هل تدرك أهمية حقيقة الخصوصية على صعيد علاقتك مع ذاتك ومع الاخرين؟ من هم لديهم الحق في الدخول الى حياتك الخاصة في عالم بات أكثر حشرية وتطفلا؟ ما هي مخاطر هتك خصوصيتك؟
١- الخصوصية في حياة الشخص
تعبّر هي حميميته، اي قدس اقداسه، عمقه، باطنه، حياته الخاصة، مخدعه (٢مل ٤: ٣٣؛ اش٢٦: ٢٠؛ مت٦: ٦) ، هيكله الداخلي الذي فيه يحضر الله ويقف باحترام وينتظر بخفر وتقدير جواب الاخر (رؤ٣: ٢٠) واذا فتح له دخل ومكث عنده، فيقدّسه ويتحوار معه بكلام فرح ومحبة وعطف واحيانا بتوبة تفرح النفس وتحررها من الانكماش او الافراط.
٢- نعمة ام نقمة؟
الخصوصية عطية الهية، فلا نجعلها مباحة للمارة ولعابري الطريق. فمن اراد ان يدخل اليها عليه ان يتحلى بصفات وخصال وفضائل أساسية، أهمها “نقاوة القلب” وسلامة النية وفضيلة الأفعال ومعرفة مسبقة، عليّ ان اعرف ” من هو امامي” معرفة في العالم الواقعي لا الإفتراضي. ولكي نتجنّب الوقوع في الخطأ، يتطلب منّا تمييزا دقيقا ومسيرة طويلة ومتدرّجة… فكم من المرات يقع البعض في شباك التنمّر والخداع والغش والرياء والتمثيل والصور الخدّاعة؟ كم من المرات يتحول الشخص الى ضحية الإبتزاز؟ وهنا نسأل أي ثقة تبنى في العالم الافتراضي (الانترنيت) وحتى الواقعي؟
٣- بعض متطلبات الثقة
الثقة تتطلب تعلّما وتمرّسا ومعرفة. يقول المثل الشائع “درب الطويل بتكشف المعيوب” لهذا لا يمكن ان تمنح الثقة لأي انسان مهما كان شأنه ولونه وعلمه ونواياه ومقاصده وكلامه… الا بعد مسيرة تمييزية طويلة والتي احيانا تكون صعبة ولكن ضرورية…. فلننظر الى تلمذي عماوس، كيف رافقهما الرب وهما ولم يعرفاه الا بعد مسيرة وحوار وتوضيح وتفسير ونقاشات… فلم يعرفاه الا عند كسر الخبز فعندها ” انفتحت اعينهما وعرفاه فغاب عنهما” (لو٢٤: ٣١) .
٤- أسئلة للتأمل
لا يمكن ان نمنح حميميتنا كما نفعل مع الاشياء. كيف يمكن ان نحافظ على المال بشكل واع ولا نحافظ على تلك الخصوصية التي لدينا؟
لهذا فمن الضروري التفكر حول حقيقة الثقة، سائلا نفسي :
١- كيف أثق؟ وبمن؟
٢- هل أعلم ما هي الثقة؟
٣- أأجيد مرتكزات الثقة الحقيقية؟
٤- كيف أتعامل مع الذي يثق بي؟ او مع من يرتابني؟
٥- ما الذي عليّ فعله قبل الوقوع في حبائل الكذب؟
٦- كم من المرات أحافظ على خصوصياتي وأجنبها تطفل الآخرين وحشريتهم؟
٧- ما هي مستويات الثقة بنفسي؟
٨- هل أدرك حقيقة من هو أمامي؟
٩- هل الذي يشاركني الصداقة على وسائل التواصل الاجتماعي هو حقًا يستحق ان اخبره بعضا من حميميتي (كلام، مواضيع حساسة، صور خاصة وشخصية، مزح، معلومات شخصية…)؟
في الختام، علينا صون مخدعنا الداخلي من آفة الحشرية، وذلك بالحفاظ على نقاوة قلوبنا وعيونا وآذاننا بروح طيبة متواضعة وحكيمة ومسؤولة وفطنة مؤسسة على وصايا الله وتعاليم امنا الكنيسة. خصوصيتنا نعمة عندما نضعها في نظام النعمة اي في عيش الفضائل وتتحول الى نقمة عندما نلوثها في حشريتنا. خصوصيتنا ليست مكبًّا لنفايات الآخرين.