Cross - Pixabay - CC0 PD

سبعة شرور اجتماعية تجتاحنا 2

فكيف سنحول دونها؟

Share this Entry

كنّا قد بدأنا في مقال سابق استعراض سبعة شرور غيّرت مجتمعاتنا وحوّلتنا معها. وسنتابع اليوم ما تبقّى، بناء على رؤية إدغار هنريكيز كاراسكو والتي أوردها في مقال له نشره موقع catholic-link.org الإلكتروني.

السعادة المحبطة

كلّما تمّ إنجاز “تقدّم” جديد عبر القانون، كالطلاق مثلاً أو الإجهاض، يبدو أنّ هناك عدداً من أعضاء المجتمع يُسرّون لذلك. وسرعان ما تنزل الحشود إلى الشوارع للاحتفال بنصرها. لكن مع مرور الأيّام، يعود ذاك التوق الذي لم يشبع، والذي لا يعطي البشر سعادة طويلة الأمد.

إنّ المسيحيّ يعرف أنّ السعادة توجد فقط عندما يكون أساس الحياة شيئاً غير متناه. فهل من شيء أكبر من الله؟ لا! لذا، إن كانت حياتنا مبنيّة على الأشياء المادية أو حتّى القضايا الاجتماعية و”التقدّم”، سنكون بائسين. وإن كانت حياتنا قد بُنيت على الملذّات الجسدية، فمستقبلنا غير سعيد. إنّ سعادتنا الكاملة متجذّرة فقط في الله.

“فمع أنه لا يزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم، ويكذب عمل الزيتونة، والحقول لا تصنع طعاماً. ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر في المذاود فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي. الرب السيّد قوّتي” (سفر حبقوق 3 : 17 – 19).

التفاؤل غير المحفّز

يقول كثر “هيا بنا، يمكننا فعل ذلك”. إنّها جملة توحي وتحفّز. لكن مع كلّ ما ذكرناه من لامبالاة وفرديّة وبحث عن الرضا الشخصي… نجد أنّنا لا نعيش في عالم متفائل، إذ أنّ هناك العديد من الأشخاص الذين يعيشون حياة لا حافز فيها، مختبئين خلف التفاؤل الزائف والمبنيّ على شعارات جميلة بهدف تفادي الواقع. هذا النوع من التفاؤل موقّت. وكما يذوب الثلج تحت أشعّة الشمس، هكذا يتبخّر الحافز ذات الشعارات.

إضافةإلى ذلك، نحن نعيش لأجل أهداف قصيرة الأمد: “سأحصل على ترقية”، “سأنتقل إلى المستوى التالي في اللعبة”، “سأحصل على شهادتي”. وماذا بعدها؟؟ مجدداً، سنبحث عن هدف جديد يحفّزنا لمتابعة العيش. لكن لو وثقنا بالله وتقبّلنا كونه دائماً على حقّ، كنّا لنوفّر على أنفسنا كلّ هذا العناء. عندها، يحين دور الفضيلة الإلهية المتّسمة بالرجاء كما هو مكتوب: “الرجاء هو الفضيلة الإلهية التي بها نرغب في ملكوت السموات، والحياة الأبدية، رغبتنا في سعادتنا، واضعين ثقتنا بمواعيد المسيح، ومستندين لا إلى قوانا بل إلى عون نعمة الروح القدس. لنتمسّك باعتراف الرجاء على غير انحراف، لأنّ الذي وعد أمين” (عب 13 : 23).

الحرّية المستعبدة

يشير الإنجيل بوضوح تامّ إلى أنّ الخطيئة تستعبد الإنسان. فالكره يولّد الكره، والحرب تجرّ حرباً أخرى، والعبوديّة تتسبّب بعبوديّة ثانية إلخ… ليس كلّ ما نرغب فيه قد يحرّرنا. فالإدمان عبوديّة، سواء كان إدماناً على الهاتف أو على التكنولوجيا أو المال متذرّعين بحجّة “يحقّ لي بذلك”. لكن هل يحقّ لي استغلال الأشياء والناس إلى درجة جعلهم أداة بين يديّ؟ وهل يحقّ لي أن أخسر حرّيتي لأجل “الملذّات”؟

لعلّ الوقت حان للسماح ليسوع بأن يشفينا، بغية التوصّل إلى الحرّية التي يتمتّع بها أبناء الله، “لأنّ الخليقةَ نفسها أيضاً ستُعتَقُ من عبوديّة الفساد إلى حرّية مجد أولاد الله” (رومة 8 : 21).

اللامبالاة المشغولة البال

نحن نتنبّه لكلّ شيء، وبذلك، يلهينا كلّ شيء: مزرعة احترقت في مكان ما، هرب غوريلا في اليابان، صدور سيّارة جديدة… فمع التكنولوجيا، المواصلات أسرع وأسهل. لكن هل نحن قلقون “حقاً” أو أنّ هذا ببساطة إدمان على الأخبار الجديدة؟

لكن ماذا عن الأخبار التالية: موت مئات آلاف المسيحيين في الشرق الأوسط؛ قلّة المياه والغذاء في أفريقيا؛ التهجّم على الكنيسة؟؟ هل تقلقنا حقاً؟ هل نسعى خلف ما يناسبنا أكثر أو ما يستحقّ انتباهنا؟ وفيما ترينا وسائل الإعلام “الجهة المظلمة” من الحياة، إنّ المشاكل الحقيقية التي تتطلّب جواباً منّا لا تصل إلى النور. من هنا، سنبقى للأبد لامبالين إن بقينا ننظر إلى أنفسنا وإلى مصالحنا.

أمّا عندما سنتمكّن من النظر إلى إخوتنا بمحبّة، فستبدأ حياة جديدة، كما قال ذلك القديس بولس: “احملوا بعضكم أثقال بعضٍ، وهكذا تمّموا ناموس المسيح… فإذاً حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع، ولا سيّما لأهل الإيمان” (غلاطية 6 : 2 – 10).

إن أردنا حقاً العودة إلى مفهوم الحياة الروحية الصحيح، علينا أن نقترب من الحقيقة. والحقيقة هي الله. أمّا سلام الروح فسنتوصّل إليه عندما نتصالح مع الله، وعندما نحبّ إخوتنا ونهتمّ ببناء عالم أفضل. وإلّا فسنبقى ننظر إلى الوراء ولن نتقدّم. إن شئتم الابتعاد عن الأمور الأرضية والملذّات، استديروا نحو الله. “وإنّما أقول: اسلكوا بالرّوح فلا تكمّلوا شهوة الجسد. لأنّ الجسد يشتهي ضدّ الروح والروح ضدّ الجسد، وهذان يُقاوم أحدهما الآخر، حتّى تفعلون ما لا تريدون. إن كنّا نعيش بالروح، فلنسلك أيضاً بحسب الروح.” (غلاطية 5 : 16 – 17 – 25).

على أمل أن تكون هذه النقاط قد ساعدتنا كي نفهم العالم الذي نعيش فيه من وجهة نظر مسيحية، فلنتشجّع للبحث بلا توقّف عن خيرات السماء. قد يكون العالم مغرياً لكنّه لن يهزم من هو ثابت في حبّ الله. “فمَن يفصلنا عن محبّة المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟” (رومة 8 : 35) لا شيء ولا أحد سيُبعدنا عن حبّ الله!

Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير