تم اليوم في عمان اشهار النسخة العربية من كتاب قداسة البابا فرانسيس وعنوانه “اسم الله المحبة” الذي قام بترجمته الى اللغة العربية المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام، بالتعاون مع جمعية الكاريتاس الخيرية.
وقال وزير الثقافة نبيه شقم اننا نعيش وسط عالم متناحر متضارب المصالح والاهواء وضجيج يكاد يقضي على كل ملامح الاستقرار والنهوض في سبيل الوصول الى اهداف مادية وسياسية تخدم من لا يرى في هذا العالم غير مصالحه الخاصة وانانيته المنفرطة واحاديته في التفكير بحيث لا يرى غير صورته واهدافه وغاياته على حساب حقوق وكرامة الانسان.
وتساءل شقم ” هل نصل الى عالم معافى من كل مرض وتهميش وكراهية وفقدان حريات واقصاء للعدالة دون الرجوع الى القيم الالهية ، في زرع المحبة والاجتهاد والسلام والرحمة والمودة وهي القيم السماوية السمحة التي جاءت على لسان الانبياء والرسل والكتب السماوية المقدسة؟
وقال ان في رسالة عمان دعوة صريحة وجادة الى منهج الوسطية والاعتدال كما نبهت الى تحقيق التنمية الشاملة التي تؤكد العناية المتوازنة بالجوانب الروحية والاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بحقوق الانسان وحرياته وتأكيد حقه في الكرامة والامن وضمان حاجاته الاساسية وادارة شؤون المجتمعات وفق مبادئ العدل والشورى والاستفادة مما قدمه المجتمع الانساني من صيغ واليات لتطبيق الديمقراطية.
وقال من هنا نرى في كتاب البابا فرنسيس “اسم الله هو المحبة” عنوانا ساميا حقيقيا لعدالة الخالق وغفرانه ومحبته المطلقة للانسان معززا ذلك بالدور الايجابي الذي يقوم به قداسته في السلم العالمي وعلاقاته المتينة والمتميزة بالاردن.
وقال بطريرك القدس السابق فؤاد الطوال في كلمة خلال الاحتفال الذي حضره المطران مارون لحام ورؤساء الكنائس وأعضاء السلك الدبلوماسي وعدد كبير من فاعليات ثقافية واعلامية ، انه أمامَ جَهالةِ العنفِ وحَماقةِ القتلِ والظّلمِ، التي تجتاحُ عالَمَنا، لم يَجدْ قداسةُ البابا فرنسيس سِلاحًا يُحارِبُ به، سوى إعلانِه سنةً للرّحمة، ونشرِهِ كتابًا حَمَلَ عنوان: “اسمُ اللهِ هو رحمة”. فاللهُ رحمنٌ رحيم، حليمٌ بالنّاسِ والعِباد، يحملُ لهم رسالةَ رأفةٍ ومودَّةٍ وحنان، بعيدًا عن أشكالِ العُنف والتّطرفِ والإرهابِ.
واضاف مُنذُ أنْ تسلَّم قداسةُ البابا فرانسيس قيادةَ الكنيسة، وهو يُثير دَهْشَةَ العالمِ بأسلوبِه البسيطِ في الحياة. وكنتُ أنا شخصِيًّا قد اِلتَقيتُ معَهُ أكثرَ من مرة، ولمستُ هذهِ البساطةَ الكبيرة في التّعامل ونمطَ الحياة.
واوضح انه تماشيًا مع إصرارِ البابا المتكرِّر على أنّه يريد “كنيسةً فقيرةً تكونُ في خدمةِ الفقراءِ ومن أجلِهم” في كُلِّ مؤسَّساتِها من جامعاتٍ ومدارسَ ومعاهدَ تربوية ومستشفيات…إلخ، بدأَ بتنفيذِ برنامجٍ إصلاحيٍّ شاملٍ، داخل دوائرِ الفاتيكان. فكافحَ الفسادَ ولاحقَ المُفسدين، وشدَّد على أنَّ الكنيسة هي بمثابةِ (مُستشفىً ميداني) لكلِّ المرضى والباحثينَ عنِ العِلاجِ والدّواء، بالإمكاناتِ المتاحة والمتوفّرة بينَ أيدينا.
وقال دعونا نغفِرُ الإساءاتِ والأذى الّلاحقِ بنا من الآخرين عن قوّة وطواعية، دعونا نواسي ونقفُ إلى جانبِ كلِّ مظلوم، كلِّ مُحتاج، وكلِّ من وقع عليه عنفُ العالم وقسوته، ليرى كلُّ هؤلاء فينا وجهَ الله الرّحيم، الذي إلى الأبد تدوم مراحِمه، لأنَّ اسم الله هو الرّحمة.
وتحدثت الدكتورة نداء زقزوق الاستاذة في كلية الشريعة في الجامعة الاردنية ان الرَّحْمَة هِي رقة الْقلب وانعطافه على وَجه يَقْتَضِي التفضل وَالْإِحْسَان. وقولنا بسم الله الرحمن الرحيم في بداية كل عمل وكل قول تأتي أهميته من ضرورة استحضار صفة الرحمة في كل ما يَصْدُرُ عنا. وصفة الرحمن أشد مبالغة من صفة الرحيم لأن الرحيم يرحم بسببٍ منه وبسببٍ من المرحوم الذي يستدرها أو يستحقها. أما الرحمن فهو الله تعالى فقط الذي يرحم الجميع رحمة واسعة دونما استحقاق، والدليل أنه تعالى يرحم المؤمن والكافر، المظلوم وحتى الظالم.
من جهته قال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام الاب رفعت بدر ان عنوان هذا الكتاب كافٍ للحديث عن عمق الايمان بالله الواحد الرحيم “اسم الله هو الرحمة” . وهو الاله الواحد الذي نعبده ونتبعه ونحاول في كل حين أن نتمم إرادته ومشيئته . إن اسمه تعالى هو الرحمة، وليس أي شيء آخر, وهي التي تشكل جسراً رابطاً بين مسلمي العالم ومسيحييه لأنهم يعبدون ذات الإله الذي اسمه الرحمة، موضحا بان هذا الكتاب هو الاول للبابا فرانسيس الذي سبق ان زار الاردن في شهر ايار الماضي.
واعرب الاب بدر عن شكره وتقديره لكل من قام باي جهد ساهم في اصدار الكتاب من مراجعة وتدقيق واخراج وطباعة وغيره.
وبدوره قال الكاتب الايطالي المخضرم اندريا تورنييلي الذي اجرى مقابلات الكتاب مع البابا فرنسيس باللغة الايطالية ، ان كتاب البابا فرانسيس يوضح حقيقة الكنيسة التي لا تدين الناس لضعفهم ومعاناتهم ولكن تعالجهم بدواء الرحمة. فنحن نعيش في مجتمع يشجعنا على التخلص من عادة الاقرار بمسؤولياتنا وتحملها. فدائما الآخرون هم الذين يخطئون والآخرون هم دائما من يتميزون باللاأخلاقية. فدائما الخطأ على شخص آخر، وليس خطأنا. إنه الموقف الذي يجعلنا دائما مستعدين لإدانة الغير ويجعلنا أقل استعدادا بقبول ذلك. فنحن جاهزون لإصدار الحكم ولكن لسنا مستعدين للإنحناء برحمة تعاطفا مع معاناة الغير. فرسالة الرحمة تزيل بعيدا كل تلك الصور النمطية.
وقدّم تورنييلي الذي يعتبر من أكبر المختصين بشؤون الفاتيكان ، الشكر لأصدقائه المسلمين الذين تفاعلوا مع اهمية الكتاب منذ صدروه في كانون الثاني الماضي ، وقال أنه من بين الأسماء المميزة التي يسم فيها الإسلام الخالق هي” الرحمن والرحيم.” فغالبا ما يكون هذا الإبتهال على لسان المسلمين المؤمنين الذين يشعرون بان الرحمة تتملكهم الرحمة في حياتهم اليومية وترافقهم. وهم يعتقدون أيضا أن لا يمكن لأحد أن يضع حدا للرحمة الإلهية لأن أبوابها مشرعه دائما. وكرر ما قاله البابا فرنسيس في بدياية سنة الرحمة هذه : إنني على ثقة أن يوبيل هذا العام الذي يحتفل برحمة الله سيعزز اللقاء مع هذه الأديان ومع التقاليد الدينية النبيلة الأخرى. أرجو أن يقودنا ذلك إلى حوار أكثر اندفاعا حتى يتسنى لنا أن نعرف ونفهم بعضنا البعض بشكل أفضل. أرجو أن يزيل ذلك كل شكل من أشكال العقول المغلقة وعدم الاحترام، ويبعد كل شكل من أشكال العنف والتمييز.”
وفي الحفل الذي ادارته في المركز الثقافي الملكي الاعلامية رانيا حداد ، القت الطالبة تيما مجيد محمدية ، من مدرسة راهبات الوردية في الشميساني ، مقاطع مؤثرة من كلام البابا حول الرحمة . وقدم الشقيقان جورج وفادي قديس معزوفات موسيقية ، فيما قدمت فيوليتا مخامرة فقرة فنية غنائية عالمية، ووزع المطران مارون لحام الدروع على وزير الثقافة والكاتب تورنييلي وسلامة جدعون ومحمد بشتاوي تقديرا لمراجعتهم اللغوية لكتاب : اسم الله هو الرحمة الذي يعتبر اول كتاب للبابا فرنسيس ينقل الى العربية.
Catholic Center - Jordan
الأردن: أول كتاب للبابا فرنسيس في العربية… في وسط اهتمام ديني وسياسي
وزير الثقافة يرعى اشهار كتاب البابا فرنسيس باللغة العربية