أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، غالبًا ما نتعرَّض لتجربة التفكير أنّ الخليقة هي ملكنا ويمكننا استغلالها كما يحلو لنا ولا يجب علينا أن نؤديَ حسابًا عنها لأحد. لكنَّ القديس بولس الرّسول يذكّرنا بأنَّ الخليقة هي عطيّة رائعة وضعها الله بين أيدينا لكي نتمكّن من الدّخول في علاقة معه ونرى فيها بصمة مخطّط محبّته الذي دعينا جميعًا لنساهم في تحقيقه يومًا بعد يوم. لكن عندما يسمح الإنسان للأنانيّة بأن تسيطر عليه يؤول به الأمر إلى تدمير حتى الأمور الأكثر جمالاً التي أُوكِلَت إليه. وهذا ما حصل أيضًا للخليقة. لكنّ الرّبّ لا يتركنا وحدنا ويقدِّم لنا، حتى في هذا الإطار الكئيب، وجهة نظر جديدة للتّحرير والخلاص الشامل. وهذا ما يسلِّط الضوء عليه بولسُ بفرح، إذ يدعونا لنصغيَ إلى أنين الخليقة بأسرها. في الواقع، إن تنبّهنا، كلّ شيء يئنُّ من حولنا: ,هذا الأنين ليس تذمُّرًا عقيمًا وكئيبًا وإنّما – كما يؤكِّد الرّسول – هو أنين آلام المخاض، أنين من يتألّم ولكنّه يعرف أنّ حياة جديدة ستولد. هذا هو محتوى رجائنا. المسيحيّ لا يعيش خارج العالم، بل يعرف كيف يقرأ هذه الأمور كلّها بأعين الفصح وعينيّ المسيح القائم من الموت. كم من مرّة نتعرّض نحن المسيحيّون أيضًا لتجربة اليأس والتشاؤم… ولكن يأتي مرّة أخرى لمساعدتنا الرّوح القدس، ويُظهر لنا منذ الآن السّماوات الجديدة والأرض الجديدة التي يعدُّها الرّبّ للبشريّة.
Speaker:
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربيّة، وخاصّةً بالقادمينَ من الشّرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، يحثُّنا القدّيس بولس قائلاً أنّنا “بالرجاء خُلِّصنا!” لنتعلَّم إذًا قراءة كلِّ شيء بعَينَيِّ المسيح القائم من الموت، واثقين بالرّبّ الذي يريد أن يشفي برحمته جميع القلوب الجريحة والمُهانة ويعيد خلق عالمٍ جديد وبشريّة جديدة متصالحَينِ بمحبَّتِه. ليبارككُم الرّبّ!
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana