على متن الطائرة التي أعادته من أذربيجان بعد زيارته الرسولية، عقد البابا فرنسيس مؤتمراً صحفياً أجاب خلاله عن أسئلة الصحافيين، متطرّقاً إلى رحلته الأخيرة، وإلى الزواج والطلاق والمثليّة والهوية الجنسيّة.
كما وتكلّم عن كونسيستوار الكرادلة المقبل وجائزة نوبل للسلام والقديس يوحنا بولس الثاني، كما أورد المعلومات موقع catholicnewsagency.com الإلكتروني. من ناحيتنا، سنستعرض جميع ما تمّ التداول به ضمن مقالين متلاحقين.
استهلّ البابا كلامه بشكر الجميع على التغطية التي قاموا بها خلال زيارته إلى جورجيا وأذربيجان، وقال إنّه لم يتخيّل أن تضمّ جورجيا هذا الكمّ من الثقافة والإيمان والمسيحية، مؤكّداً أنّه اكتشف شيئاً لم يكن يعرفه. ثمّ أضاف أنّه كانت له مفاجأة ثانية، ألا وهي البطريرك الجورجي: “هذا الرجل أثّر بي، إنّه حقاً رجل الله”. وأشار الحبر الأعظم إلى أنّه وجد الكثير من النقاط المشتركة فيما بينهما، مؤكّداً وجوب التعاون بين الكنيستين.
أمّا عمّا يجب أن يحصل بين أرمينيا وأذربيجان لأجل سلام مستدام يحفظ حقوق البشر، فقال البابا إنّه كان قد تكلّم عن دور الديانات في المساعدة على إيجاد حلّ، مؤكّداً أنّ الحوار الصريح والمفاوضات الصادقة قد تساعد. وفي حال عدم نجاح تلك السبل، تطرّق الأب الأقدس إلى إمكانيّة التوجّه إلى محكمة دوليّة مثل لاهاي، علماً أنّ السبيل الوحيد الآخر هو الحرب التي تقضي على كلّ شيء ولا ينجم عنها رابح في النهاية، مشدّداً أيضاً على وجوب الصلاة لأجل السلام.
من ناحية أخرى، طرحت صحافيّة على الأب الأقدس سؤالاً حول “الحرب العالميّة الدائرة ضدّ الزواج”، قائلة إنّ البابا بدوره استخدم ألفاظاً قاسية ضدّ الطلاق بما أنّه “يجعل صورة الله قذرة”، فيما في الأشهر الأخيرة الماضية كان هناك حديث عن الترحيب بالمطلّقين. فما كان من الحبر الأعظم إلّا أن أعاد التأكيد على أنّ الزواج هو اتحاد رجل وامرأة. وشرح أنّه بوجود الكثير من المشاكل التي يصعب إيجاد الحلول لها، بدأ الناس يجرّبون الزواج الثاني والثالث والرابع، ممّا تسبّب بشنّ الحرب على الزواج. ثمّ أوضح البابا أنّ الزواج صورة عن الله؛ وإن اتّسخت هذه الصورة، نكون نشوّه وجه الله، قائلاً إنّ الإرشاد الرسولي الأخير يتطرّق إلى العديد من الحلول ومن الطرق لشفاء جروح العائلات، ومؤكّداً أنّ للرحمة دوراً كبيراً في التعاطي بين البشر، بعد مرافقة أفراد العائلة وتفهّمهم… ثمّ أضاف البابا أنّ مركز الإرشاد الرسولي يكمن في الفصل الرابع الذي يخدم جميع نواحي ما يدور في الحياة.
وفي هذا السياق، طُرح على البابا سؤال حول نظريّة الجنس، خاصّة بعد تصريحاته المتعدّدة (ومنها في جورجيا) التي أشار فيها إلى أنّه عدوّ كبير وأنّه يشكّل تهديداً ضدّ الزواج: ماذا سيقول البابا لشخص عانى لسنوات مع هويّته الجنسيّة ومع شعوره بأنّ هناك مشكلة بيولوجيّة لا تتناسب وما يشعر به؟
فأتى الجواب كالتالي: “طوال حياتي ككاهن وأسقف وحتّى بابا، التقيت بأشخاص مثليّين ورافقتهم، بل وقرّبتهم إلى الله ولم أتخلّ عنهم. يجب أن نرافق الناس كما كان يسوع ليفعل: لم يكن ليقول “ارحل أنت مثليّ”. لكن ما قلته يتمحور حيال الشرّ الذي يُلقّن لأولادنا اليوم بشأن تعليم نظريّة الجنس المنافية للطبيعة (كما حصل في إحدى مدارس فرنسا). يجب التمييز بين الميول والحالة البيولوجيّة، وبين تعليم ذلك في المدارس بهدف تغيير العقليّة. وهذا ما أدعوه الاستعمار الإيديولوجي”. ولتبسيط الأمور، أعطى البابا مثلاً قائلاً إنّ هناك فرقاً شاسعاً بين صراخ كاهن على إنسان عرف أنّه أخطأ “ستنزل إلى الجحيم” وقوله له: “تعال لنتكلّم، كم من الوقت مضى على اعترافك الأخير؟”
ثمّ أكّد الحبر الأعظم أنّه يجب أخذ الحياة كما تأتي، وتقبّل الأمور لا بل دراستها وتمييزها بهدف فهمها. “هذا ما كان يسوع ليفعله. أرجوكم ألّا تقولوا إنّ البابا يطهّر المتحوّلين جنسيّاً من الخطيئة، لأنني أقرأ عناوين الصحف! هذه مشكلة إنسانيّة وأخلاقيّة، ويجب أن تُحلّ برحمة الله وبالصراحة المطلقة مع قلب منفتح”.
يتبع –