أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إذ نتابع التأمّل حول المعموديّة، أريد اليوم أن أتوقّف عند الطقوس الأساسيّة التي تتم عند جرن المعموديّة. نأخذ بعين الاعتبار أولاً الماء الذي يتم عليه استدعاء قوّة الروح القدس لكي يصبح لديه القوّة ليلِد من جديد ويجدّد. تطلب الكنيسة عمل الروح القدس على الماء: “لكي يُدفن مع المسيح في الموت ويقوموا معه إلى الحياة الأبديّة الذين ينالون المعموديّة بواسطته”. وتقول صلاة البركة إنَّ الله قد أعدَّ الماء “ليكون علامة للمعموديّة” وتطلب من الله أن يفيض في ماء جرن المعموديّة نعمة المسيح المائت والقائم من الموت. بعد تقديس الماء، يجب إعداد القلب لقبول المعمودية، وذلك من خلال الكفر بالشيطان وإعلان الإيمان وهما فعلان مرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا. فبقدر ما أقول “لا” لمغريات الشيطان باستطاعتي أن أقول “نعم” لله الذي يدعوني لأتشبّه به فكراً وعملا؛ إذ لا يمكننا اتّباع المسيح بشكل مشروط، بل يجب أن ننفصل عن بعض الروابط كي نعانق روابط أخرى، ويجب أن نهدم بعض الجسور ونتركها وراءنا كي نعيش الحياة الجديدة التي هي في المسيح.أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، في كلِّ نغمس يدنا في الماء المبارك ونرسم إشارة الصليب، لنفكّر بفرح وامتنان بالمعمودية التي نلناها، ونجدد الـ”آمين” التي قلناها لكي نعيش تغمرنا محبة الثالوث الأقدس.
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللّغةِ العربيّة، وخاصّةً بالقادمينَ من الشّرق الأوسط. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، تذكّروا على الدوام أنَّ الكفر بالخطيئة وبإغراءات الشر وبالشيطان، والإيمان بكل ما تؤمن به الكنيسة، ليست أفعالاً موقتة، تنحصر بلحظة المعمودية؛ بل هي مواقف ترافق نموّ ونضوج الحياة المسيحية. ليبارككُم الرب!
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana