام الحقيقي، فلنشد الخطى نحوه تعالى إنه السميع المجيب.”
 
الحاج
ثم كانت كلمة المطران شكرالله نبيل الحاج جاء فيها:
“يسر اللجنة الأسقفية عدالة وسلام المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وبتوجيه من رئيس المجلس صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، ونزولاً عند رغبة قداسة البابا فرنسيس، وبالتوافق مع رؤساء جميع العائلات الروحية الكريمة في البلاد ان تدعو جميع اللبنانيين للإحتفال باليوم العالمي للصلاة على نية السلام، وذلك يوم الثلاثاء في 20 أيلول الحالي الساعة السادسة مساءً  في مزار سيدة لبنان- حاريصا.”
تابع “إن هذا الإحتفال يواكب اجتماع اسيزي الذي دعا اليه قداسة البابا فرنسيس ويشارك فيه قادة روحيين و سياسيين من جميع اديان وبلدان العالم وينعقد تحت عنوان: “متعطشون إلى السلام، ويتخلله أدعية وأناشيد وتراتيل، يفتتح بهذه الكلمات البسيطة المغناة: “للشرق وللبنان منصلي للسلام، مع كل الاديان، وكل لون وانسان، مع اسيزي والعالم منصلي للسلام، يا رب اعطينا السلام ”
أضاف “مع الأنشودة الإفتتاحية هذه يتصاعد من ممثلي العائلات الروحية ادعية وصلوات من أجل السلام تذكرنا بقول البابا فرنسيس :” لقد حاولنا مرات كثيرة، ولسنوات كثيرة أن نحل صراعاتنا بواسطة جهودنا، وحتى من خلال أسلحتنا؛ لحظات كثيرة من العداوة والظلام؛….لكن جهودنا كانت بلا جدوى. الآن ساعدنا أنت يا رب! هبنا أنت السلام، علّمنا أنت السلام، قدنا أنت نحو السلام. افتح عيوننا وقلوبنا وهبنا شجاعة القول “لا للحرب مطلقا!”؛ “بالحرب يُدمّر كل شيء!”. ابعث في داخلنا شجاعة القيام بأعمال ملموسة من أجل بناء السلام. أيها الرب، إله إبراهيم والأنبياء، يا إله المحبة الذي خلقتنا وتدعونا للعيش كأخوة، أعطنا القوة لنكون كل يوم صانعي السلام؛ أعطنا القدرة على النظر بإحسان إلى كل الأخوة الذين نلتقي بهم على دربنا.
أعطنا أن نحوّل أسلحتنا إلى أدوات سلام ومخاوفنا إلى ثقة وتوتراتنا إلى غفران. ابقِ شعلة الرجاء متّقدة بداخلنا كي نتخذ بمثابرة صبورة خيارات الحوار والمصالحة، لينتصر السلام أخيرا.”
وقال “بهذه الروح إذا نتحضّر للقاء حريصا التاريخي كلبنانيين مؤمنين برسالتهم السلامية الفريدة المبنية على خبرتهم الطويلة في العيش معاُ وفي التلاقي المحبّ والحوار الحياتي اليومي.
تابع “أجل في وسط الصراعات التي يتخبط بها العالم وبالاخص منطقتنا، إن لقاء أسيزي سيحمل صوت من يتألم جراء الحرب والإرهاب وكل من يتعطش إلى السلام وهو يدعو كل صانعي السلام في بناء السلام، من مسؤولين روحيين وسياسيين الى أشخاص عاديين ان يقوموا بأعمال يومية يمكن أن تغير القلوب وتبني السلام .”
أضاف “ثلاثون عاماَ قد مرت إذا  على المبادرة الذي قام بها البابا القديس يوحنا بولس الثاني في العام 1986 والتي انطلقت من أدعية لتُترجم أفعالاَ نبني بها السلام. واليوم أكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة الى أن تتحد الارادات الطيبة توسلاَ لنيل نعمة السلام من اله السلام .”
وختم بالقول “إن كل شخص بيننا مدعو لأن يكون صانع سلام في محيطه، فلنتشارك جميعاَ في هذا اللقاء التاريخي في مزار سيدة لبنان – حريصا، مواكبةَ للقاء أسيزي على أن لا نكتفي بالدعاء بل نتحول فعلاً كل في موقعه الى رسل سلام وصانعي سلام.”
 
عريمط
ثم كانت كلمة الشيخ خلدون عريمط جاء فيها:
“رسالة السلام والمحبة والرحمة بين الناس هي الاساس في كل الاديان الالهية التي انزلها الله تعالى لتصحيح مسيرة الحياة، لأن الانسان هو الغاية وهو الهدف من هذه الرسالة رسالة التوحيد، فالإنسان الذي اراده سبحانه وتعالى ليكون خليفة لله على هذه الارض ليبني فيها السلام ويعمرها بالخير.”
تابع “ورسالة الاسلام السلام، سلام الانسان مع نفسه، وسلام الانسان مع خالقه، وسلام الانسان مع اخيه الانسان، وتحية المسلم هي السلام عليكم ، لأن الاسلام دعوة سلام ورحمة وتراحم  ولان السلام في حياة المسلمين  هو الاصل والحرب استثناء، والسلام حياة والحرب موت ، والله لم يخلق الناس ليتقاتلوا فيموتوا في حروبهم كما يحصل الان في الكثير من الدول والمجتمعات وخاصة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن بفعل تدخلات الدول الاقليمية التي تحمل مشاريع لبسط نفوذها او الدول الكبرى العاملة على تقسيم وتقاسم ارضنا العربية، ارض الديانات وملتقى الانبياء والرسل.”
أضاف “وليس عجبا ان تتعطش البشرية الى السلام والحوار لمنع الحروب والقتل وسفك الدماء لأن الانسان هو المستهدف والناس هم ضحايا لعبة الامم وصناع القرار في الدول الكبرى المتسلطة على ثروات الشعوب وخيراتها حتى اتسعت الهوة بين دول الجنوب ودول الشمال، وزاد الفقر والعوز والبطالة والفساد في المجتمعات حتى تحولت المجتمع الى مجتمع يأكل فيه الاقوياء حقوق الضعفاء ، وخاصة في وطننا العربي وعالمنا الاسلامي في هذا الشرق الذي ينزف دما ودموعا والالام منذ ما يزيد عن المئة عام، أي منذ وعد بلفور الذي كان المؤشر الاول لسفك الدماء على ارض فلسطين من قبل العصابات الصهيونية التي مارست القتل والتهجير في الارض المباركة في فلسطين، هذا النهج المتوحش هو الذي انتج الارهاب والارهاب المضاد.”
وقال “الإرهاب صناعة الدول الكبرى هي التي انبتت ورعت وسلحت ودعمت لكي تبرر لنفسها الحق في التدخل والهيمنة لنهب وسرقة ثروات الشعوب وخيراتها.”
وختم بالقول “نعم نحن متعطشون للسلام، ومتعطشون للحوار بين اتباع الديانات والثقافات لسلامة الانسان وحقه في الحياة وليكون قولا فعلا مكرما وخليفة لله على هذا الارض التي اكرمها الله بالأنبياء والرسول وما جاء من كلام الله في صحف ابراهيم وما جاء في التوراة والانجيل وفي القران الكريم، وعندها يفرح الناس بالسلام في هذا الشرق الجريح وبين المجتمعات والشعوب ليستحق الانسان خلافته على ارض الله.”
 
ترحيني
ثم كانت كلمة الشيخ وسام ترحيني فقال:
“بعد أيام قليلة يتجه قداسة البابا فرنسيس إلى مدينة أسيزي التي أصبحت مدينة ترمز للمحبة الضائعة في الزمن الحاضر، للمشاركة في لقاء الصلاة على نية السلام بحضور أكثر من 400 وفد ديني من مختلف دول العالم من القادة الدينيين والسياسيين وكل صانعي السلام. ومبادرة الصلاة هذه جرث منذ ثلاثين عاما، واليوم يجددها البابا ليلتقي بالمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء.”
تابع “اليوم نرى متابعة بروحية جامعة في راس الكنيسة الكاثوليكية المتمثلة بالبابا فرنسيس، تدعو كل إنسان محب للسلام والأحترام ولقاء الآخر وعدم سحقه وذبحه.. إلى المشاركة في هذا اللقاء حيث عبر البابا يوحنا بولس الثاني بطريقة ألمعية عن روح أسيزي حين قال “أن نأتي إلى هنا لا يعني أي نية في البحث عن توافق ديني بين بعضنا البعض او القيام بأي مفاوضات على معتقداتنا حول الإيمان.. كما ولا يعني ذلك أنه يمكن للأديان أن تتصالح على مستوى الإلتزام المشترك وأن تتنازل عن النسبية في شأن المعتقدات الدينية لأن كل غنسان أن يتبع بصدق ضميره الحيّ هادفاً إلى البحث عن الحقيقة والإلتزام بها…”.
أضاف “وقداسة البابا بندكتس السادس عشر دعا إلى لقاء بين الأديان من أجل السلام لمناسبة العيد الخامس والعشرين للقاء الأول في 27 تشرين الأول 2011.”
وختم بالقول “من هنا ومن قلب الإنسانية النابض بحياة الأنبياء والرسل (لبنان) أوجه نداءاً مدوياً، لقداسة البابا والمجتمعين على نية السلام… أن يخصص يوم في تلك المدينة النابضة بالحياة لإنقاذ لبنان وتحول قلبه البريء والطيب إلى مدنٍ رتيبة يتناوبها الفقروالعوز وغياب الدولة وقوانينها الراعية للحياة المدنية الكريمة وهي على وشك أن تفارق الحياة إذا بقي الوضع الكارثي على ما نراه اليوم.. ونردد ما قاله رسول الرحمة والسلام “حب  الوطن من الإيمان” ولبنان يحتاج منا الكثير الكثير ..”
 
أبي المنى
واختتمت الندوة بمداخلة الشيخ د. سامي أبي المنى جاء فيها:
إننا إذ نشارك في الدعوة إلى الصلاة من أجل السلام، فإننا ننطلقُ من اعتقادنا الراسخ بأن الدينَ عاملٌ أساسيٌّ في بناء السلام، بل هو دعوةٌ خالصة للسلام، لما له من تأثيرٍ في الإنسان وقيام المجتمعات، ولما يدعو إليه من حفظٍ لكرامة البشر وتأمينٍ لعيشهم الكريم، ولما له من دورٍ في تحقيق السلام العالمي، وبالتالي، فإننا كمؤمنين، مسؤولون عن المساهمة والعمل الدؤوب لتحقيق هذه الغاية السامية للدين.”
تابع “إنَّ مفهومَنا لحوار الديانات يرتكزُ على قاعدة مفهومِنا للدين، فالدين، أيَّاً يكن اسمُه ولونُه وثقافتُه، هو رسالةُ الله إلى خَلقه، وهو نعمتُه تعالى عليهم، إذ هو سبيلُ الإنسان إلى السعادة الحقيقية؛ تلك السعادةُ التي لا تتحققُ إلَّا من خلال السلام الداخلي، الذي يُزوِّدُ المؤمنَ بطاقةٍ إيمانية وروحية لمواجهة الصعاب وتحديات الحياة.”
أضاف “عندما يتحقّقُ هذا السلامُ الداخليُّ المنشود تتهيّاُ سُبُلُ السلامِ في المجتمع وفي الأوطان وفي الإنسانية جمعاء؛ وذلك ما دعا إليه الأنبياءُ والمُرسَلون، إذ لم تكن رسالاتُهم دعوةً للقتال والصراع والحروب، بل إنهم جاؤوا إلى هذا العالم ليزرعوا بذارَ الخير في الإنسان والسلامِ في المجتمع.”
ورأى إنّ خيرَ ما يقومُ به الإنسانُ لتحقيق السلام هو التزامُه بالنظام الذي رسمَه الدينُ له، والذي جاء ليُعينَه على سلوك سَواءِ السبيل، فيسعى من خلال التزامِه بالفرائض واحترامِه للأوامر والنواهي، لأن يكونَ هذا النظامُ طبيعةً قائمةً فيه، وخصالاً راسخةً لا تكلُّفَ فيها، في شهادته وفي صلاتِه وفي صيامِه وفي زكاتِه وحجِّه، وفي كلِّ حركةٍ من حركاتِه وكلِّ سَكَنةٍ من سكناتِه، فيصلَ به إلى درجة التوحيد الحقِّ، وتكونَ شهادتُه إذّاكَ توحيداً خالصاً لله، وصَلاتُه صلةً دائمة بالله، وصيامُه امتناعاً عن كلِّ ما لا يريدُه الله، وزكاتُه محبةً للناس، وأدباً مع الناس، وفعلَ خيرٍ في سبيلِ الله، وحجُّه قصداً لله وعيشاً صادقاً معه؛ فيقودُه ذلك إلى الرضى بأحكامِه والقَبولِ المُطلَقِ لأوامرِه، وإلى التسليمِ الإيجابيِّ له، أي إلى التعاملِ الخيِّرِ والفعلِ الحسن؛ وهذا هو الصراطُ المستقيم للإنسان وللمجتمع، على قاعدةِ أن المجتمعَ يكونُ صالحاً قويماً إذا كان إنسانُه صالحاً مستقيماً.”
وتساءل “أليس الدينُ دعوةً إلى التراحم والإحسان، وإلى حسن المعاملة في كلّ ما له صلة بعلاقة الناس بعضِهم ببعض، وإلى الحكم العادل، وإلى إقامة السلام في الأوطان وفي ما بين الأُمم؟ أي إلى إقامة القسط بالحقِّ بين الناس، وإلى نشر العدل في مواجهة الظلم، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والهدى في مواجهة الضلال، والمحافظة على شرف الإنسان وكرامته، وإلى إقامة المجتمع الفاضل والدولة العادلة، وبالتالي إلى تحقيق مجتمع السلام، الذي يستمدُّ روحَه وأحكامه ونظامه وقيمه من روح الدين وتعاليمه وقيمه؟ فلماذا، إذاً، نتقاتلُ باسم الدين؟”
تابع “أليس الدينُ، بما هو عقيدة إيمانية إلهية وتعليمٌ أخلاقي وتربية قبل أن يكونَ طقوساً وفرائضَ عباديّة، نعمةً ورحمة ودعوةً إلى صلاح النفس وإلى محبة الناس والرفق بهم، وبالتالي إلى السلام”؟ فلماذا ينحرفُ التديُّنُ في ممارسته أحياناً نحو الاستكبار والتعصُّب والانغلاق والكراهية؟ ولماذا يتحوّل في كثيرٍ من الأحيان إلى طائفيةٍ بغيضة وإلى شعورٍ بالامتياز، إلى درجةِ الانحياز وعدم الاعتراف بالآخر، بلغةٍ بعيدةٍ عن العقل، خارجةٍ عن الخطاب الديني الصحيح؟ وفي هذا مهلكةٌ للسلام.”
وقال “إنّ لغةَ الدين الأساسيّة هي لغةٌ الإنسانيةِ في مظهرِها وجوهرِها، هي لغةُ المحبةِ والتسامح والتزام القيم الواحدة، لغةُ السلام الذي بشّرت به المسيحية، بقولِها:”المجدُ لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس المَسرّة”، والتي اعتبرت أنّ الساعين الى السلام “أبناءُ الله يُدعَون”؛ وهي اللغةُ التي حضّ عليها الإسلامُ، باعتباره السلامَ من أسماء الله الحسنى، وبقولِه تعالى: “واللهُ يدعو الى دار السَّلْام ويهدي من يشاءُ الى صراطٍ مستقيم.”
ورأى” أن أسبابَ ضياع السلام عديدة، ولكنَّ الدين، وإن كان هو الجامعُ الأكبر بين الشعوب، والطريقُ الأفضلُ لفَهم الذات وفَهم الآخر المختلِف، والمصالحةِ معَ الله ومع الناس، وتحقيق السلام، إلّا أنّه يشكّل الخطرَ الأكبرَ إذا ما تحوّلت وظيفتُه الى توليد الصراع وصناعة الحروب، وذلك من خلال التعصُّب والتطرُّف والتكفير وثقافة الكراهية والعنف.”
تابع “ولكن لا يجوز لنا، نحن، المؤمنينَ، إلّا السعيُ إلى إبعاد كلِّ أسباب قيام الحروب، وبالتالي إلى تحقيق أسباب قيام السلام، الذي هو وحدَه المقدَّس، وإلَّا فإيمانُنا يكونُ باطلاً. فالأديانُ جميعُها تقولُ بالكلمة الطيّبة، أي بالمحبة المسيحية والرحمة الإسلامية، وهذا ما يدعونا قداسةُ الحَبرِ الأعظم لأن نُصلِّيَ لأجلِه، وهذا ما نتعاهدُ عليه وما نرجوه مخلصين.”
وختم بالقول “اللهمَّ أنِرْ بصائرَنا بنور الحقِّ، واجعلْ قلوبَنا توَّاقةً دائماً للسلام، وعقولنا عاملةً بلا كلَلٍ لعيش السلام، وأعطِنا الإرادةَ والقدرة للمشاركة في صنع السلام، لنكونَ مسيحيين حقيقيين، ولنكونَ مسلمين حقيقيين، ولنكون دائماً موحِّدين موحَّدين في مواجهة الطغيان والتحديات، ومن أجل تحقيق السلام، إنَّك أنت المُعينُ النصير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه.”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

فيوليت حنين مستريح

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير