Audience Générale Du 17 Avril 2019 © Vatican Media

البابا: إلى عنايته التي لا تنضب نوكل حاضر ومستقبل الشعبين اللذين زرتهما في الأيام الأخيرة

النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 8 أيار

Share this Entry

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير!

لقد عدتُ مساء أمس من زيارة رسوليّة دامت ثلاثة أيام وقادتني إلى بلغاريا ومقدونيا الشماليّة. أشكر الله لأنه سمح لي بأن أقوم بهاتين الزيارتين، وأجدّد امتناني للسلطات المدنيّة لهذين البلدين اللذين استقبلاني بمودّة وجهوزيّة. كذلك أتوجّه بشكر من القلب للأساقفة وجماعاتهم الكنسية على الدفء والاكرام اللذين بهما رافقوا حجي.

في بلغاريا قادتني الذكرى الحيّة للقديس يوحنا الثالث والعشرين الذي أُرسل إلى ذلك البلد عام ١۹٢٥ كقاصد رسولي. إذ حرّكني مثاله في اللطف والمحبّة الراعويّة، التقيت بذلك الشعب، المدعو ليكون جسرًا بين أوروبا الوسطى والشرقيّة والجنوبيّة؛ تحت شعار “السلام في الأرض” دعوتُ الجميع للسير على درب الأخوّة، وعلى هذه الدرب بشكل خاص فرحت بالقيام بخطوة إلى الامام في اللقاء مع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسيّة البلغاريّة نيوفيت وأعضاء السينودس المقدّس. في الواقع، إنَّ دعوتنا ورسالتنا هما أن نكون علامة وأداة وحدة، ويمكننا أن نكون كذلك بمساعدة الروح القدس مُفضِّلين ما يجمعنا على ما قسمنا ولا زال يقسمنا.

إنَّ بلغاريا الحالية هي إحدى الأراضي التي بشَّرها القديسان كيرلُّس وميتوديوس اللذين وضعهما القديس يوحنا بولس الثاني إلى جانب القديس بندكتس شفعاء لأوروبا. في صوفيا وفي الكاتدرائيّة البطريركيّة للقديس ألكسندر نيفيسكي توقّفت للصلاة أمام صورة الأخوين القديسين. هما من أصل يوناني، من تسالونيقي، وعرفا أن يستعملا بإبداع ثقافتهما لينقلا الرسالة المسيحيّة إلى الشعوب السلافيّة؛ ابتكرا أبجديّة جديدة ترجما من خلالها الكتاب المقدّس والنصوص الليتورجية إلى اللغة السلافيّة. هناك اليوم أيضًا حاجة لمبشِّرين شغوفين ومُبدعين لكي يصل الإنجيل إلى الذين لم يعرفوه بعد ويتمكّن من أن يروي مجدّدًا الأراضي حيث جفّت الجذور المسيحيّة القديمة. بهذا الأفق احتفلت مرّتين بالإفخارستيا مع الجماعة الكاثوليكية في بلغاريا وشجّعتها لكي ترجو وتكون مصدر حياة.

آخر لقاء في الزيارة إلى بلغاريا تمّ مع ممثِّلين عن مختلف الديانات: طلبنا من الله عطيّة السلام فيما حملت مجموعة من الأطفال مشاعلاً مُضيئة كعلامة للإيمان والرجاء.

*****

في مقدونيا الشماليّة رافقني الحضور الروحي القوي للأم تريزا دي كالكوتا التي وُلدت في سكوبييه عام ١۹١٠، وهناك في رعيّتها نالت أسرار التنشئة المسيحية وتعلّمت أن تُحبَّ يسوع. في تلك المرأة الصغيرة وإنما المليئة بالقوّة بفضل عمل الروح القدس، نرى صورة الكنيسة في ذلك البلد وفي ضواحي أخرى من العالم: جماعة صغيرة، بنعمة المسيح، تصبح بيتًا يستقبل وحيث يجد الكثيرون الراحة لحياتهم. عند النصب التذكاري للأم تريزا صلّيت في حضور قادة دينيين آخرين ومجموعة كبيرة من الفقراء وباركت الحجر الأول لمزار مكرّس لها.

مقدونيا الشمالية هو بلد حرّ منذ عام ١۹۹١، وقد سعى الكرسي الرسولي أن يدعمه منذ بداية مسيرته. بزيارتي أردتُ أن أشجّع بشكل خاص قدرته التقليدية على استقبال انتماءات اثنية ودينية مختلفة؛ كذلك أيضًا التزامه في استقبال وإنقاذ عدد كبير من المهاجرين واللاجئين خلال المرحلة الصعبة بين عامي ٢٠١٥ و٢٠١٦. هناك استقبال كبير وهم يملكون قلبًا كبيرًا. إن المهاجرين يخلقون لهم مشاكل ولكنّهم يستقبلونهم ويحبونهم ويحلّون المشاكل. وهذا شيء عظيم يتحلّى به هذا الشعب. لنصفّق له.

بلد شاب من وجهة نظر مؤسساتيّة، بلد صغير ويحتاج للانفتاح على آفاق واسعة بدون أن يفقد جذوره. لذلك كان من المهمِّ أن يتمَّ هناك اللقاء مع الشباب. شباب وشابات من مختلف الطوائف المسيحية ومن ديانات أخرى أيضًا – مسلمون على سبيل المثال – جميعهم تجمعهم الرغبة في بناء شيء جميل في الحياة. لقد حثّيتُهم على أن يحلموا بأمور كبيرة ويخاطروا، تمامًا كالشابة أنييزيه – التي أصبحت الأم تريزا في المستقبل – من خلال الإصغاء إلى صوت الله الذي يتكلّم في الصلاة وفي جسد الإخوة المعوزين. لقد تأثّرت عندما ذهبت لزيارة راهبات الأم تريزا: لقد كُنَّ مع الفقراء، وتأثّرتُ بالحنان الإنجيلي لهذه النساء. هذا الحنان يولد من الصلاة والعبادة. هنَّ يستقبلن الجميع ويشعرنَ أنّهنَّ أخوات وأمَّهات للجميع، ويقمنَ بذلك بحنان. كثيرًا ما نفقد نحن المسيحيون بعد الحنان هذا؛ وعندما يغيب الحنان نصبح قاسين. هؤلاء الراهبات مفعمات بالحنان ويقمنَ بأعمال المحبّة، وإنما المحبة كما هي بدون إخفاء أي شيء. أما عندما نقوم بعمل محبّة بدون حنان ومحبّة، نكون كمن رمى كأس خلٍّ على عمل المحبة الذي قام به. إن المحبة فرحة وليست لاذعة. هؤلاء الراهبات هنَّ مثالاً جميلاً. ليباركهنَّ الله جميعًا.

بالإضافة إلى شهادات حياة الشباب، استمعت أيضًا في سكوبييه إلى شهادات حياة الكهنة والمكرّسين. رجال ونساء بذلوا حياتهم في سبيل المسيح. بالنسبة لهم عاجلاً أم آجلاً ستأتي تجربة القول: “يا رب، ما هي عطيّتي الصغيرة هذه إزاء مشاكل الكنيسة والعالم؟” لذلك ذكّرتهم بأن القليل من الخمير يمكنه أن يخمّر العجينة كلّها، وأن القليل من العطر، الصافي والمركّز، يملأ الجوّ كلّه برائحة زكيّة.

إنّه سرُّ يسوع –الإفخارستيا، بذرة حياة جديدة للبشريّة بأسرها. في القداس الإلهي الذي احتفلنا به في ساحة سكوبييه جدّدنا، في إحدى ضواحي أوروبا اليوم، معجزة الله الذي بواسطة القليل من السمك ومن أرغفتنا المكسورة والمتقاسمة، يشبع جوع الجموع. إلى عناية الله التي لا تنضب نوكل حاضر ومستقبل الشعبين اللذين زرتهما في هذه الزيارة. وأدعوكم جميعًا لنرفع الصلاة إلى العذراء لكي تبارك هذين البلدين: بلغاريا ومقدونيا الشماليّة.

****

Speaker:

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لقد عدتُ مساء أمس من زيارة رسوليّة دامت ثلاثة أيام وقادتني إلى بلغاريا ومقدونيا الشماليّة. في بلغاريا قادتني الذكرى الحيّة للقديس يوحنا الثالث والعشرين الذي أُرسل إلى ذلك البلد عام ١۹٢٥ كقاصد رسولي. إذ حرّكني مثاله في اللطف والمحبّة الراعويّة، التقيت بذلك الشعب، المدعو ليكون جسرًا بين أوروبا الوسطى والشرقيّة والجنوبيّة؛ وتحت شعار “السلام في الأرض” دعوتُ الجميع للسير على درب الأخوّة، وعلى هذه الدرب بشكل خاص فرحت بالقيام بخطوة إلى الامام في اللقاء مع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسيّة البلغاريّة نيوفيت وأعضاء السينودس المقدّس. إنَّ بلغاريا الحالية هي إحدى الأراضي التي بشَّرها القديسان كيرلُّس وميتوديوس اللذين وضعهما القديس يوحنا بولس الثاني إلى جانب القديس بندكتس شفعاء لأوروبا. هناك اليوم أيضًا حاجة لمبشِّرين شغوفين ومُبدعين لكي يصل الإنجيل إلى الذين لم يعرفوه بعد ويتمكّن من أن يروي مجدّدًا الأراضي حيث جفّت الجذور المسيحيّة القديمة. بهذا الأفق احتفلت مرّتين بالإفخارستيا مع الجماعة الكاثوليكية في بلغاريا وشجّعتها لكي ترجو وتكون مصدر حياة. أما في مقدونيا الشماليّة فقد رافقني الحضور الروحي القوي للأم تريزا دي كالكوتا التي وُلدت في سكوبييه عام ١۹١٠، وهناك في رعيّتها نالت أسرار التنشئة المسيحية وتعلّمت أن تُحبَّ يسوع. في تلك المرأة الصغيرة وإنما المليئة بالقوّة بفضل عمل الروح القدس فيها، نرى صورة الكنيسة في ذلك البلد وفي ضواحي أخرى من العالم: جماعة صغيرة، بنعمة المسيح، تصبح بيتًا يستقبل وحيث يجد الكثيرون الراحة لحياتهم. مقدونيا الشمالية هو بلد حرّ منذ عام ١۹۹١، وقد سعى الكرسي الرسولي أن يدعمه منذ بداية مسيرته. بزيارتي أردتُ أن أشجّع بشكل خاص قدرته التقليدية على استقبال انتماءات اثنية ودينية مختلفة؛ كذلك أيضًا التزامه في استقبال وإنقاذ عدد كبير من المهاجرين واللاجئين. في مقدونيا الشماليّة التقيت بالشباب وحثّيتُهم على أن يحلموا بأمور كبيرة ويخاطروا، من خلال الإصغاء إلى صوت الله الذي يتكلّم في الصلاة وفي جسد الإخوة المعوزين. أما في القداس الإلهي الذي احتفلنا به في ساحة سكوبييه فقد جدّد مرّة أخرى، في إحدى ضواحي أوروبا اليوم، معجزة الله الذي بواسطة القليل من السمك ومن أرغفتنا المكسورة والمتقاسمة، يشبع جوع الجموع. إلى عنايته التي لا تنضب نوكل حاضر ومستقبل الشعبين اللذين زرتهما في هذه الزيارة.

*****

Speaker:

أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللّغةِ العربيّة، وخاصةً بالقادمينَ من الشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، إنَّ الرب لا يتعب أبدًا من دعوتنا. إنّه قوة الحب التي قلبت كلَّ انتظار وتعرف كيف تبدأ من جديد. بيسوع يسعى الله لأن يعطينا إمكانيّة على الدوام وهو يدعونا يوميًّا لنعيش مجدّدًا قصّة حبَّنا معه.ليبارككم الرب!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019

 


© Copyright – Libreria Editrice Vaticana

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير