ضمن الجولة التي يقوم بها البابا في أذربيجان، ها هو يلتقي رئيس الجمهوريّة والقادة الحكوميين والسلك الدبلوماسي في قصر حيدر ألييف للمؤتمرات ويلقي كلمة على مسامعهم، استهلّها بالتعبير عن فرحته بزيارة البلاد، شاكراً الجميع على استقبالهم له وشاكراً الرئيس على كلماته الترحيبيّة، خاصّة بعد زيارة الأخير وزوجته الفاتيكان العام الماضي.
وقال الحبر الأعظم إنّه أتى إلى هذا البلد حاملاً في قلبه التقدير لتنوّع وغنى ثقافته، وللقيم التي تحدّد المجتمع وتُترجم في الازدهار الأذربيجاني المعاصر. كما وتطرّق البابا إلى أنّ أذربيجان ستحتفل في 18 تشرين الأول بالذكرى الخامسة والعشرين لاستقلالها، مشيراً إلى أنّ هذا التاريخ يقدّم إمكانيّة إعادة النظر في الأحداث التي طبعت تلك العقود، وعلى التقدّم الذي تمّ إنجازه والمسائل المطروحة في البلاد.
وأضاف الأب الأقدس أنّ الطريق الذي تمّ اجتيازه لغاية الآن يظهر الجهود التي بُذلت لتثبيت المؤسسات وتفضيل النموّ الاقتصادي والمدنيّ في أمّة تضمّ ديانات مختلفة تتبادل الاحترام، مع الإشارة إلى أنّ هذا كلّه يتطلّب انتباهاً دائماً للجميع، خاصّة للأكثر فقراً.
ثمّ أشار الحبر الأعظم إلى أنّ هذا الجهد في بناء التناغم بين الاختلافات له معنى في هذا الوقت، لأنّه يشير إلى أنّه يمكن لكلّ إنسان أن يشهد بأفكاره الخاصّة وبتصوّره للحياة، بدون “دوس” حقوق الآخرين وممارسة الاضطهاد والهيمنة.
تجدر الإشارة إلى أنّ البابا تمنّى أن يتابع أذربيجان مسيرته على طريق التعاون بين الحضارات والديانات المختلفة، في ظلّ التناغم والتعايش لخدمة الخير العام.
من ناحية أخرى، أشار البابا إلى أنّ العالم يختبر العديد من النزاعات التي يغذّيها التعصّب والذي يعود بدوره إلى إيديولوجيّات عنيفة ورفض لحقوق الأضعف، قائلاً إنّه على ثقافة السلام أن تتغذّى وتكبر عبر الحوار ومعرفة أنّه ما من خيار آخر للتوصّل إلى الحلول وإلى حرّية الشعوب.
كما وعبّر البابا في كلمته عن قُربه ممّن اضطرّوا إلى ترك أرضهم، وممّن يعانون من نزاعات دامية، متمنّياً أن يقدّم المجتمع الدولي مساعدته. وفي الوقت عينه، وجّه البابا دعوة لكلّ شخص لمحاولة الوصول إلى حلّ مرضٍ، متمنياً – بمعونة الله وإرادة الأفرقاء – أن يكون القوقاز “الباب بين الشرق والغرب” مكاناً تُحلّ فيه الخلافات، وأن يصبح باباً مفتوحاً للسلام، ومثالاً يُحتذى به لحلّ النزاعات القديمة والجديدة.
أمّا عن الكنيسة الكاثوليكية فقد قال البابا إنّها حتّى ولو كانت تشكّل عدداً صغيراً، فهي مندمجة في الحياة المدنية والاجتماعية في أذربيجان، وهي متضامنة مع البلاد لمواجهة الصعاب، خاصّة بعد الاتفاق الدولي الذي وُقّع مع الكرسي الرسولي عام 2011. وأعرب البابا عن سروره حيال العلاقات الودّية التي يتمتّع بها الكاثوليك مع المجتمعات المسلمة والأرثوذكسية واليهودية، متمنّياً أن تتضاعف إشارات الصداقة والتعاون التي تعكس التعايش المسالم وتظهر العلاقات الودية والاحترام بين مؤمني الديانات المختلفة، بعيداً عن “الاختباء وراء اسم الله” لفرض العنف على الآخرين.
وختم الأب الأقدس كلمته متمنياً أن يكون الإيمان بالله مصدراً للتفاهم المتبادل والاحترام والمساعدة، لأجل خير المجتمع، وطالباً إلى الله أن يبارك أذربيجان عبر التناغم والسلام والازدهار.