“نحن نبني ببطء، ونهدم بسرعة. والله يبني بسرعة. إنّ الله يعاملنا مثلما تعامل الأمّ المرضعة رضيعها. إذا عاندها وقاومها، تضمّه إلى قلبها بشدّة، وتقبّله، إلى أن يرجع السّلام والسّكون إليه…”
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
إنّه حضن أبينا السّماويّ… إنّه حضن الرّحمة، والمغفرة… إنّه حضن دائم الدّفء، لأنّه حضن الحبّ…
لكلّ منّا مكانة خاصة في قلب الرّبّ… كلٌ منا هو الابن المدلّل، بالنّسبة إلى أبينا السّماويّ…. فالربّ يفرح بنا، همّه الوحيد أن يرفعنا إلى كمال حبّه، همّه أن يغمرنا بفيض رحمته… همّه أن يمسك بيدنا، ويقودنا إلى درب الخلاص. يمدّنا دومًا، بأملٍ جديد، يهدينا دومًا فرصة جديدة، وبشارة تنطق بوعد السّرور والسّلام…
ولكنّ مشاعرنا الإنسانيّة تعمي بصيرتنا… نعيش الهمّ والغضب، والحقد ، ونضمر النّوايا السّيّئة…. نرى ضبابًا مستمرًّا، يمحو جماليّة نظرةٍ منحنا إيّاها الرّبّ،… غدونا مكفوفين أمام نعمٍ كثيرة، أهدتنا إيّاها العناية الإلهيّة…
يرى الطّوباويّ أبونا يعقوب أنّ من عادة الإنسان سرعة الانتقام. أمّا الله فليس كذلك. الرّبّ يحتمل بأناة، من يتمرّد عليه من خلائقه، ومن يحتقر نعمه. لأنّه” لا يريد موت المنافق، بل أن يتوب عن نفاقه، ويحيا”( حز18:32)
الرّبّ ينبّه دومًا… هو ينذر عن قرب وقوع العاصفة. الرّبّ يمهل ولا يهمل…
يشهد على ذلك مثل التّينة المغروسة في كرم إنسان، فجاء يطلب ثمرًاعليها فلم يجد. فقال للكرّام: ” لي ثلاث سنين آتي وأطلب ثمرًا في هذه التّينة فلا أجد. فاقطعها! لماذا تعطّل الأرض؟ فأجابه :”يا سيّد، دعها هذه السّنة أيضًا حتّى أقلب الأرض حولها، وألقي سمادًا، فلربّما تثمر في العام المقبل، وإلّا فتقطعها فيما بعد”(لو13: 6-9)
نعم … الرّبّ يمنحنا الفرص…. نحن بحاجة إلى تنقيب تربتنا، لنثمر خيرا…. الرّبّ يحتمل بأناةٍ. الرّبّ لطيف وحليم… يمنحنا الوقت الكافي للوصول إلى فرح الغاية…علينا التّوبة، هو ينتظرنا دومًا، علينا التّخلّي عن ما يبعدنا عنه… ساعدنا ، يا ربّ كي نحيا فرح الصّبر… ساعدنا كي تكون فرحتنا الكبرى، لحظة الوصول إلى الغاية التّي من أجلها منحتنا الحياة…