الإيمان المسيحي هو إيمان مبني على الأمانة للسماء والأمانة للأرض معًا. فهو يأخذ هذا الانتماء المزدوج من طبيعتي المسيح الذي هو في آن إله حق وإنسا حق. لا يعيش الإيمان المسيحي وهم ملكوت يأتي غدًا، بل يبدأ بالعمل على تحقيق الملكوت اليوم وهنا. يدعونا المرنم في المزمور أن “نقطن الأرض وأن نعيش بإيمان”؛ أن نعيش على الأرض وقلبنا في السماء؛ أن نحب السماء دون أن نخون الأرض. لا يمكننا أن نتخلى عن هذا الرباط باسم حبنا للكلمة المتجسد. يعلمنا اللاهوتي الأرثوذكسي بول أفدوكيموف أن “التلكؤ في الحضور للعالم يعني نقص في الإيمان الإنجيلي”.
مع التجسد، عانق الله التاريخ، الجسد، الزمان مبينًا لنا أن العلاقة مع الأزلي تمر في الزمن، ومع الروحاني تمر في الجسد. بينما روحانية المسيح الدجال هي روحانية لا تعترف بيسوع المسيح الذي أتى بالجسد (راجع 2 يو 7).
الرجاء المسيحي ليس طوباوية خيالية، بل هو حضور في الزمان. ويشرح اللاهوتي ديتريخ بونهوفر أنه “من خلال مشاركتنا في المسيح نحن نشارك في آن بحقيقة الله وحقيقة العالم. فواقع المسيح يضم في ذاته واقع العالم. وليس هناك إطاران منفصلان، بل إطار المسيح الواحد والمتكامل حيث يلتقي واقع الله مع واقع الإنسان”.
خلال فترة السجن في سجن تيغيل النازي بسبب المؤامرة التي شارك فيها ضد هتلر، كتب بونهوفر عددًا كبيرًا من الرسائل. في إحدى الرسائل إلى خطيبته ماريا فون فيديماير، صرّح بونهوفر أن “المسيحي الذي يعيش برجل واحدة على الأرض، سيعيش برجل واحدة في السماء”.
الإيمان بالمسيح يرغمنا ألا ننسى العالم الحالي بحجة العالم الآتي. حبنا للقريب هو معيار تقييم تتلمذنا للمسيح. فيسوع لا يفصل حب الله عن حب القريب والقديس يوحنا الصليب يستنتج ما يلي: “من لا يحب القريب، يكره الله”.
هذه مفارقة المسيحية الكبرى: أن نتعلم من السماء الحب الصادق للأرض. فالأب هنري دو لوباك يذكرنا بأن “الحياة الأبدية ليست الحياة المستقبلية. إذ من خلال المحبة ندخل، منذ هذه الحياة، في الأبدية. والمحبة تبقى ثابتة إلى الأبد”.
Cross - AJEL - Pixabay - CC0 PD
بين الأرض والسماء – حدثني عن المحبة – 2
الإيمان المسيحي هو إيمان مبني على الأمانة للسماء والأمانة للأرض معًا. فهو يأخذ هذا الانتماء المزدوج من طبيعتي المسيح الذي هو في آن إله حق وإنسا حق. لا يعيش الإيمان المسيحي وهم ملكوت يأتي غدًا، بل يبدأ بالعمل على تحقيق الملكوت اليوم […]