غالباً ما يبدو ملكوت الله مُمثّلاً كمأدبة، ويسوع يدعونا للاحتفال معه، لكن غالباً أيضاً ما نختلق أعذاراً لرفض دعوته. هذا ما أشار إليه البابا فرنسيس اليوم في عظته الصباحية التي ألقاها من دار القديسة مارتا، بحسب ما نشره القسم الفرنسي التابع لموقع “فاتيكان نيوز” الإلكتروني.
إنجيل اليوم (بحسب الطقس اللاتيني) مُقتبس من إنجيل القديس لوقا الفصل 14، وهو يتمحور حول غداء أو وليمة حضّرها كبير الفرّيسيّين ودعا يسوع إليها. ولهذه المناسبة، كان يسوع قد شفى مريضاً، ولاحظ أنّ العديد من المدعوّين كانوا يبحثون عن الجلوس في المقاعد الأولى. لذا، أوصى الفرّيسيّين بدعوة الآخِرين إلى الغداء، أي مَن يعجزون عن ردّ الدعوة.
الرفض المزدوج
وفي لحظة من اللحظات، قال أحد المدعوّين: “هنيئاً لِمَن يجلس إلى المائدة في ملكوت الله”. وهنا، أخبرهم يسوع قصّة رجل حضّر عشاء كبيراً ودعا كُثراً، وكان خدّامه يقولون للمدعوّين: “تعالوا، كلّ شيء مُهيّأ”. إلّا أنّ الجميع بدأوا يجدون الأعذار كي لا يحضروا، أحدهم لأنّه اشترى حقلاً، والآخر لأنّه تزوّج… “أعذار وأعذار. “العذر” كلمة مهذّبة كي لا نقول “أنا أرفض”. رفضوا جميعاً، لكن بطريقة مهذّبة. عندها، بعث السيّد الخدّام إلى الشارع ليدعوا الفقراء والمرضى والعرج فوصلوا إلى الحفلة.
من ناحيته، عبّر السيّد عن رفضه النهائيّ للمدعوّيين الأوّلين. وعلى هذا الرفض أن يجعلنا نفكّر في المرّات التي دعانا فيها يسوع للاحتفال معه ولنكون قريبين منه ولنغيّر حياتنا. تخيّلوا أنّه بحث عن أقرب أصدقاء له، ورفضوا. بعدها، بحث عن المرضى فأتوا. مرّات عديدة، نحن نسمع نداء يسوع للذهاب إليه أو للقيام بعمل خير أو للصلاة أو للقائه فنقول: اعذرني، أنا منهمك ولا وقت لديّ. وغداً، لا أستطيع… فيبقى يسوع مكانه”.
مراراً نختلق أعذاراً مع يسوع
هنا، تساءل البابا “كم من مرّة طلبنا من يسوع أن يعذرنا عندما ينادينا للقائه وللتكلّم. نحن أيضاً نرفض دعوة يسوع… فليفكّر كلّ منّا كم مرّة سمع همس الروح القدس ووجد عذراً للرفض والاعتذار!”
يسوع طيّب لكنّه عادل
وأعلن البابا فرنسيس أنّه “في النهاية، سيدخل ملكوت السموات مَن لا يرفض يسوع، أو مَن لا يرفضه يسوع”.
ولِمَن يعتقد أنّ يسوع طيّب جداً إلى درجة أنّه يسامح على كلّ شيء، اعترض البابا قائلاً: “صحيح أنّه طيّب ورحوم، لكنّه عادل. وإن أغلقتَ باب قلبك من الداخل، لن يمكنه فتحه لأنّه يحترم قلبنا للغاية. إنّ رفض يسوع أشبه بإقفال الباب من الداخل وعدم السماح له بالدخول. ولا أحد منّا، بدءاً من اللحظة التي يرفض فيها يسوع، يفكّر في ذلك ويدرك أنّه أقفل الباب واحتجز يسوع”.
بموته، دفع يسوع ثمن المأدبة
من ناحية أخرى، ختم البابا عظته بلفت الانتباه إلى عنصر معرفة مَن دفع ثمن المأدبة… “إنّه يسوع. والقدّيس بولس في القراءة الأولى جعلنا نرى فاتورة هذه الحفلة عبر التكلّم عن يسوع الذي أفرغ نفسه وأصبح خادماً، وتواضع حتّى الموت على الصليب. فبحياته، دفع يسوع ثمن الحفلة. وإن كنّا نميل إلى القول له “لا يمكنني الحضور”، عندها، فليمنحنا الرب نِعمة فهم لغز قساوة القلب والعِناد والرفض، ونِعمة البكاء”.