Meditation - Activedia - Pixabay - CC0

تسلّل العصر الجديد في الكنيسة (9)

أنسلم غرون

Share this Entry

كيف تسلّل العصر الجديد إلى فكر وممارسات بعض الكهنة واللاهوتيين الكاثوليك المشهورين مثل أنطوني دي مللوِAnthony Di Mello ، أنسلم غرون Anselm Grün وغيرهم.

الأب البندكتي أنسلم غرون (1945-…) لاهوتي وكاتب ألماني مشهور له مؤلّفات عديدة في المكتبات الكاثوليكية وهو متأثّر، ويصرّح بذلك علنًا، بعالم النفس المعروف كارل غوستاف يونغCarl Gustave Young  الذي أطلق فرضيات عديدة تتناقض مع الإيمان المسيحي، بإيحاء من ديانات الشرق الأقصى والذي غالباً ما يستشهد به أتباع العصر الجديدNew Age للترويج لبعض معتقداتهم.

 ومعروف عن “غرون” أنّه من مشجّعي التاسوعية  Enneagramme (الذي أشارت إليه الكنيسة في وثيقة “يسوع المسيح الحامل الماء الحي”، وحذّرت من اعتباره في ذاته وسيلةً للخلاص) وله بعض الأفكار الغريبة عن التقليد المسيحي لها منحى العصر الجديد.

 وقد سبق وأشار إلى هذا الأمر الأب دومينيك أوزينيه P.Dominique Auzenet[1]  والشماس برتران شوديه[2]Bertrand Chaudet  اللذيْن قدّما تقارير ودراسات مفصّلة حول تسلّل فكر العصر الجديد في الكنيسة، ضمن راعوية “المعتقدات الجديدة والإنحرافات البدعوية” التابعة لمجلس الأساقفة الكاثوليك في فرنسا la Pastorale Nouvelles Croyances et Dérives Sectaires de la Conférence des Évêques de France(CEF) ، يؤكّدان فيها على تسلّل فكر الديانات الشرقية ،من خلال العصر الجديد، إلى فكر العديد من اللاهوتيين ومن بينهم الأب أ. غرون.

أيضًا في تقرير قدّمه الكاردينال وليام جوزف ليفادا William J.Levada رئيس مجمع العقيدة والإيمان سنة 2008[3]، نقرأ توضيحًا حول انحرافات  بعض كتابات أنسلم غرون وانتقادًا لها وتحذير المؤمنين منها. والكاردينال ليفادا كما هو معروف، عيّنه البابا بندكتس السادس عشر رئيساً لمجمع العقيدة والإيمان في 13 أيار سنة 2005 وبقي حتّى سنة 2012، وكاردينالاً في 24 آذار 2006. كما عيّنه عضواً في لجنة أنجلة الشعوب في 8 كانون الثاني 2007. ترأس أيضًا اللجنة البابوية Ecclesia Dei التابعة لمجمع العقيدة والإيمان. وهو مشهود له لاستقامة إيمانه وقد حارب بشدّة مؤيّدي حركة المثليين الأميريكية وتشريع زواج من هم من الجنس الواحد والإجهاض والقتل الرحيم.

عنوان التقرير الذي قدّمه الكاردينال ليفادا: “نقد كتابات البندكتي أنسلم غرون” ولقد قمنا بترجمته بتصرّف.

“صاحب النيافة، نقدّم لحضرتكم اقتراحًا بخصوص كتاب أنسلم غرون “من أجل العيش في بيت الحب”

Im Haus der Liebe wohren, To Live in The House of Love، طالبين منكم أن يحظّر هذا الكتاب أو على الأقل أن يتمّ تحذير المؤمنين منه، خصوصًا الكهنة وطلّاب اللاهوت. هذا الكتاب لا يقود إلى التوبة ولا إلى محبة لله خالصة ولا حتى إلى محبة القريب. لكنّه يفتح الذهن لروح دنيء ولروح الوثنية. إنّ مؤلفات أ. غرون، في يومنا الحاضر من أوسع المؤلفات الدينية انتشارًا.

نريد أن نطرح سؤالاً جوهريًا: ما هو الروح الذي وراء الكاتب وكتاباته؟ هل تتوافق كتاباته مع الإنجيل والروح الذي كتب كلمة الله وروح تقليد الآباء القديسين والشهداء والمعترفين؟؟ هل كتابات أ. غرون تقود حقيقةً إلى جوهر الإيمان المسيحي أي إلى التوبة والسعي لاتّباع المسيح؟؟ وهل أولوياتها محورية كلمة المسيح وروحه؟ هل الأمور التي يعلّمها غرون تتوافق حقيقةً مع تقليد الآباء القديسين، أم أنّها على الأرجح تنفتح بدون تحفّظ على روح العالم وروح العصر الجديد New Age؟

+ هل أ. غرون هو رجل الحياة المقدّسة وهل هو متجذّر في المسيح كما هو الرسول بولس؟ أم أنّ هذا المصلح العظيم للإكليروس رجالاً ونساء مؤمنين، ويا للأسف، لديه روح مختلف، روح يتصنّع التقوى الحقيقية ولكن ليس لديه تبعية حقيقية للمسيح ولا حبًا حقيقيًا له؟ إنّ ثمرة هذه الكتابات المشبعَة بروح العصر الجديد، تجعل كلّ ما هو ديني يفقد جوهره ومعناه وهذا ما أبطل الكثير من الدعوات وجعل عددًا كبيرًا يهجرون الأديرة ومن بقي منهم يتغذّى من هذه الروحانية السامة، قد صار أسوأ حالاً ممّن هجروا! قال الرب يسوع: “لأنّ من الثمر تعرف الشجرة” (مت12/ 33). إنّ ثمار كتابات أ. غرون ليست بالتأكيد من الحق ولا تليق بالتوبة (مت3/ 8).

سنة 1995 نشر أ. غرون كتابه: “من أجل العيش في بيت الحب”، إلّا أنّه لا يحدّد بوضوح التعليم المسيحي بخصوص المحبة التي بشّر بها الإنجيل والتي عاشها القدّيسون. إنّ الإستشهادات الواردة فيه من الإنجيل موضوعة في نموذج تفكير لروح غريب ومفسّرة على هذا الأساس.

+ في الفصل الأخير الذي عنوانه: “الحب- هبة” يشير الكاتب إلى نشيد سليمان (نشيد الأناشيد) وإلى نشيد المحبة في الرسالة إلى أهل كورنتوس (1كو13) بشكلٍ كأنّه تعمّد أن لا يميّز بين الحياة الجنسية وانحرافاتها، خطيئة العادة السرية، الزنى، الشذوذ الجنسي، وطقوس الديانات الوثنية من سحر وعرافة وأرواحية وجنس جماعي. على عكسه يعبّر الرسول بولس بوضوح عن هذه الإنحرافات فيقول: “… ولكن الجسد ليس للزنى بل للرب، والرب للجسد… ألستم تعلمون أنّ أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا!… أهربوا من الزنى. كلّ خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، لكن الذي يزني يُخطئ إلى جسده”(1كو6/ 13-18). في الكتاب المقدّس، وردت كلمات واضحة حول العفّة والطهارة المرتبطة بمحبة خالصة للمسيح. على كلّ مسيحي متبتّل أو متزوّج أن تكون له هذه النظرة الواضحة نحو الحياة الجنسية. لقد أوصى المسيح فقال: “قد سمعتم أنّه قيل للقدماء: لا تزنِ. وأما أنا فأقول لكم: إنّ كلّ من ينظر إلى امرأة ليشتهيها. فقد زنى بها في قلبه. فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنّه خيرٌ لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كلّه في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنّه خيرٌ لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كلّه في جهنم” (مت 5 / 27-30). إنّ رمزية قطع اليد أو اقتلاع العين هدفها التشديد على ضرورة إلتزام الجديّة في الجهاد الروحي وإلاّ فالتقاعس سوف يؤدّي بالإنسان حتماً إلى الهلاك الأبدي. بالمقابل يطرح أ. غرون رؤية نقيضة هي فكرة وثنية قديمة ألبسها مصطلحات مسيحية وهي لا تتوافق مع روح الإنجيل ولا مع التقليد الشريف. ينتج عن ذلك الإنحرافات التالية: المستعبد للعادة السرية لن يجاهد ضدّ هذه الخطيئة لاعتقاده أنّه ينمّي موهبةً من الله، والزاني سوف يعتبر الزنى كتطوير لهذه الموهبة، والشاذ جنسيًا سوف يبرّر هذه الخطيئة على أنّها نوع من الحبّ. كلّ هذه الإستنتاجات هي نتيجة لانحراف التفكير بعد قراءة كتاب أ. غرون! والأسوأ من ذلك أنّه يشرّع الأبواب أمام البغاء المقدّس! هذا الروح يعمل من خلال هذا الكتاب بشكلٍ خبيث وفاضح.

يقول مثلاً: “إنّ وصف العروس في نشيد الأناشيد يستعمل تعابير مأخوذة عن آلهة الحب في ديانات الشرق الأقصى… الأسود والنمور كانت دائمًا صورة لعشتار إلهة الحب. هذه الحيوانات تحميها وتجعل من الصعب الوصول إليها… الحب دائمًا إلهي يعبّر عنه بأشكال وصور مختلفة عن آلهة الحب”.

هذه الأقوال وغيرها مقدّمة بشكلٍ جذاب وتفتح مجالاً لتسلّل فكر وثني غير نقيّ كما في العبادات الوثنية. حتّى أنّه لم يوفّر القديس يوحنا الصليب، مستعملاً أقواله بشكل مسيء مع العلم أنّ ما عبّر عنه القديس يوحنا الصليب بخصوص المحبة واضح ولا مجال للإلتباس فيه. فهو يميّز بين الحب الحقيقي وخطيئة الزنى وعدم العفة. كتب أ. غرون: “على فراش الموت، لم يسأل يوحنا الصليب أن تُقرأ له مزامير التوبة بل نشيد الأناشيد… لم يمانع يوحنا الصليب بسماع التعابير الجنسية لهذا النشيد. إنّ فهمه لنشيد سليمان كان يخلو من الخوف من المحرّمات المثيرة. لم يكن هناك أيّ تعتيم على الجنس والإثارة. لقد قبلها على أنّها من الله كعطايا صالحة على الإنسان أن يتقبّلها ليبلغ حبًا أعمق بين الله والإنسان”. إذا قرأ أشخاص متأثرون بالشذوذ الجنسي والإباحية ممّن لم يرتدّوا بالكامل إلى المسيح ولم يتوبوا بعد توبة حقيقية، سيُسيئون فهم ما كتب وسيزدادون تعلّقًا بخطيئتهم. كلام المسيح واضح: “الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبّني، والذي يحبّني يحبّه أبي، وأنا أحبّه وأظهر له ذاتي” (يو 14/ 21). إنّ تمام الوصايا هو في المحبة والمحبة الإنجيلية هي أن يهلك الإنسان نفسه من أجل المسيح ومن أجل الإنجيل (مر8/ 35).

كيف نفهم هذا الكلام؟ التفسير أعطاه الرسل أنفسهم الذين بعد أن نالوا الروح القدس شهدوا للمسيح وللإنجيل بأرواحهم وبذلوا حياتهم ثمنًا لذلك! المسيح أحبّ الله الآب وأحبّنا أيضًا ومات من أجلنا على الصليب. لقد وهبنا كلّ ما له لننال نحن الحياة الأبدية. هذا هو الحبّ الباذل الذي أعطانا مثالاً نحذو حذوه قائلاً: “وصيّة جديدة أنا أعطيكم: أن تحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم أنا. تحبون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا” (يو13/ 34). صُلب الحب بالمسيح ومع المسيح وليس بالخطيئة وللخطيئة!

إنّ أولى وصايا الله: “أحبب الرب إلهك من كلّ قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك…” (مر12/ 30). “لا يكن لكم آلهة غيري” (خر 20/2-3). وهذا الحب لا علاقة له بالروحانية الوثنية وآلهتها ولا علاقة له بالنجاسة والخفائية والبغاء المقدس! لكن، ويا للاسف، اتّخذ المؤلّف منحىً مختلفًا فتح به للقرّاء بابًا لدخول روح الأنانية واللامبالاة وانعدام الطهارة!

إنّ كتابات البندكتي أ. غرون مثل كتابات اليسوعي أ. دي ميللو A. de Mello جذّابة للغاية، لكن يختبىء وراءها روح مختلف عن روح المسيح.

خاتمة: نقترح أن يحظّر كتاب أ. غرون “من أجل العيش في بيت الحب”، أو على الأقلّ أن يتمّ تحذير المؤمنين منه خصوصًا الإكليريكيين والكهنة. هذا الكتاب لا يقود إلى التوبة، ولا إلى محبة خالصة لله، ولا حتى إلى محبة القريب. بل يفتح الذهن على روح دنيء وروح وثنية. في المسيح”.

Fr. Metodej.R.Spirik. Th D. OSBM-Fr. Elias A. Dohnal. Th D. OSBM)

Fr. Markian V. Hitiuk ThLic. OSBM)

نسخات: البابا بندكتس السادس عشر-كرادلة وأساقفة الكنيسة الكاثوليكية- ممثلين عن الكنائس غير الكاثوليكية

العنوان: OSBM monastery, 80660, Pidhirtsi, Brody district, Lvov region, Ukraine-www.community.org.ua

جيزل فرح طربيه- باحثة في البدع

[1]الاب دومينيك أوزينيه كاهن ومقسّم في أبرشية مانس ومسؤول في راعوية المعتقدات الجديدة والانحرافات البدعوية مع الشماس برتران شوديه ومتخصّص في انحرافات بدعة العصر الجديد. له موقع على الانترنت  http://charismata.free.fr/

[2] برتران شوديه هو شمّاس ومعالج kinesitherapeute وعضو في مركز مكافحة الاستغلال العقلي

 CCMM (centre contre les manipulations mentales)  وخبير بانتهاكات بدعة العصر الجديد.

[3] http://www.community.org.ua/dwnld/engAGrun.doc

Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير