خَرَجَ يَسُوعُ إِلى الجَبَلِ لِيُصَلِّي ، وَأَمْضَى اللَّيْلَ في الصَّلاةِ إِلى الله .
ولَمَّا كانَ النَّهَار ، دَعَا تَلامِيذَهُ وٱخْتَارَ مِنهُمُ ٱثْنَي عَشَرَ وَسَمَّاهُم رُسُلاً، وَهُم :
سِمْعانُ الَّذي سَمَّاهُ أَيضًا بُطرُس ، وأَنْدرَاوُس أَخُوه ، ويَعْقُوب ، وَيُوحَنَّا ، وَفِيلِبُّس ، وبَرْتُلْمَاوُس ، ومَتَّى ، وَتُومَا ، وَيَعْقُوبُ بنُ حَلْفَى ، وَسِمْعَانُ المُلَقَّبُ بِالغَيُور ،
ويَهُوذَا بنُ يَعْقُوب ، ويَهُوذَا الإسْخَريُوطِيُّ الَّذي صَارَ خَائِنًا .
وَنَزلَ يَسُوعُ مَعَ رُسُلِهِ ، ووَقَفَ في مَكانٍ سَهْل ، وكانَ هُناكَ جَمْعٌ كَثيرٌ مِن تَلامِيذِهِ ، وَجُمْهُورٌ غَفيرٌ مِنَ الشَّعْب ، مِن كُلِّ اليَهُودِيَّة ، وأُورَشَليم ، وَسَاحِلِ صُورَ وصَيْدا ،
جَاؤُوا لِيَسْمَعُوه ، ويُشْفَوا مِن أَمْراضِهِم . والمُعَذَّبُونَ بِالأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ كَانُوا هُم أَيضًا يُبرَأُون .
وكانَ الجَمْعُ كُلُّهُ يَطْلُبُ أَنْ يَلْمُسَهُ ، لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنهُ وَتَشْفِي الجَمِيع . ( لوقا ٦ : ١٢ )
أقام الربّ يسوع مرشدين ومعلّمين للعالم كلّه ” ووُكَلاءَ أَسرارِ الله ” ، ( قورنتس الاولى ٤ : ١ ) . ودعاهم ليكونوا لامعين ومنيرين كالمشاعل ” نور للعالم ” ، ليس في بلاد اليهوديّة فقط … بل في كلّ مكان تحت أشعّة الشمس ، للناس القاطنين في أنحاء العالم كلّه . لذلك قال القديس بولس : ” ما مِن أَحَدٍ يَتَوَلَّى بِنَفْسِه هذا المَقام ، بل مَن دَعاهُ اللهُ كما دعا هارون . وكذلك المسيح لم يَنتَحِلَ المجدَ فيجعل نفسَه عظيم كهنة ، بل تَلقّى هذا المجد من الذي قال له : ” أنتَ ابني وأنا اليوم ولدتُكَ ” ( عبرانيين ٥ : ٤ – ٥ ) .
” كما أرسلني الآب أُرسِلُكم أنا أيضاً ” ( يوحنا ٢٠ : ٢١ ) : إذا كان الرّب يسوع يعتبر أنه عليه إرسال تلاميذه كما أرسله الآب ، كان ضروريًّا جدًّا أن يكتشف هؤلاء المدعوّين للامتثال به ، وأن يعرفوا ما هي المهمّة التي أرسل الآب ابنه من أجلها. لذا، شرح الرب يسوع لنا بطرق مختلفة طبيعة مهمّته الخاصّة . فقد قال يومًا : ” ما جِئتُ لأُدعُوَ الأَبرار ، بَلِ الخاطِئينَ إِلى التَّوبَة ” ( لوقا ٥ : ٣٢ ) . وقال أيضاً : ” قَد نَزَلتُ مِنَ السَّماء لا لِأَعمَلَ بِمَشيئتي بل بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني ” ( يوحنا ٦ : ٣٨ ) . وفي مرّة أخرى صرّح قائلاً : ” فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم” (يو ٣ : ١٧ ).
لقد لخّص المعلّم الإلهي مهمّة الرسل ببضع كلمات عندما قال إنه : ” أرسلهم كما أرسله الآب ” ( يوحنا ٢٠ : ٢١ ) ، ” اذهبوا في العالم كُلِّه ، وأعلنوا البشارة إلى الخلقِ أجمعين . فمن آمن واعتمد يَخلُص ، ومن لم يُؤمن يُحكَم عليه ” ( مرقس ١٦ : ١٥ – ١٦ ) . بذلك ، سيفهمون أنه يتوجّب عليهم : ” أن يكونَ كُلٌّ منهم أميناً لرسالته ” ( قورنتس الأولى ٤ : ٢ ) وأن يدعوا الخطأة إلى التوبة ، وأن يشفوا المرضى جسديًّا وروحيًّا ، وفي مهمّتهم كوكلاء ألاّ يحاولوا أبدًا العمل وفقًا لإرادتهم الخاصّة ، بل وفقًا لإرادة الذي أرسلهم . أخيرًا، أن يخلّصوا العالم بقدر ما يتلقّى هذا الأخير تعاليم ووصايا الرّب يسوع المسيح .
فذهب الرُسُل يُبَشِرونَ في كلِّ مكان ، والرّبُ يَعمَلُ معهم ويؤيد كلمَتَه بما يصحبها من الآيات ” ( مرقس ١٦ : ٢٠ ) .