أرسل لنا يسوع الروح القدس كهبة، إلّا أنّ قلّة منّا يختارون اللجوء إليه، ربما بسبب عدم معرفة ماهيّة مواهبه أو ببساطة… لأننا ننساه!
ليس الروح القدس مخلوقاً قديماً غامضاً، بل هو موجود ليقوّينا وينوّرنا ويرشدنا لنعيش إيماننا في عالمنا اليوم. لنأخذ معاً بضع دقائق، ولنطّلع على مواقف يوميّة قد نواجهها، وهي تتطلّب أن نعرف كيف نصلّي للروح القدس، بناء على رأي لويزا رستريبو الذي عبّرت عنه في مقال نشره موقع catholic-link.org الإلكتروني.
موهبة المعرفة
مع موهبة المعرفة، يمكننا أن نتوصّل إلى معرفة قيمة الخلق بالعلاقة مع الخالق، وهذا مهمّ عندما نكون محاطين بالجمال، لكننا لا نفكّر إلّا في أنفسنا. وهنا، يكمن التحدّي بتمكّننا من اختبار الروعة والشعور بالمفاجأة في الطبيعة المذهلة التي تحيط بنا وتدعونا للخروج من عالمنا الأناني. وعبر فعل هذا، سنكتشف الله في خلقه وفي حبّه الدائم للإنسان.
موهبة الحكمة
تعود موهبة الحكمة للقدرة الخاصّة على الحكم على الأمور البشريّة بحسب الله، وتحت ضوئه. فإن أنارتنا هذه الموهبة، سنتمكّن من التعمّق بالحقائق التي تحيط بنا، وسنكتشف حقيقة الأمور، وليس فقط ما نريدها أن تكون عليه لأجل أنفسنا. من هنا، لا نعود نحكم بناء على معاييرنا السطحية والأنانية، بل بناء على معايير الإنجيل. تخيّلوا كيف ستكون الأمور إن استطعنا رؤية العالم كما يراه الله!
موهبة المشورة
تعمل موهبة المشورة كالنسيم العليل في ضميرنا، وتساعدنا لنرى ونميّز الخير، ولنعرف ما يُسعدنا وما أكثر ما يناسبنا، إذ أننا غالباً ما نجد أنفسنا أمام قرارات مهمّة في حياتنا وفي حياة الآخرين، لا سيّما عندما يطلبون مساعدتنا ولا نعرف بما نجيب أو كيف نتصرّف… هذه هي اللحظة المحدّدة التي يجب أن ننفتح فيها على الروح القدس الذي يحيا في داخلنا، لأنّه وحده سيعطينا النصائح الجيّدة وسيُعلّمنا كيف نتصرّف.
موهبة القوّة
القوّة هي التي تسمح لنا بالعيش بشجاعة كما يريدنا الله أن نفعل، خاصّة فيما يتعلّق بتخطّي مصاعب الحياة، أو مقاومة شغفنا الداخليّ والضغوطات الخارجيّة. فما من أحد منّا يمكنه القول إنّه قويّ دائماً وإنّه يمكنه مقاومة التجربة. نحن ضعفاء، لذا نسعى لإيجاد الله ونعرف كم نحن بحاجة إليه. ومن هنا، ليس علينا أن نشكّ في طلب مساعدته… فلنفعل ذلك! وإن تعثّرنا، فلنترك إخفاقاتنا تعلّمنا عدم الوثوق بأنفسنا بل بالله.
موهبة التقوى
إنّ التقوى تشفي قلبنا من جميع أنواع القساوة وتسمح له بأن يكون “حساساً” في العلاقة مع الله، كما مع إخوتنا وأخواتنا. التقوى لا تعني الصلاة دائماً في الكنيسة، بل تعني أن نضع أنفسنا مكان الآخر، وأن نحاول أن نشعر بما يشعر به. وهنا، علينا أن نسأل أنفسنا: كيف يمكنني أن أشعر كما شعر الله؟ والجواب هو: عبر محاولة حبّ الآخر.
لكن كيف سنحبّ الآخر أكثر؟ عبر مشاطرة كلمة تشجيع، وعبر الابتعاد عمّا يريحنا لمساعدة الآخر، وعبر عدم البحث عن إثبات كوننا على حقّ دائماً… هذا هو درب الحبّ الذي ترشدنا إليه التقوى.
موهبة مخافة الله
مخافة الله لا تعني أن نخاف منه لأنّه منتقم يبحث عن معاقبتنا! بل تعني التمتّع بروح ناضجة تدرك حجم الذنب ووزن الخطايا، كما وتعني الوثوق برحمته. في صغرنا، لم نكن نرغب في إغضاب والدينا، ليس خوفاً منهما بل محبّة بهما وعدم رغبتنا في تخييب أملهما. من هنا، إنّ مخافة الله تعني أن نعطي لله ما له، وأن يكون هو إلهنا، وليس أحد أو شيء آخر؛ كما وتعني أيضاً أن ندرك ما الذي يُبعدنا عنه. وهنا، دعونا لا ننسى أنّ سرّ الاعتراف هو هديّة لا تقدّر بثمن عندما نحتاج إليها!
موهبة الفهم
هذه هي النعمة التي تساعدنا على فهم كلمة الله، وعلى التعمّق بالحقائق التي يعلّمنا إيّاها. كم من مرّة نجد أنفسنا نتذمّر من كاهن لا يلقي عظة جيّدة، أو نقول إنّ الأمر مملّ ومعقّد، وإننا لا نفهم كلمة من هذا كلّه… وكم من مرّة لا نناقش إيماننا لأنّه ليس لدينا ما نقوله أو أنّه لدينا شكوك… ولا نفعل شيئاً حيال هذا. إنّ الإيمان يصبح أقوى كلّما فهمنا الحقائق وتعمّقنا فيها. فلا تلتزموا فقط بما تعلّمتموه في صغركم!
إن أردنا حقاً هذه المواهب في حياتنا، علينا أن نطلبها. فلنأخذ لحظة لنصلّي، ولنطلب من الروح القدس أن يحلّ علينا مواهبه وأن يساعدنا لنشارك في حبّه اللامتناهي.