“أن نشهد هو كسر عادة ما وأسلوب حياة. لهذ السبب تتقدّم الكنيسة لكي تشهد. الشهادة تجذب وليس الكلمات. بالطبع، هذه الأخيرة تساعد، إنما الشهادة هي التي تجذب وتنمّي الكنيسة. أعطى يسوع شهادة وكان هذا الأمر جديدًا وقتئذٍ مع أنّ رحمة الله كانت موجودة أيضًا في العهد القديم. هؤلاء علماء الشريعة لم يفهموا أبدًا ما معنى: “أريد رحمة لا ذبيحة”. كانوا يقرؤونها من دون فهم معنى الرحمة وكان يعلن يسوع هذه الرحمة من خلال شهادته.
وكرّر البابا: “الشهادة تكسر دائمًا عادة وتجعلك تأخذ المخاطر”.
عوض حلّ النزاع، نثرثر
أثارت شهادة يسوع الثرثرة فكان يقول الفريسيون والكتبة وعلماء الشريعة: “إنه يستقبل الخطأة ويأكل معهم”. لم يقولوا: “ولكن أنظر، إنّ هذا الرجل يبدو طيّبًا، هو يحاول أن يهدي الخطأة”. إنه تصرّف يفرض دائمًا القيام “بتعليق سلبي من أجل تدمير الشهادة” وخطيئة التذمّر هي يومية. في حياتنا اليومية، نواصل التذمّر لأنّ “هذا لا يعجبنا وذاك يزعجنا” وعوض التحاور أو “البحث عن حلّ النزاع، نثرثر في الخفاء، دائمًا بصوت منخفض، لأننا لا نملك شجاعة التحدّث بوضوح”. وهذا يحصل في “المجتمعات الصغيرة” و”الرعايا”. “كم نثرثر في الرعايا؟ عن الكثير من الأمور، مسلّطًا الضوء على أنه “عندما لا تعجبني شهادة ما أو شخص ما، يتسلسل التذمّر في الحال”.
ثم استنكر البابا “الصراعات الداخلية في الأبرشيات” والنزاعات داخل الأبرشية الواحدة. هذا فضلاً عن السياسة… عندما لا تكون الحكومة صادقة وتسعى إلى تشويه الأعداء بالتذمّر إن من خلال الافتراء أو الاغتياب… وبالتالي فالتذمّر هو خبزنا اليومي إن كان على الصعيد الشخصي أو العائلي أو كرعية أو أبرشيّة..
طلب يسوع
يوجد مهرب حتى لا ننظر إلى الواقع، ولا نسمح للناس أن يفكّروا. يسوع يعرف ذلك، إنما في طيبته، “فعوض الحكم عليهم على تذمّرهم، طرح سؤالاً. ليس مثل الفريسيين الذين طرحوا أسئلة “بنية سيئة” “حتى يوقعوه”. سألهم يسوع: “أيُّ امرِئٍ مِنكُم إِذا كانَ لَهُ مائَةُ خَروفٍ فَأَضاعَ واحِدًا مِنها، لا يَترُكُ التِّسعَةَ وَالتِّسعينَ في البَرِّيَّة، وَيَسعى إِلى الضّالِّ حَتّى يَجِدَهُ؟”
راح الفريسيون يحسبون. إنه المنطق الفريسي، منطق علماء الشريعة. لقد اختاروا عكس يسوع. بالنسبة إليهم، يجب عدم مخاطبة الخطأة والعشّارين فهم يفضّلون عدم تدنيس أنفسهم بهم. كان يسوع ذكيًا في طرحه السؤال فهو يدخل في حالاتهم القانونية ويتركهم في موقف مختلف عن الموقف الصحيح. “أي امرئ منكم؟” ولا أحد منهم سيجيب: “نعم هذا صحيح” وإنما “لا انا لن أقوم بذلك” ولذلك هم غير قادرين على المغفرة وعلى أن يكونوا رحماء.
وختم الأب الأقدس عظته مذكّرًا بالكلمات الثلاث التي تمحورت حولها عظته: “الشهادة التي تستفزُّ وتجعل الكنيسة تنمو، والتذمّر الذي يشكّل حاجزًا في داخلنا حتى لا تلمسنا الشهادة وسؤال يسوع”. وذكّر البابا أيضًا بكلمة أخرى فرح العيد الذي لا يعرفه هؤلاء الأشخاص أي جميع الذين يتبعون درب علماء الشريعة وهم لا يعرفون فرح الإنجيل؛ وخلص البابا إلى القول ليُفهمنا الرب منطق الإنجيل الذي يتعارض مع منطق العالم.