Pixabay PD CC0

الحياة كذبة

قيل عن الحياة أنها كذبة كبيرة، تتقنها مخلوقات ميزت عن باقي الخلائق الغير ناطقة. مخلوقات تأتي للحياة وترحل منها وكأن شيئا لم يكن. قد تكون كذبة يخلقها إنسان ويصدقها إنسان آخر ويلعبها الثالث بغباء أو باحتراف! هذه حقيقة الحياة … هي بمجملها […]

Share this Entry

قيل عن الحياة أنها كذبة كبيرة، تتقنها مخلوقات ميزت عن باقي الخلائق الغير ناطقة. مخلوقات تأتي للحياة وترحل منها وكأن شيئا لم يكن. قد تكون كذبة يخلقها إنسان ويصدقها إنسان آخر ويلعبها الثالث بغباء أو باحتراف! هذه حقيقة الحياة … هي بمجملها يقظة يعقبها نوم ولكن الإنسان يتناسى ذلك أو يغض النظر عنها من أجل ان يتواصل مع ما يريد السلبي والإيجابي بأي شكل من الأشكال.
كثير من الامور تتطلب الوقوف على حقيقتها الصعبة. والحياة كما يدركها البعض القلة لذات زائفة وزائلة ومع ذلك يبقى الإنسان يلهث خلفها كالأعمى الذي لا يدرك خطواته، فيجد نفسه على طريق لم يعهده يوصله إلى عتبات بحر واسع .
الفرد ووجوده في واقع غير طبيعي:
ندرك أن الحياة بمجملها تصبح غير طبيعية عندما الإنسان نفسه يصنع واقعا من خياله وحسب ما تمليه عليه نفسه التي غالبا ما تكون شاردة منه …. كيف؟!
عندما تبصر عينيك ابتسامة لا تعلم هل هي حقيقية أم لا؟ عندما تعيش حلم أو مجموعة أحلام لا تعلم هل ستتحقق أم لا؟! عندما تحسب حساباتك وأن لا تدري هل ستكتمل أم لا؟! عندما ترسم خطة لحياتك وحياة من معك وأنت لا تعلم هل ستنجح أم لا؟! عندما تتعايش مع حالات ويدهشك ما يصدر عنها ولا تعلم هل تستطيع مستقبلا السيطرة عليها؟! عندما يجلسك حظك على أقرب عتبة  وكأنه يقول لك:” هنا تنتهي رحلتك”؟! عندما تفتح قاموسك لتبحث عن معاني لكلمات قادتك إلى فراغ وأشياء بمحض الصدفة؟! عندما تنتظر فرصة وأنت لا تعلم أن مدة صلاحيتها منتهية؟! عندما تحاول أن تقنع نفسك بشيء لا تصدقه؟! عندما تعيش صدمة تعقبها أخرى ولا باب للخروج منها؟!
كذلك لا ننسى الضغوطات النفسية .. آلام الحياة .. ماضي انقضى بالعذاب .. مستقبل مؤهل بضياع الفرص والأوقات .. امتيازات ناقصة .. الحسرة على فقدان أشياء لم يعد بالإمكان تحقيقها أو اللحاق بما يعوضها .. ذكريات تحضر وأخرى تأبى .. نجاح مؤقت وفشل محتم .. خيال ظاهر وتعجيز قوي .. هاوية مؤبدة وطريق مظلم .. آمال كاذبة وأحلام خادعة .. أمنية بعيدة وحيلة قريبة ..
هذه وغيرها جعلت من الواقع أن يكون غير طبيعيا بسبب إنسان يريد غالبا ما هو الغير موجود ويسعى خلفه ضاغطا على نفسه ومعلنا الحرب عليها؟! نعم … الإنسان عندما يستدعي حالات غير طبيعية ومستحيلة تقضي على ما هو الموجود والحقيقي ، وتجعل الحياة في نظره اصغر مما يتصور مع أنها عكس ذلك تماما، يجعلها تبدو كذبة كبيرة. مع الاسف في زمننا الحاضر لم يعد بوسع الإنسان ان يتعلم من تجاربه بسبب انشغاله بالتكنولوجيا الحديثة وتركيزه الممل عليها واستحواذها عليه وهذه اكبر المصائب ، أن تستحوذ الأشياء الإنسان فيعيش لها!
المصالحة مع الذات:
التغيير والتحول مطلوب والحياة بحاجة إلى بعض التأمل … أليس كذلك؟! تأمل إذن فيها ومعها في خط حياتك عليها من أجل طريق موحد وحياة هادئة وهانئة. حدد مسارك واتبع خطواتك بثبات وتعلم من دروس الحياة ولا تهملها وتتعلق بمظاهر وأشياء لا نفع منها. تأمل مع نفسك وحدثها بنبرة هدوء لتعرف ما هو مخزونك في الحياة وأين وصلت فيها. أسال نفسك : ماذا قدمت ماضيا ؟ وماذا تقدم في حاضرك؟ وما الذي سوف تقدمه في مستقبلك؟ كل هذا من أجل نفسك قبل أن تفعله لغيرك. ألا يستحق وجودك وحياتك بعض الاهتمام من قبلك من أجل أن تعيش في واقع حقيقي وليس متصنع وعبارة عن كذبة أنت قدت نفسك إليها عندما تعيش الاستسلام من واقع قد يكون فرض نفسه ؟!

Share this Entry

سهى بطرس قوجا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير